الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عديدة هي الأهداف التي يتطلع القانون الرياضي إلى تحقيقها، بعض هذه الأهداف تضفي عليه الطابع الحمائي، خصوصاً تلك المتعلقة بحماية حقوق اللاعبين، (الذين قد قد يكونون الطرف الأضعف في التعاقد في كثيرٍ من الأحيان، إذ أن من خصائص الأنظمة الحمائية أنها وُجدت لحماية حق الطرف الذي يعتبر الأضعف مركزاً في العلاقة القانونية، ومن أمثلة ذلك قانون حماية المستهلك، قانون العمل وقانون حماية الطفل من الإيذاء والاعتداء الجسدي.
إن الضعف كمبرر للحماية هو ضعف مجرد، بمعنى أنه في حالة المستهلك مثلاً، يكون ضعيفاً كل من تعامل مع تاجر بصفته مستهلكاً مهما كانت مكانة المستهلك المادية والاجتماعية والوظيفية، فالضعف في هذه الحالة يكون نابعاً من عدم التماثل المعلوماتي (Information asymmetry) بأمور التجارة و خفاياها مقارنة بالتاجر، والتي تمكن التاجر من التحايل وإيقاع الضرر بالمستهلك مستغلاً ضعف المستهلك في هذا الجانب.
بتطبيق ذلك على المجال الرياضي، نجد أن اللاعب قد يكون طرفاً ضعيفاً في عدة مواقف في تعاملاته، عند التعاقد مع وسيط اللاعبين أو عند التعامل مع شركات الرعاية والدعاية والإعلان على سبيل المثال، وفي غيرها من التعاملات القانونية.
تبرز أهمية تعزيز الطابع الحمائي للقانون الرياضي في السعودية برأيي في نقطتين كلتيهما تتعلق (بنضوج) اللاعبين، سواءً من الناحية العمرية أو الفكرية. حيث أن بروز اللاعبين في سن صغيرة (قد)يجعل منهم غير قادرين على صنع القرارات بشكل عقلاني مدروس، ويزيد من ذلك ضعف الجانب التعليمي لدى البعض أو الغالبية منهم، إذ يساهم انقطاعهم عن التعليم في مراحل مبكرة في جعلهم عرضة للاستغلال بقليل من معسول الكلام والمال.
هذه الظاهرة تنتشر كثيراً في الولايات المتحدة الأمريكية في رياضة الجامعات، وهو ما أوجد مبدأ النضوج (Amateurism) من قبل الرابطة الوطنية لرياضي الكليات (NCAA)،والتي كانت تقوم على تنظيم شؤون الرياضيين الطلاب وتسعى لتحفيزهم بالتعليم أولاً، ثم العائدات من الأنشطة الحركية كالرياضة وغيرها، حيث كان من أبرز اهتمامات (NCAA) توفير الحماية للرياضين الطلاب من الاستغلال من قبل المحترفين والشركات التجارية، وذلك لمعرفتهم بأن الطالب غير ناضج بشكلٍ كاف، ولا يعلم ما قد تكون عليه قيمته السوقية أو عند المتأثرين به عند الشهرة. لذلك كانت تسعى (NCAA) إلى الاعتناء بجميع ما يتعلق بحقوق ملكية اللاعب، فاسمه قد يُستغل كعلامة تجارية، قميصه وكل ما يتعلق به مما يمكن الاستفادة منه مادياً، أو حتى صورته في هيئة كرتونية لاستخدامها في الألعاب على سبيل المثال.
إن مبدأ عدم النضوج للرياضين الطلاب لا يختلف كثيراً عن وضع الرياضيين (في السعودية)، وهو ما يعزز أهمية دور الطابع الحمائي للقانون الرياضي لدينا، لحماية الرياضيين الذين لم تساعدهم ظروفهم للوصول إلى مرحلة النضوج في اتخاذ القرارات. كثيرة هي الحالات التي يتجلى فيها عدم نضوج الرياضي لدينا، إلا أن ما يظهر على السطح (غالباً) هو ما ارتبط بعقوبة، كتعاطي المنشطات أو الظهور في الأماكن العامة بمنظر مخل للآداب، لكن (دائماً—> كثيراً) ما تبقى الحالات المتعلقة باستغلال حقوق الرياضيين بعيدة عن الأضواء بالرغم من تأثيرها الكبير عليهم.
إن وجود ممثلي الرياضيين، والدور التوعوي الذي تلعبه الأندية يساهم بلا شك في تعزيز حماية الرياضيين و التقليل من مشكلة الاستغلال، إلا أن وجود المختصين في القانون الرياضي بالاتحادات الرياضية والأندية ومشاركتهم في تمثيل الرياضيين ضرورة ملحة لتوفير الحماية المثلى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال