الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سيتذكر الرياضيون السعوديون 5 يونيو من عام 2023 بأنه العام المهم والمميز الذي نقلت فيه السلطات الرياضية، الأندية الى أسلوب جديد وأحدثت تحولا كبيرا في فهم وهيكلة وإدارة الأندية الرياضية، وربما تجربة 8 عقود والبعض من هذه الأندية تقترب من 100 عام على إنشاءها مثل الوحدة والاتحاد، أسهمت في صناعة هذا التحول.
بالأمس سلمت وزارة الرياضة السعودية 4 انديه الى صندوق الاستثمارات العامة بحصة تبلغ 75 في المائة من كل نادي وهي أندية الاتحاد والأهلي والهلال والنصر، كما اعلن عن نقل ملكية نادي القادسية إلى شركة أرامكو ، ونادي الدرعية إلى هيئة تطوير بوابة الدرعية، ونادي العلا إلى الهيئة الملكية لمحافظة العلا، ونادي الصقور إلى شركة نيوم.، ورغم انه لم تصدر تفاصيل حول نسبة التملك في الأندية التي تم نقل ملكيتها الى الشركات الجديدة ، إلا انه لا يستبعد أن تكون نفس النسبة التي تملكها صندوق الاستثمارات، بحيث تكون معيار تملك الشركات للأندية بنفس الحصة، ويرافق هذه القرارات إنشاء شركات يملكها الصندوق وإنشاء مؤسسات غير ربحية لكل نادي.
يجب أن نعترف انه رغم الأساليب البدائية التي شهدتها الأندية السعودية في المرحلة الماضية من الإدارة المالية والفنية، إلا أنها أسهمت في إبراز الرياضة السعودية في المحافل الدولية وحصدت مراكز متقدمة على المستوى القاري والدولي. واسهم أعضاء الشرف في دفع حركة الرياضة خاصة في كرة القدم، من خلال تبرعاتهم وتحمل مرتبات اللاعبين، ومع أن بعض هذه المساهمات كانت تذهب سدى أو تصرف من غير فواتير، هي كانت مرحلة وانتهت بعد إعلان تخصيص 8 أندية رياضية، والاستعداد للانتقال الى المرحلة المقبلة، وربما يتساءل الكثيرون لماذا سارعت السلطات السعودية الى اتخاذ هذه الخطوة وماهي الأسباب.
بالتأكيد تعد السعودية من اقدم الدول العربية التي لديها أنشطة رياضية، وحضورها في المحافل الدولية قديم، وهي من أسست بطولة كاس القارات حيث اطلقها الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله، واعترف الاتحاد الدولي لكرة القدم بالبطولة واعتمدها ضمن مسابقاته، وأسهمت في اطلاق بطولة دورة الخليج لكرة القدم، وهي الآن في عهد الملك سلمان ضمن برامج التحول الوطني واطلاق مبادرات رؤية 2030 التي اطلقت قبل 7 سنوات، أجرت العديد من التحولات الاقتصادية من أهمها الترفيه والسياحة والنقل وقطاع الخدمات، وهي الآن تعلن برامجها للتحول الكبير في قطاع الرياضة، في خطوة تستهدف رفع القيمة السوقية للأندية الرياضية الى 8 مليارات ريال حتى عام 2030 وأيضا زيادة إيرادات رابطة الدوري السعودي للمحترفين من 450 مليون ريال إلى أكثر من 1.8 مليار ريال سنويًا. لو أن الأندية السعودية بقيت على حالها دون تغيير أو تطويرن لما كان لها أن تحقق أي منافسة في المستقبل مع تطور الرياضة في دول عديدة وخاصة أوروبا، وتحقق هذه الأندية عوائد وإيرادات مرتفعة سواء من مبارياتها أو تنقلات لاعبيها، وحتى منتجات هذه الأندية.
سوف نرى في المرحلة المقبلة أثر هذه المتغيرات من أهمها تطوير القطاع الرياضي والوصول بالدوري السعودي إلى مصاف أفضل عشر بطولات وطنية عالمية، وذلك في إطار رؤية المملكة 2030. ولعل من اهم مزايا تملك الأندية الرياضية من قبل صندوق الاستثمارات العامة و أرامكو ونيوم والهيئة الملكية في العلا والدرعية، وهو توفير موارد مالية كبيرة للأندية لتغطية ديونها وتحسين أوضاعها المالية والإدارية، وزيادة إيرادات الأندية سوف تسهم الى تمكين الأندية من ضم لاعبين عالميين ومحليين بمستوى عالٍ وبشروط مغرية، مما يساعد في تحسين البنية التحتية للأندية من ملاعب ومرافق ومشاريع تطويرية، ويرفع تعزيز قدرة الأندية على المنافسة في المحافل المحلية والإقليمية والدولية، والنقطة الأهم هو تحقيق عائدات مالية من حقوق البث والرعاية والإعلانات والتذاكر، والسؤال الذي يحاول المشاهدون الحصول على إجابات له هل سيبقى النقل التلفزيوني بهذا المستوى الرديء، المشاهدون يريدون كسر احتكار النقل التلفزيوني كل سنة ترى ناقل جديد، بدون أي تجربة أو طرح لمنافسة، وهذا الموضوع يحتاج من وزارة الإعلام ووزارة الرياضة أن تبحث فيها بجدية.
يسأل البعض لماذا صندوق الاستثمارات العامة يغامر في الاستثمار بأندية رياضية غير مربحة، من المعروف أن الصندوق اعلن في استراتيجيته المستقبلية انه سيضخ في الاقتصاد المحلي 150 مليار سنويا حتى عام 2025 في قطاعات مختلفة مثل الطاقة والتعدين والترفيه والسياحة والتكنولوجيا والاتصالات والصحة والتعليم، وأيضا المشاريع الكبرى مثل نيوم والقديه، وحينما يضخ الصندوق هذا المبلع أو يساهم تغيير مسار الفكر الرياضي ليس فقط على المستوى المحلي أو الخليجي وحتى العربي، فهو يخوض تجربة أو لنقل أنها نقلة في عالم إدارة الرياضة وتحويلها من ترفيه الى عوائد واستثمار، وهذا يضع إدارة الصندوق في تحديات من أهمها ، التأقلم مع التغيرات في طبيعة إدارة وتشغيل الأندية والانسجام مع رؤية وأهداف صندوق الاستثمارات، وأيضا التعامل مع ضغوط المنافسة المحتدمة بين الأندية المحلية والخارجية، الى جانب التوفيق بين المصالح المالية والرياضية للأندية والحفاظ على هويتها وروحها، مع وضع نموذج مختلف للإدارة من التزام بضوابط وقوانين صارمة في مجالات مثل التسجيلات والانضباط والشفافية و التخفيف من المخاطر المحتملة للاستثمار في قطاع رياضي متغير وغير مضمون.
إن تملك صندوق الاستثمارات العامة للأندية السعودية هو خطوة جريئة ومهمة في سبيل تحقيق رؤية المملكة 2030 في القطاع الرياضي، ولكنه يتطلب التخطيط والتنفيذ الجيد والتعاون بين جميع الأطراف المعنية. وإذا نجح هذا المشروع، فإنه سيفتح آفاقاً جديدة للرياضة السعودية والعربية والعالمية، وسيكون مثالاً يحتذى به في مجال الاستثمار الرياضي. ومن غير المستبعد أن تضخ الشركات الجديدة التي تملكت أندية رياضية ضمن برنامج التخصيص، ما لا يقل عن 100 مليار ريال لاستكمال البنية التحتية وأيضا للصرف على عقود اللاعبين وإجراء إضافات وترميمات وتحسينات، ولعل من المناسب طرح هذه الشركات كمساهمة عامة فيسوق الأسهم، وربما نرى في المستقبل مصانع وعقارات وعلامات تجارية لهذه الأندية وتحقق عائدات كبيرة. الشارع الرياضي في انتظار تفاصيل أكثر حول تملك الشركات للأندية الرياضية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال