الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
دُشنت رابطة الشراكة العالمية من أجل التعاون الإنمائي الفعال (Global Partnership for Effective Development Co-operation)، بناء على اتفاق أكثر من 161 دولة و 56 منظمة فيما يعرف (وثيقة نيروبي في عام 2011م) ، وتعمل هذه الشراكة GPEDC على أربعة مبادئ للتعاون الإنمائي الفعال تشمل ملكية الدولة، والتركيز على النتائج، والشراكات الشاملة، والشفافية والمسؤولية المشتركة، وتدار عبر العمل المشترك بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنميةOECD وهي تساعد على تتبع التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الشراكات التنموية لدعم الأهداف، ويتم من خلالها التقييم الدوري لفعالية التعاون الإنمائي في كل دولة. بينت هذه الشراكة أن المملكة العربية السعودية تعمل حاليًا على تقديم استراتيجية وطنية للتعاون الإنمائي، تتماشى مع رؤية المملكة 2030 وأجندة التنمية المستدامة 2030.
وذلك انطلاقاً من تقييم منظمة OECD لسياسة المساعدات في المملكة وأشارت كل من الشراكة والمنظمة الى أنه حتى يتم إطلاق الاستراتيجية، فان جميع الجهات الفاعلة الرئيسية تواصل دورها وجهودها في مجال التعاون الإنمائي، لا سيما الصندوق السعودي للتنمية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تقديم التعاون الإنمائي. وأن هذه الجهات تقدم مساعداتها بشكل ثنائي، وتسهم المملكة أيضًا في دعم نظام التنمية متعدد الأطراف، من خلال البنك الإسلامي للتنمية ومنظمات الأمم المتحدة والبنك الدولي.
يتم تقديم المساعدات التنموية في المملكة وفقاً لمنظومة من عدة جهات لها مصادر تمويل، إما من خلال المالية والموارد العامة أو عن طريق التبرعات من أفراد المجتمع وحصيلة الأوقاف والأعمال التطوعية وتبادل الخبراء وإسهامات المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص، ويتم تقديم تلك المساعدات على شكل قروض ومنح تنموية، وودائع، وتمويل ميسر للتجارة، والإسهامات المالية، والتبرعات النقدية والعينية، والأعمال التطوعية وتبادل الخبرات، وفيما يلي موجز عن اتجاهات المساعدات التنموية حسب نوعها:
تمويل المشاريع الإنمائية
يقوم بتقديم هذه التمويلات الصندوق السعودي للتنمية والبرنامج السعودي لتنمية واعمار اليمن، وهو يتكفل بالدور الذي كان يقوم فيه الصندوق في اليمن. ومصادر تمويل المشاريع الإنمائية بشكل عام هي أموال عامة تقدم من المملكة على شكل قروض تنموية بشروط تساهليه أو منح تنموية تسهم في تمويل المشاريع الإنمائية بالدول الأشد فقراً وحاجةً وذات الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة.
دعم الموازنات والبرامج المالية
تقوم وزارة المالية بتقديم هذه النوع من التمويلات وكذلك يسهم الصندوق السعودي للتنمية في تقديم بعض أنواع هذا الدعم للقطاعات المالية وفقاً لحاجة الدول المقترضة. ومصادر تمويل دعم الموازنات والبرامج المالية بشكل عام هي أموال عامة تقدم من المملكة على شكل ودائع بشروط تساهليه وعند تمديد فترة هذه الودائع لعام ثاني يتم احتسابها ضمن المساعدات التنموية الرسمية وهكذا في كل عام، وهو ما يرفع من نسبة المملكة بتقديم مساعداتها الى ناتجها القومي ويحافظ على استمرار حصولها على تصنيف متميز في تقديم المساعدات. كما تعد الخدمات التمويلية التي تقدم لتمويل التجارة الخارجية وفقاً لشروط تساهلية احد أدوات المساعدات التنموية، وكانت بعض هذه الخدمات تقدم عن طريق برنامجاً خاصاً في الصندوق السعودي للتنمية حتى انتقال تلك الخدمات وضمها لبنك التصدير والاستيراد السعودي.
المساعدات الإنسانية والإغاثية والخيرية
تم تخصيص مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لتولي مهام تقديم المساعدات الإنسانية، وقد أثمر تواجد المركز على تكليفه كخزينة لجمع التبرعات (منصة ساهم) من الأفراد والقطاع الخاص لتقديمها للدول سواء التي يعلن عن فتح باب التبرعات لدعمها ومساندتها أو الدول الأخرى التي تتوجه لها المساعدات التنموية، ويطور المركز نشاطه لينفذ برامج تطوعية في الدول التي تعاني من نقص الخبرات من خلال البوابة السعودية للتطوع الخارجي، حيث يعمل المركز على تأهيل المتطوعين وتمكينهم في المجال التطوعي، وتوفير البيئة المناسبة للتطوع في قطاعات العمل الإنساني مثل القطاع الصحي والبيئي ودعم المجتمعات والإيواء اللوجستي. وبجانب التبرعات، تقوم الدولة بدعم المركز من المالية العامة. وكذلك فقد سخرت المملكة خدمات القوات المسلحة السعودية للإسهام في نقل المساعدات العاجلة للمناطق المنكوبة والمتضررة من الكوارث الطبيعة، وكذلك إسهامات الهلال الأحمر السعودي وغيرهم من المؤسسات الوقفية وإسهامات القطاع الخاص.
تمويل رؤوس أموال بنوك وهيئات وبرامج التنمية
تقدم وزارة المالية هذه التمويلات التي توجه إلى المشاركة في تعبئة مساهمة المملكة في رأس مال البنك أو الصندوق أو الهيئة التنموية سواء إقليمية أو دولية، ويشارك كذلك الصندوق السعودي للتنمية تقديم هذه المساهمات. ومصادر تمويلها بشكل عام هي أموال عامة تقدم من المملكة على شكل حصة في رأس المال، وتسهم تلك البنوك والصناديق والهيئات الإقليمية والدولية مثل البنكين الدولي والإسلامي للتنمية وهيئة التنمية الدولية والمصارف العربية والإفريقية في تقديم المساعدات وتعمل تلك المنظمات في تمويل المشاريع الإنمائية بمختلف الدول وتشارك الصندوق في تمويل مشترك لبعض المشاريع. كما تقدم المملكة من خلال هذه النوع من التمويل دعما غير مسترد لبرامج التنمية الدولية مثل برامج الأمم المتحدة التنموية وشؤون اللاجئين والأغذية العالمي والصناديق المخصصة الصحية، والطبية ومكافحة الأوبئة والأمراض.
بناء القدرات والتطوير والتشغيل والتدريب والتعاون الفني
تقوم بعض “الوزارات والجهات الوطنية” في المملكة بتقديم مساعدات فنية للوزارات والجهات النظيرة لها في الدول النامية سواء من خلال التدريب أو التوريد أو التجهيز وتبادل الخبرات، مثل وزارة التعليم، وزارة البيئة والمياه والزراعة – المؤسسة العامة للري، وزارة الطاقة، وزارة الصحة، وزارة الحرس الوطني – الشؤون الصحية، وزارة الإعلام، وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد وغيرها، حيث تعمل تلك الجهات على رفع مستوى المعرفة أو المهارات أو القدرات الفنية والإنتاجية للمستفيدين بالدول النامية وقدرتهم على استخدام أكثر فعالية للموارد المتوفرة. ويشمل هذا التعاون توفير الموارد البشرية (المعلمين والمتطوعين والخبراء في مختلف القطاعات) والإجراءات التي تستهدف الموارد البشرية (التعليم والتدريب والاستشارات)، ويعد هذا النوع من المساعدات أحد أبرز الأدوات التي تستخدم في التعاون الثلاثي وخصوصاً فيما بين دول الجنوب، والذي يشهد تسارعاً في الاهتمام على الساحة التنموية الدولية، لما يمثله نجاح دولة ما في الجنوب من فرصة كبيرة لنجاح هذه التجربة في دولة أخرى بالجنوب للتشابه الكبير للهياكل الاقتصادية والاجتماعية في دول الجنوب وظروف تكوينها.
بلغ حجم المساعدات التنموية الرسمية المسجل للمملكة في عام 2022م بمنصة المساعدات السعودية التي يشرف عليها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ما قيمته 7.2 مليار دولار، بينما تسجل منظمة OECD المسحوب فعلاً من المساعدات في العام نفسه بما قيمته 6 مليار دولار، وهو يمثل ما نسبته 2.94% من إجمالي حجم المساعدات التنموية الرسمية المعلن من منظمة OECD، وتعد المملكة بحجم المساعدات الرسمية عاشر أكبر مانح في عام 2022م، مع الإشارة إلى أن المساعدات التنموية الرسمية للولايات المتحدة الامريكية التي تعد أكبر مانح تمثل نسبة 27.1% من إجمالي حجم المساعدات التنموية الرسمية وتمثل المساعدات التنموية لإيطاليا نسبة 3.18% من إجمالي حجم المساعدات وهي تعد تاسع أكبر مانح تليها المملكة وفقاً لهذا المؤشر. وقد حققت المملكة بحجم المساعدات المسجل رسمياً هدف الأمم المتحدة تخصيص مالا يقل عن 0.7% من دخلها القومي الإجمالي كمساعدات إنمائية رسمية.
وفيما يخص إجمالي حجم المساعدات التنموية الرسمية للمملكة منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله فان منصة المساعدات السعودية تعمل على إحصاء تلك المساعدات وتدقيقها ومراجعتها ولذلك من المبكر جدا إعطاء الرقم النهائي والتفصيلي لحجم المساعدات، ويتم تحديث المنصة دورياً عند اعتماد كل مرحلة. وقد تم تسجيل ما قيمته 246.3 مليار ريال سعودي كمساعدات تنموية رسمية حتى تاريخه، ويوضح الجدول التالي حجم المساعدات التنموية لأخر عشر سنوات (2013-2022م) الذي يبين متوسط الارتفاع التصاعدي لاتجاه تقديم المساعدات بعد استبعاد عام 2020م ويبلغ المتوسط حوالي 4.5 مليار دولار سنوياً:
وتبين أرقام منصة المساعدات السعودية أن المساعدات المقدمة لدعم الميزانيات كان لها النصيب الأكبر من المساعدات التنموية الرسمية بنسبة 23.8% من اجمالي المساعدات السعودية المرصودة، وهذا النوع من المساعدات يقوم على تقديم الودائع لميزانيات الدول لتوفير الاحتياطي من العملة الصعبة ودعم ميزان المدفوعات وهي مبالغ بقيم كبيرة أعلنت المملكة عن تقديمها بحجم ثلاثة وخمسة مليارات من الدولارات للدولة الواحدة واستردادها ميسر، يليها دعم البرامج العامة بنسبة 11.98% ثم المساعدات الموجهة لتمويل المشاريع في قطاع النقل والتخزين بنسبة 9.8% ومشاريع بقطاع الطاقة بنسبة 5.16% ثم مشاريع بنسب أقل من ذلك بقطاعات الخدمات المالية والمصرفية، والأمن الغذائي والزراعي، والزراعة والغابات والأسماك، والتعليم، والمياه والإصحاح البيئي.
وعلى مستوى أكبر عشر دول تلقت المساعدات التنموية من مختلف الجهات بالمملكة، تعد جمهورية مصر العربية أكبر الدول المتلقية للمساعدات بنسبة تفوق خمس المساعدات الإجمالية بقيمة 52.5 مليار ريال من إجمالي المساعدات التنموية المرصودة يليها الجمهورية اليمنية بنسبة 16.29% وبقيمة 40.14 مليار دولار ثم باكستان بنسبة 10.76%وتليها فلسطين بنسبة 7.9% ثم لبنان بنسبة 4.06% والبحرين وتونس والسودان وسوريا بنسب تتراوح ما بين 2% و2.93%
وتبلغ المساهمات المالية الأخرى في المنظمات والهيئات الدولية المرصودة في المنصة ما قيمته 10.3 مليار ريال سعودي بإجمالي مساهمات تبلغ 781 مساهمات استلمتها 61 جهة مستفيدة غطت قطاعات دعم البرامج العامة، والمساعدات الإنسانية والإغاثية في حالات الطوارئ، ودعم الميزانيات، والأعمال الخيرية الدينية والاجتماعية، ومتعدد القطاعات، والمساهمات في المنظمات والهيئات الخيرية، والصحة، والتعليم، والنقل، والأمن والحماية.
وانطلاقاً من تلك البيانات والأرقام والاحصائيات وتعدد الجهات المانحة في المملكة وتنوع الأدوات والمصادر يظهر جليا أن العمل في تقديم المساعدات التنموية يتم في أعلى درجات الشفافية ويستهدف دعم الشعوب مباشرة ويتوافق مع المتطلبات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة ودعمها بمختلف دول العالم وقطاعات التنمية والعمل مع مختلف الشركاء بكافة المستويات ويبرز الدور القيادي للمملكة في العالم سواءً العربي أو الإسلامي أو الدولي، على الرغم من أن منظومة العمل حاليا غير مركزية، ومع ذلك فقد وضع المملكة في مصاف أعلى الدول التي تقدم مساعدتها بشكل عملي ومنهجي .
والله الموفق
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال