الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يقل دور القطاع الثالث اهمية عن القطاعين الحكومي والخاص فهو يشكل عاملًا مهماً للتأثير الإيجابي على الفرد والمجتمع بالمملكة العربية السعودية، ويعزز النمو المستدام على كافة الأصعدة.
إن رفع نسبة مساهمة القطاع غير الربحي الذي حددته أهداف رؤية السعودية 2030 بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، والذي تلخص في 10 مجالات عمل، استهدف دعم وتيسير الأعمال الخيرية والتطوعية، وكذلك تعزيز مساهمة المواطنين في تقديم العون والدعم لكافة أفراد المجتمع، قد ساهم في رفع أعداد المتطوعين بمقدار 20 ضعفًا بين عامي 2015 و2022.
وكمهتم بهذا المجال طالعت تقرير (آفاق القطاع غير الربحي) 2023 في نسخته الثالثة والذي يصدر كل عامين عن مؤسسة الملك خالد، وهو التقرير المرجعي لحالة القطاع غير الربحي والذي يرصد بيانته وانشطته ومستوى مساهمته التنموية، وقد صادف اصدار التقرير مرور 7 أعوام على عمر رؤية المملكة، لذلك فقد تم وصفه بتقرير منتصف الطريق للخطة الوطنية الأولى التي أولت اهتماما إستراتيجياً للقطاع الثالث ووضعت مستهدفاً خاصاً لنمو مساهمته الاقتصادية من 1% إلى 5% بحلول العام 2030م.
وقف التقرير على مراحل تشكل القطاع غير الربحي في المملكة منذ ستينيات القرن الماضي والقفزات التي شهدها القطاع وازدياد عدد المنظمات خلال الأعوام الماضية من عمر الرؤية بمعدل 424% مما يجعله في مقدمة القطاعات نمواً.
ومع ذلك ذكر التقرير بأنه لا يزال حجم القطاع غير الربحي محدودا مقارنة بحجم النمو المتوقع والطموح المأمول منه في رؤية المملكة 2030، مقارنة بالقطاع الخاص السعودي. حيث إن هناك أكثر من 1,100,000 منشأة تجارية فـي المملكـة مقارنـة بــ36,151 منشـأة غير ربحية.
وذكر التقرير بأن المساهمة الاقتصادية للقطاع الثالث في الناتج المحلي تقدر في عام 2021م بمبلغ 54,371,234,268 ريال سعودي بعد جمع القيمة التقديرية للعمل التطوعي وإجمالي الإنفاق الاسـتهلاكي للمنشآت غير الربحية وقطاع الأوقاف.
ما يعني أن القطـاع غيـر الربحـي يجـب أن يصـل إلى حجـم يقـدر بقيمـة 220 مليـار ريـال سـعودي بحلـول عـام 2030م مـن أجـل الوصـول للمسـتهدف %5 (مسـاهمة القطـاع فـي الناتـج المحلـي الإجمالـي). وفـي حـال نمـو الناتـج المحلـي الإجمالـي بنسـبه نمـو 4.7 % فـإنّ القطـاع غيـر الربحـي يجـب أن يصـل إلى حجـم نمـو يقـدر بــقيمة 252 مليـار ريـال سـعودي بحلـول عـام 2030م للوصـول للمسـتهدف وهـو %5 مسـاهمة القطاع فـي الناتـج المحلـي الإجمالـي.
وقد أوضح التقرير تقديراته لحجـم النمـو المطلـوب لـكل مكـون مـن مكونـات القطـاع غيـر الربحـي للوصـول إلى مسـتهدف الرؤيـة بحلـول عـام 2030م. إذ يظهـر بـأّنّ فـرص تعظيـم المسـاهمة الاقتصاديـة للقطـاع تقـع عـلى عاتـق (المؤسسات الملكية) المؤسسات الصادرة بموافقـة ملكية وسامية (بالإضافـــــة إلى التوسع فـي عمليـة تخصيـص الأصول الحكومية) لاسـيما التعليمية والصحيـة (إلى نمـاذج عمـل غيـر ربحيـة). حيـث إّنّ الجامعـات بحاجـة إلى الوصـول بمـا يفـوق 22.5 مليـار ريـال سـعودي بزيـادة تقـدر بحوالـي 17 مليـار ريـال سعودي مقارنــة بعـام 2021م، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال زيادة وتيرة تحويل الجامعات العامة والأصـول الحكوميـة التعليميـة والصحية إلى كيانات غيـر ربحية، مـن خـلال برنامـج التخصيص.
وأكد التقرير بأن منظمــات القطاع غير الربحي تعد شريكاً تنموياً في تحقيق الأهــداف الاستراتيجية لرؤية المملكـة 2030 على مسـتويات متنوعـة.
وبحسـب تحليـل فريـق البحـث لمسـتوى مواءمـة أنشـطة المنشـآت غيـر الربحية مـع أهـداف الرؤيـة، نجـد تركـزاً لمسـاهمة القطـاع غيـر الربحـي فـي هـدف (تمكيـن الحيـاة العامـرة والصحيـة) حيـث تنشـط العديـد مـن المنظمـات فـي مجـال تعزيـز الصحـة والتعليم وتحسـين جـودة الحياة لأفـراد المجتمـع وتلبية الاحتياجات الأساسية للأشد حاجة.
منها تقوم به منظمـات دعم العمل الخيري كالمؤسسات الأهلية من دور محـوري في تحقيق هدف (تمكين المسؤولية الاجتماعية) من خلال بناء قدرات المنظمات غير الربحية وزيادة الأثر الاجتماعي للمبادرات الخيرية، إلا أن الحاجـة لهـذا النوع من النشاط من قبل المنظمات غير الربحية يظهر في الحواضر الصغيرة والمتوسـطة بشكل أكبر.
وأشار التقرير بأن الصـورة الذهنيـة عن القطـاع غيـر الربحـي تؤثر على تفاعـل المجتمـع وصنـاع القـرار معه وهي حجر الأساس لحصول القطاع على الدعم الذي يحتاجه لتشغيل أنشطته، والأهم من ذلك المحرك الرئيسـي لانضمام المزيد من أفراد المجتمـع له سـواء عن طريق العضوية أو التطـوع أو العمـل أو حتـى اتخاذ قـرار تأسيس المنظمـات غير الربحية..
بالمجمل فإني أرى هذا التقرير غاية في الأهمية بل من أهم التقارير العلمية التي شخصت حال القطاع الثالث خلال الفترة الماضية وقد قدم التقرير حلولاً للوصول لمستهدفات برنامج الرؤية في القطاع الثالث، لكن يجب علينا المعرفة بان الواقع بعيد عن والطموح فالجسر الرابط بينهما غير واضح ان صح التعبير وكل المبادرات من أجل التسريع في تحقيق الأهداف مجرد اجتهادات ليست بحجم التحديات ولا ترقى إلى حجم الطموح المنشود، فإذا استمر العمل بهذه الوتيرة لن نستطيع انجاز مستهدفات الرؤية في الوقت المحدد، لذلك نحن نحتاج إلى بناء منظومة تعمل على إنتاج مبادرات لمشاريع ضخمة تردم الفجوة وتبني جسر بين الواقع والطموح حتى نصل للهدف.
الأمر الأخر أظهر التقرير بأن الإسناد الحكومي لمشاريع القطاع غير الربحي لم يأخذ حقه ولم يكن ذا أهمية كبرى وبالتالي فإن التركيز على أهمية الإسناد الحكومي للمشاريع في القطاع الثالث، قد يشكل ذلك نقطة ضوء للتسريع في تحقيق المستهدفات في الوقت المحدد.
أخيرا
نحن على عتبات إعداد بناء برنامج تحول وطني للعام 2025 ويفترض أن نهيئ له من الآن على أساس أن القطاع غير الربحي شريك أساسي ولا يكفي ان نهتم بتنمية عدد الجمعيات على حساب كفاءتها وأثرها في المجتمع، على الرغم من أن التقرير افرد مساحة للحديث عن أثر الجمعيات الإ انه أغفل الحديث والإشارة للقضايا المتعلقة بالفقر والبطالة والضمان الاجتماعي.
لذلك أنصح أصحاب القرار والمهتمين بالقطاع الثالث للوقوف على كل ما جاء في هذا التقرير ووضع مقترحات عملية لاستثمارات ريادية مبتكرة تمكن القطاع غير الربحي من مواصلة رحلته للوصول إلى قطاع مزدهر ومستدام لتحقيق مستهدفات الرؤية في الوقت المحدد فالقطاع الثالث يعد من الأراضي الخصبة للريادة والإبداع، وفي تكامله مع القطاعين الحكومي والخاص تتعزز العقلية الريادية وتبرز أدوار التمكين في دعم المبادرات بما يخدم أفراد المجتمع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال