الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في البداية، اود ان اشيد بالتنظيم والتطور الذي شهدته السوق المالية، والذي حفز مزيدا من الطروحات والذي جذب مزيدا من الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء، لم نصل للكمال، ولن نصله، فالكمال مستحيل، ولكن العمل المؤسساتي في كافة قطاعات الدولة، وهنا تحديدا هيئة السوق المالية، كفيلة باستمرار دوران عجلة التطوير، وطالما كانت العجلة تدور، فسنصل الى مصاف أكبر ثلاث أسواق بحلول عام 2030 بإذن الله، نحن قادرون، وسنصل لا محالة.
لا يخفى على كثير من متابعي السوق خروج اعلانات لشركات مدرجة برفض ابراء ذمة اعضاء مجلس الادارة، وهنا أود التأكيد على أن إدارة شؤون الشركة أمر يخص مساهميها، وينبغي عدم التدخل به إلا في حدود دنيا وضمن نطاق ضيق بغرض الإفصاح والمساعدة وحفظ حقوق ( العموم) في الشركات المدرجة. مقالي هذا ليس دعوة للتدخل في شؤون الشركات معاذ الله، بل الهدف منه إضفاء (مزيدا من الإفصاح) والعمل على حفظ حقوق العموم في الشركات المدرجة. وعودة لموضوع حفظ حقوق العموم، لا ينبغي أن يعقب حالة عدم إبراء ذمة مجلس الإدارة، إجراءات معينة؟ في مقالي سأقترح بعضها.
لماذا لا يكون هناك تشريع يلزم أعضاء مجلس الادارة الذين رفضت جمعياتهم العمومية إبراء ذممهم على ذكر هذا الأمر حين الترشح لشركة مدرجة اخرى في سيرتهم الذاتية؟ فعدد شركات السوق أكثر من 200 شركة، ومن غير المنطقي أن نفترض ان مساهمي السوق يتابعون كل اخبار الجمعيات العمومية للشركات المدرجة، وبما أن الأمر يتعلق برفض إبراء ذمة، اعتقد انه ينبغي ان يفصح عن هذا الأمر في السيرة الذاتية لهذا العضو المرشح لمجلس آخر، ألا يبدو هذا منطقي؟ وفي حالة عدم التزام العضو بهذا الإفصاح يمنع من الترشح لعدد من السنين (سنتين مثلا). و هناك خيارات اخرى لا يمنع ابدا من النظر بها. كأن تقوم هيئة السوق المالية بمراجعة مهام وأعمال المجلس الذي رفضت الجمعية إبراء ذمتها، والتدقيق فيها، ومحاسبة المجلس عن اي تقصير يتبين للهيئة من خلال أعمال التدقيق والمراجعة، على أن تعلن نتائج المراجعة في تداول مع العقوبات المسنة حيال المخالفات (ان وجد).
بالامكان سن التشريع المناسب وفق دراسة تقوم بها الهيئة بعد النظر في هذا الأمر، ولكن ان تترك الأمور ليتحول هذا البند لمجرد (استبيان رضى من عدمه) او كبند (للتنفيس عن المشاعر)، ففي رأيي هذا غير مناسب.
بند إبراء الذمة حساس جدا، وينبغي على المساهمين التعامل معه بجدية، والتصويت عليه ينبغي النظر به بإمعان، ولا شك نتائج التصويت ينبغي أن تؤخذ بجدية. من المهم ان يقوم المساهمين بواجباتهم في البحث والتقصي، فهذه شركاتهم وهذه أموالهم، ونرجو من جميع اعضاء مجالس الادارات استشعار حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وينبغي عليهم العمل بصدق وامانة بما يحقق ذلك، والسواد الأعظم من المجالس كذلك، والسواد الأعظم منهم منارات وايقونات اقتصادية ومهنية يشع منها الضياء.
سوق الأسهم لا شك مهم للتنمية المالية والاستثمار، وكثير من المدخرات والاستثمارات المحلية والأجنبية تتوجه له، ولدينا خطة طموحة لأن يكون سوقنا في مصاف أكبر 3 أسواق في العالم، ونريد رفع نسبة تملك الأجانب لما في ذلك من الاستفادة من خبراتهم في الادارة والاستثمار وغيرها، ونريد مزيدا من الطروحات التي تحقق للسوق مزيدا من التنوع في القطاعات والشركات بما يعمق من السوق ويحقق له مزيدا من الاستقرار والنمو المبني على النتائج، وغير ذلك الكثير، ولكن هذا لن يتم إلا بإيجاد بيئة تشريعية محكمة وتفصيلية واضحة وشفافة ومعلنة يمكن البناء عليها واتخاذ القرار المناسب للمتداولين من مستثمرين ومضاربين بناء عليها. السوق سيظل بحاجة لمزيد من التشريعات والأنظمة الى الأبد، لأنه وبكل بساطة المتغيرات مستمرة للأبد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال