الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
دار حديث بين الصديق العزيز المهذب الأنيق الدكتور أحمد الحازمي ليلة الإثنين 5 مايو 2023 وبيني عن موضوع يهمني، وعرفت من خلال حديثنا أنه يتواجد في الرياض مع أنه من أهالي وسكان المنطقة الغربية وجدة بالذات وله نشاط اقتصادي بها. وتطرق الحديث إلى قوله: لن تصدق حجم الهجرة من المدن الرئيسية مثل (جدة) إلى(الرياض)، وأكمل: كانت الهجرات قديما من القرى والهجر إلى المدن بحثا عن فرص عمل، أما الآن فالهجرة من المدن الرئيسية إلى الرياض، قاطعته: الرياض هي (المطبخ إن جاز لي استخدام تلك التسمية)، ثم أردف قائلا: وورشة عمل لا تنام. وأضاف إلى معلوماتي معلومة جميلة ألا وهي “التفكير الشبكي”، الذي عنونت به هذه الخربشة ونصحني بقراءة كتاب بيل قيتس الأعمال سرعة الخاطرة ترجمة ومراجعة د.فتحي بن حمد شتوان، وأرسل لي مشكورا ملخصا للكتاب.
أتابع يوميا قناة الإخبارية ولا يكاد يمر أسبوع كامل من دون أن أرى مؤتمرا أو منتدى أو حراكا علميا وثقافيا وتكنولوجيا واقتصاديا. أصبحت الرياض مركزا لكل شيء من لا شيء. أصبحت الرياض قبلة لكل الأطياف الاستثمارية على مختلف توجهاتها من شركات عالمية تريد صناعة المستقبل الذي لا يعرف مستحيلا في أجندة محمد بن سلمان، أو لقاءات علمية و ثقافية وسياحية تهدف إلى التطوير والوصول إلى تحقيق رؤية 2030، فمحمد بن سلمان في سباق مع الزمن ولا أبالغ إذا قلت أنه يسيطر على عجلة الزمن.
وبحثت عن (التفكير الشبكي) لأستزيد وأضيف إلى معلوماتي شيئا لا أعرفه لأن المعلم يموت وهو يتعلم:
Networked thinking is an explorative approach to problem-solving, whose aim is to consider the complex interactions between nodes and connections in a given problem space. Instead of considering a particular problem in isolation to discover a pre-existing solution, networked thinking encourages non-linear, second-order reflection in order to let a new idea emerge
(التفكير الشبكي هو نهج استكشافي لحل المشكلات، يهدف إلى النظر في التفاعلات المعقدة بين التقاطعات والاتصالات في مساحة مشكلة معينة. بدلا من النظر في مشكلة معينة بمعزل عن غيرها لاكتشاف حل موجود مسبقا، يشجع التفكير الشبكي التفكير غير الخطي من الدرجة الثانية من أجل السماح لفكرة جديدة بالظهور. والنظر لأي موضوع نظرة مركبة، تتداخل فيها جملة من المعطيات والعناصر، فتكون هذه النظرة أشبه بشبكة تترابط خيوطها هنا وهناك، لكنها جميعا يؤثر بعضها في بعض ويتأثر بعضها ببعض.)
ذلك ما يقوم به محمد بن سلمان.
تفكير شبكي معقد تتقاطع فيه الأفكار والتوجهات والوسائل والمصاعب والأهداف، لكن تنفيذه سلس وسهل، ونرى ذلك في النتائج الملموسة التي تظهر لنا كل شهر. وما يميز ذلك التفكير الشبكي الذي يتمتع به محمد بن سلمان والفريق الذي يعمل معه أنه ينظر إلى النتائج بناءً على المعطيات التي يتم الإعلان عنها في صيغ وجيزة (خير الكلام ما قل ودل) والعبرة كما يقولون بالنتائج.
ذلك التفكير الشبكي يشمل الدولة كلها، وإن كانت الرياض هي (المطبخ) وباقي المدن تجني ثمار أو تستمتع بما لذ وطاب على موائد الحاضر والمستقبل من مشاريع جبارة تفوق الخيال، بل أستطيع القول أنه الخيال نفسه.
Engineers, accountants, scientists, and subject matter experts, should not be considered members of a “company function”. Rather, they should be seen as valuable competencies that can be deployed for the goal of the whole company. These resources, ALL the resources, should be available for whatever “project” the company needs to accomplish.
(لا ينبغي اعتبار المهندسين والمحاسبين والعلماء وخبراء الموضوع أعضاء في “وظيفة الشركة”. بدلا من ذلك، ينبغي أن ينظر إليها على أنها كفاءات قيمة يمكن نشرها لتحقيق هدف الشركة بأكملها. يجب أن تكون هذه الموارد، جميع الموارد متاحة لأي “مشروع” تحتاج الشركة إلى إنجازه.)
ما يقوم به محمد بن سلمان هو النظر إلى أفراد المجتمع أعضاء في وظيفة الشركة وهنا الشركة هي المملكة العربية السعودية، الكيان الكبير فالكل يساهم حسب استطاعته ومعرفته وقدراته الفردية، ومن لم يستطع فلن يحرم من النتيجة.
(إن فُرقاً محفزة تحفيزاً عاليا تستفيد الآن من تفكير كل فرد.)1
يقول بيل غيتس:( العقد الأول من الألفية الجديدة سيكون عن السرعة؛ السرعة التي ستتغير بها طبيعة الأعمال. السرعة التي سنزاول بها الأعمال نفسها. الكيفية التي ستغير بها سهولة الحصول على المعلومات أسلوب حياة العملاء وتوقعاتهم من العمل التجاري. سوف تتحقق التحسينات في النوعية وفي إجراءات الأعمال على نحو أسرع بكثير. إن طبيعة الأعمال ذاتها تتغير عندما تكون الزيادة في سرعة الأعمال كبيرة بالقدر الكافي.)2
ذكرت أن محمد بن سلمان في سباق مع الزمن، ويتطلب ذلك سرعة في التفكير مع التنفيذ، وأضيف إلى كلام بيل قيتس عاملا مهما جدا: الدقة مع السرعة، فما يقوم به محمد بن سلمان والفريق الذي يعمل به هو السرعة في التنفيذ، لكن الأهم الدقة في العمل وإنجازه، لئلا تكون هناك أخطاء فادحة تكلف الكثير، وإن كانت هناك أخطاء فهي بسيطة ومتوقعة لا تؤثر بشكل كبير على الخطط الموضوعة وتنفيذها والنتيجة.
ويضيف ييل جيتس:
(أما الآن ونحن على عتبة القرن الحادي والعشرين فإن أدوات العصر الرقمي واتصاليته تتيح لنا طريقة للحصول بسهولة على المعلومات والمشاركة فيها والتعامل بها بطرق جديدة وعجيبة. لأول مرة بات من الممكن وضع كل ضروب المعلومات ـ أرقام ونص وصوت وصورة ـ في شكل رقمي يستطيع أي حاسوب تخزينه ومعالجته وإرساله قُدما ولأول مرة تقوم معدات قياسية مجتمعة مع منصة برمجيات قياسية بخلق اقتصاديات حجم تتيح حلولاً حاسوبية قوية.)3
وهذه نقطة هامة جدا، فقد استفاد وسخر محمد بن سلمان (الرقمنة) في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وما يتبعها، وأبلغ مثالين على ذلك هما: وزارة الداخلية، ووزارة العدل اللتان تقفان في أول المنظومة في تطبيق الرقمنة ومثال يحتذى ليس فقط على مستوى محلي بل إقليمي وعالمي.
ثم يتحدث عن “الجهاز العصبي الرقمي”. (والجهاز العصبي الرقمي هو المكافئ الرقمي في الشركات لجهاز الإنسان العصبي؛ وهو بذلك يوفر تدفقاً إلى الجزء من المعلومات متكاملًا تكاملا جيدا إلى الجزء المناسب من المؤسسة في الوقت المناسب. يتألف الجهاز العصبي الرقمي من العمليات الرقمية التي تتيح للشركة أن تعي ما يحيط بها وتتفاعل معه وأن تحس بتحديات المنافسين واحتياجات العملاء وأن تدبر ردوداً مواتية. )4
ويوجه عدة نصائح منها:
(قايض بالمعلومات الوقت؛ قلل زمن الدورة باستخدام المعاملات الرقمية مع كل الموردين والشركاء وقم بتحويل كل عملية من عمليات الشغل إلى نظام “التسليم في الوقت المناسب”. )
ونلحظ ذلك في التعاملات التي تقوم بها وزارة الطاقة ممثلة في شركة أرامكو وما يتبعها فالتسليم مع الجودة والدقة والسرعة في الوقت المناسب.
(أن أي شركة ينبغي أن ينظر إليها على أنها شبكة من المشاريع ذات الهدف العالمي المتمثل في تعظيم إنتاجية الشركة)، وهو ما يقوم به محمد بن سلمان في الواقع، حيث بدأ منذ 2016 في وضع هدف ورؤية مستقبلية للمملكة العربية السعودية، وأعاد تصميم الطريقة التي تعمل بها كل المؤسسات الحكومية والتابعة لها مباشرة وغير مباشرة. وذلك لتسريع إكمال المشروع. وهي الوسيلة لدمج موارد الدولة والتحكم فيها ونشرها.
تفكير شبكي + رقمنة+ جهاز عصبي رقمي+ دقة+ سرعة هي الصفات التي (يتمتع ببعض منها) وسخر محمد بن سلمان البعض للوصول إلى رؤيته التي كانت تبدو مستحيلة في نظر الكثير، وجعلت منه شخصية تعمل أكثر مما تتكلم، وتجعل من المستحيل ممكنـا، وشهد بذلك الكثير ممن كانوا يرون أن ما يفكر به هو ضرب من الخيال.
قبل 50 سنة كنت أسمع المذيع في الصباح في المذياع يقول: هنا إذاعة المملكة العربية من السعودية من الرياض، وأما الآن أستطيع القول: هنا الرياض قلب المستقبل ومركز العالم.
…………
1،2،3،4 من كتاب الأعمال بسرعة الخاطرة تأليف بيل جيتس، ترجمة ومراجعة دكتور فتحي بن محمد شتوان.
الشكر كل الشكر للصديق الأنيق الدكتور أحمد الحازمي على تحفيزه لي لكتابة هذه الخربشة
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال