الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ظاهرة الاحتيال المالي البنكي، وسرقت أموال المودعين من الحسابات، أحد أكثر الإشكالات المؤرقة للبنوك والمودعين في وقتاً الحاضر، فالحساب الجاري على اختلاف التكييف القانوني له سواء أكان قرض أو وديعة إلا أن الاثنان على البنك ضمانها، فالقرض يكون على المقترض ضمانه، والوديعة أمانة عند الوديع يضمنها حال تعديه أوتقصيره في حفظها. وتتم عمليات الاحتيال عبر محترفين ومتخصصين في كتابة وبناء الاكواد لأغراض غير قانونية وغالباً ماتكون عابرة للحدود، وقد يشترك بها عميل بنفس المصرف أو مصرف أخر على أرض الوطن، يمرر الأخير العملية المصرفية بحسن نية لمرتكب الجريمة، وتكون عبر ثغرات توجد في أنظمة الحماية أو الشبكات أو برامج تجسس مُخصصة، وذلك بهدف إلحاق الضرر الجسيم بالضحايا، سواء شركات أو أفراد.
وعلى أثر ذلك جاء دور البنك المركزي السعودي لمساعدة البنوك في وضع الحد الأدنى من الإجراءات والسياسات لمكافحة حالات الاحتيال المالي التي تتعرض لها البنوك وعملائها، عبر دليل مكافحة الاحتيال المالي في البنوك والمصارف العاملة في المملكة العربية السعودية، ووضعت تعريف دقيق لمصطلح الاحتيال المالي وعرفته بأنه: أي عمل يهدف للحصول على فائدة غير مشروعة عن طريق استغلال وسائل تقنية أو مستندية أو علاقات أو سبل اجتماعية أو استخدام صلاحيات وظيفية أو تعمد إهمال أو اقتناص نقاط ضعف في نظم أو معايير رقابية بشكل مباشر أو غير مباشر. لتعزيز سبل الحد من مخاطر الاحتيال المالي، وبيان حدود مسؤولية البنوك والعملاء وما يتوجب على كلاهما ووسائل الوقاية للحد من انتشار تلك الجرائم.
من خلال أهداف وقواعد دليل مكافحة الاحتيال المالي والتعريف السابق يتضح لنا جلياً أن البنك السعودي المركزي يأخذ بفكرة ومفهوم الضمان التي أشرنا إليها في بداية حديثاً،حيث بين أن مسؤولية مكافحة الاحتيال تقع على عاتق منسوبي البنك بما في ذلك مجلس الإدارة، وأكدت على مسؤولية المصرف”البنك” وما يجب على العاملين في التعامل مع حالات الاحتيال وفقاً للتعليمات والإجراءات والسياسات وكيفية معالجة تلك الإشكالات للحد منها والحلول دون تنفيذ تلك العمليات المشبوهة، وذلك بإعطاء موظفي تلقي البلاغات الصلاحيات اللازمة لاتخاذ مايلزم حيال البلاغ وتفادي تنفيذها، والقارئ بعناية لدليل مكافحة الاحتيال المالي والبنكي، يجد أن معظم القواعد وجدت لحماية العميل، وأن واجب العناية الملقى على البنك تأسيس على إرشادات آمرة لا مناص من التنصل منها وهي الحد الادنى لمكافحة حالات وظواهر الاحتيال المالي والتعامل معها.
وفي واقع الأمر أن العقود التي بين المصرف أو البنك والعميل تتشابه مع عقود الإذعان، فغالباً ما نرى شروط تعسفية للمصرف على حساب العميل، والتي غالباً ما يحتج بها البنك ضد العميل بأنه هو المفرط بحسب الإتفاق وأن قبول العميل للشروط الواردة في اتفاقية استخدام وسائل التقنية في معاملاته البنكية كانت بناء على موافقته و علمه بما يترتب على تلك الموافقة من مخاطر، ولذلك لا مسؤولية على البنك أو المصرف تجاه العميل لعلم العميل المسبق بتلك المخاطر وقبوله لها، وهذا ما لا يمكن التسليم به على مطلقه، فيقع على العميل مسؤولية التفريط بمناولة معلوماته السرية التي تم تنبيه على أنه الأداة المتحكمة والموصلة لحسابه الشخصي، وتقع مسؤولية البنك في وصول تلك المعلومات لطرف ثالث “المحتال” دون مرورها بالعميل أبتدأ.
ولمعالجة تلك الإشكالية كان لابد من تدخل السلطة القضائية لتفسير وتصحيح تلك النصوص والقواعد لحماية المذعن أو الطرف الأضعف بالمعادلة “العميل”، وذلك عبر لجنة المنازعات المصرفية، والتي أعطيت لها الصلاحيات اللازمة للفصل في المنازعات وإصدار قرارات بشأنه، وحال عدم قناعة الطرف/الطرفين بقرار اللجنة الإبتدائي يأتي دور اللجنة الاستئنافية للمنازعات والمخالفات المصرفية باختصاصها بالنظر في الاعتراضات المقدمة ضد قرارات لجنة المنازعات المصرفية، ويكون دور اللجنتين كسلطة قضائية فض ذلك النزاع على النحو الذي أستقرت عليه المعاملات والمبادئ القضائية والفقهية والفنية، وليس على ما اتفق عليه الأطراف، فالسلطة القضائية تعلم أن عقود المصارف أقرب ما تكون الى عقود الاذعان، ولما كان الأصل بتلك العقود عدم أحقية المناقشة أو الاعتراض على بنودها، كان لابد من تدخل القضاء لتصحيح الشروط التي تخالف النظام العام والقواعد والمبادئ التي استقرت عليها المعاملات المصرفية والبنكية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال