الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعد تقييم الأثر الاجتماعي أحد ركائز التقييم الأثر البيئي والاجتماعي للمشاريع التنموية المختلفة ESIA والذي يعرف بأنه عدد من عمليات التحليل والرصد وإدارة المخاطر الاجتماعية المباشرة وغير المباشرة، الإيجابية منها والسلبية، لجميع التدخلات المخطط العمل عليها ضمن نطاق محدد. وعندما نذكر أهمية تقييم الأثر الاجتماعي يجب أن لا يتم النظر إلى هذا التقييم على أنه تكلفة أو متطلبات الإلزامية للحصول على الموافقة والترخيص الرسمي من قبل (إسناد) الجهة المعنية في إصدار تراخيص التعدين بالمملكة، وإنما ينظر إليه أولاً بأنه ترخيص اجتماعي من قبل المجتمعات المتأثرة عند الشروع في تطوير المشروع، كما أيضا ينظر بان هذه التكاليف استثمار يعود بالنفع على مدى حياة المشروع الذي من خلاله يؤدي إلى وضع خطط لتسهيل عملية التعامل مع المجتمعات المحيطة والتحديات التي تواجههم وبالتالي زيادة التعاون والمشاركة المجتمعية بكل يسر وسهولة والتي تعود فيما بعد إلى زيادة قيمة المشروع. كما هو معروف بأن أنشطة مشروعات التعدين ومعداتها وبنيتها الأساسية يمكن أن تزيد من تعرض المجتمعات المحلية للمخاطر والآثار، لذلك من الضروري العمل على تقييم اجتماعي شامل وعادل من قبل المطور لأن ذلك تعد من مسؤوليته والتزامه أمام المجتمع المحلي والحكومة ككل لتفادي أو التقليل من تعرض صحة المجتمعات المحلية وسلامتها وأمنها للمخاطر والآثار الناتجة عن أنشطة مشروعة، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الهشة بما يتوافق مع الممارسات الدولية في الإرشادات الصادرة عن مجموعة البنك الدولي أو المعايير الأخرى المعترف بها دوليا ً.التقييم الاجتماعي في دراسة الأثر في مشاريع التعدين يعد أكثر تعقيدا لأن تأثيره يلامس حياة الإنسان وتنميته ورفاهيته ويحتاج إلى عمليات تشاركية وتفاعلية مع الأفراد والجماعات لمعرفة الآثار والعواقب الاجتماعية المحتملة عليهم السلبية منها والايجابية الحالية والمستقبلية بعكس التقييم البيئي الذي يعتمد على أجهزة وتقنيات للرصد والتحليل والاعتماد على الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية كأدوات استكشافية. فنستطيع ان نقول ان تقيم الأثر الاجتماعي تعامل بشري بين انسان مع انسان اخر.
المشاريع التنموية مهمة في جميع البلدان ومنها مشاريع التعدين والتي تؤثر إيجابًا مثل غيرها من المشاريع المختلفة على المجتمعات المحلية لمساهمتها في زيادة التوظيف وتقليص البطالة وإنعاش السوق المحلي والعقاري، إلا أنها لا تعوض السلبيات المحتملة على صحة الإنسان ومستويات المعيشة، فمن المعروف أيضًا أن التعدين يؤثر على الممارسات التقليدية والثقافية للسكان المحليين التي تعيش حول مناطق التعدين، وغيرها من الآثار الاجتماعية الأخرى بما في ذلك تلك المتعلقة بالصحة العامة ورفاهية الإنسان ، كما أن نشاط التعدين يمكن أن يؤثر سلبًا على السكان من خلال إجبارهم على ترك منازلهم وأراضيهم الزراعية بسبب عدم قدرتهم من الوصول أو الحصول على المياه النظيفة والهواء الصحي أو تعرضهم للانزعاج من ضوضاء تفجيرات المناجم وأصوات المعدات أو عدم القدرة على تحمل التكاليف بعد تقلبات الأسعار الذي سببها المشروع في منطقتهم. عملية التقييم الاجتماعي تمر بعدة خطوات رئيسية ابتداءً من تحليل عناصر المشروع وأنشطته المختلفة ثم تحديد الأثر الاجتماعي المحتمل واقتراح عدد من الحلول للمخاطر المتوقعة والتدخلات الإلزامية على جميع التأثيرات السلبية المختلفة بمشاركة أصحاب المصلحة المختلفين من افراد ومؤسسات حكومية وغير ربحية، وتختم العملية بتقرير مفصل لأصحاب القرار للقرار والالتزام في نموذج العمل النهائي والاستثمار الاجتماعي المدرج.
ما يبحث عنه (إسناد) من خلال تقرير التقييم الاجتماعي الإجابة على العديد من المواضيع والتأثيرات الاجتماعية المحتملة سواء في موضوع واحد أو أكثر من خلال معرفة أسلوب حياة الناس وكيف يعيشون ويعملون ويلعبون ويتفاعلون مع بعضهم البعض على أساس يومي والتعرف على ثقافتهم وماهي معتقداتهم المشتركة وعاداتهم وقيمهم ولغتهم أو لهجتهم كذلك دراسة مدى تماسك المجتمع واستقراره وشخصيته وخدماته ومرافقه؛ مدى قدرة الناس على المشاركة في حل التحديات التي تؤثر عليهم، وكيفية استخدامهم للمصادر البيئية المختلفة ونوعية الهواء والماء التي يستخدمونه الناس؛ ومدى وفرة وجودة الطعام . أيضا تحديد مؤشرات صحة أفراد المجتمع وعافيتهم الجسدية والعقلية والاجتماعية والروحية من خلال البحث في بيانات الصحة العامة. وتحديد مؤشرات لقدراتهم البشرية والمهارات والخبرات التي يمتازون بها أو عدم تطابقها مع فرص العمل المتاحة في المجالات المختلفة. بعد ذلك الوقوف على الية وكيفية تنقلهم للوصول الى أعمالهم واحتياجاتهم اليومية ومستوى الخطر والسلامة في مواجهة التغيرات الجوية والمركبات الثقيلة المتكررة في مراحل تطوير المشروع. كما من المهم التعرف على مخاوفهم وتطلعاتهم وتصوراتهم حول حياتهم الحالية ومستقبلهم. ومن جانب آخر تعتبر المورثات الثقافية والتاريخية كنز اجتماعي و أحد المكونات المحتمل التأثير عليها أثناء عمليات مشاريع التعدين وغالبا يتم تدمير لهذا التراث المدفون غير المكتشف بالخطأ أثناء العمليات الانشائية،التنقيب أو الحفر كذلك حصول اكتشافات بالصدفة لمثل هذه الآثار التاريخية لذلك يجب توعية العاملين في الموقع حول أهمية المكتشفات الأثرية والتبعات القانونية مع وضع إجراءات عمل للعاملين في الموقع في حالة حدوث الاكتشاف والية تعليق العمليات والتنسيق السريع مع الجهات الحكومية المعنية بالآثار ومنها هيئة التراث.
تتفاقم العديد من التأثيرات عندما لا يتم وضع حلول وخطة معالجة لتخفيف الآثار المحتملة على المجتمعات، والأسوأ من ذلك أنه عندما لا يكون للناس في المجتمعات المحلية رأي ولا يتم استشارتهم ولا يتم إعطاؤهم أي معلومات حول المشروع التعديني المخطط له. فمن المهم أيضا أن يقوم مطور مشروع التعدين بتقديم خطة الاستجابة للطوارئ والكوارث من خلال التعاون مع المجتمعات المحلية المتأثرة والهيئات الحكومية المحلية والأطراف المعنية الأخرى، لضمان استعداداتها للاستجابة بفعالية في المواقف الطارئة كذلك وضع الية التظلمات والتواصل مع المجتمعات المحلية لضمان الاستجابة والإدارة الصحيحة للشكاوى والتظلمات المقدمة من المجتمعات المحلية المتأثرة. تمثل مشاركة أصحاب المصلحة الركيزة الأساسية في إقامة علاقات قوية وبناءة وحساسة باعتبارها شرطاً أساسياً للإدارة الناجحة لآثار المشروع البيئية والاجتماعية. مشاركة أصحاب المصلحة عملية مستمرة قد تتضمن تحليل أصحاب المصلحة والتخطيط، والإفصاح عن المعلومات ونشرها، والتشاور والمشاركة، وتقديم التقارير على نحٍو مستمر للمجتمعات المحلية المتأثرة. قد تختلف طبيعة الجهد المبذول لإشراك أصحاب المصلحة ودورية تنفيذه ومستواه تبعاً لحجم المشروع والمخاطر المحتملة ومراحل التطوير التي يمر بها المشروع.
ختاماً اقترح على المستثمرين في مشاريع التعدين الحرص على توظيف من يرون كفاْتهم من اهالي المجتمعات المحلية للعمل على ادارة الشراكة والتواصل الاجتماعي لمعرفة أكثر من غيره بطبيعة وثقافة السكان الذي يعتبر واحد منهم. كما اقترح للجهات المعنية سواء الحكومية أو شبة الحكومية تطوير مجموعة من المؤشرات لقياس رفاهية وصحة مناطق التعدين من أجل معرفة الثغرات ومن ثم تطوير السياسات والمتطلبات في المستقبل، لأجل أن تكون مساهمة مستثمري التعدين في التنمية أكثر استدامة وشمولية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال