الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أصبح مصطلح المدن الذكية من أهم المواضيع في عالم المدن حول العالم خصوصا مع التطور التقني المسارع الذي نعيشه منذ منتصف القرن الماضي. وقد قامت العديد من الدول بوضع خطط استراتيجية لتحويل عدد من المدن لديها إلى مدن ذكية وذلك بالنظر إلى العديد من الفوائد والمزايا التي يمكن أن تقدمها سواء للحكومات والشركات وكذلك الأفراد.
وعند الحديث عن هذا الأمر البعض قد يتساءل عن أهم هدف للمدن الذكية؟ في الواقع أنه هناك العديد من الأهداف عند تبني مثل هذه المشاريع لكن يظل الرفع من جودة الحياة أهم هدف يمكن أن تحقيقه لنا المدن الذكية. ولتحقيق هذه الغرض توظف المدن الذكية العديد من التقنيات والحلول الحديثة حيث يتم الاستفادة من تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وغيرها من التقنيات الناشئة لمواجهة وحل والتعامل مع التحديات في المدن. ويتوقع الكثير من المختصين بأن المدن الذكية سيكون هو الشكل للمستقبل للمدن خصوصاً مع التطور الحضري حول العالم. الشكل الحالي التقليدي للمدن لن يكون كافيا للتعامل مع التحديات والاحتياجات فيها وكذلك ما قد يظهر فجأة بدون توقع أو مؤشرات مسبقة كما حصل في جائحة كورونا، لذلك من الضروري اتباع طرق واستراتيجيات حديثة عند تخطيط وبناء وإدارة المدن لتكون مرنة بما فيه الكفاية وقادرة على التعامل مع ذلك. وفقاً للعديد من الدراسات من المتوقع أن يتركز 70% من السكان حول العالم في المدن الحضرية وذلك بحلول عام 2050 وهذه الزيادة تعني تحديات ومشاكل جديدة وهذا يتطلب مفهوماً حديثاً من المدن و تعاملاً مختلفاً وبشكل ذكي وذا كفاءة واستجابة عالية القدرة على استيعاب هذا الرقم الكبير من الافراد ويجب أن إلى أن تلك النسبة من المتوقع أن تكون ما بين 80% إلى 100% في دول الخليج العربي خصوصا مع المشاريع العملاقة والنوعية في المدن الكبرى وأقرب مثال لدينا مدينة الرياض والتي تم وضع استراتيجية لها لتكون نماذج عاملي للعيش وتكون واحدة من أكبر عشر اقتصادات مدن عالميا بالإضافة إلي مضاعفة سكانها ليصل ما بين 15- 20 مليون نسمة واستقبال أكثر من 40مليون زائر بحلول عام 2030.
سيكون للمدن الذكية تأثيرا مباشراً على حياتنا من جوانب مختلفة يمكن اجمالها بالنقاط التالية:
1-رفع مستوى الأمان في المدن والذي يمكن تحقيقه من خلال تطبيقات مختلفة تساهم في تقليل من نسب الانتحار والحوادث المرورية والسرقات والتعدي على الممتلكات وسهولة الوصول لمواقع الحوادث من خلال تقنيات حديثة مثل الكاميرات الذكية وأنظمة التعامل الذكي والتي ترصد كل ما يحدث في المدن بشكل مباشر وتوفر آلية مناسبة للتعامل معها بكفاءة واستجابة عالية.
2-تحسين أنظمة النقل وسهولة التنقل داخل المدن: يعتبر الازدحام المروري وصعوبة التنقل من أهم سمات المدن الكبرى وأيضا من أهم التحديات فيها. وتوفر المدن الذكية حلول مختلفة للتعامل مع ذلك وجعل التنقل أكثر سلاسة وحتى متعة. وغالبا ما تكون تطبيقات المرور الذكية هو نقطة الانطلاقة في كثير من مشاريع المدن الذكية حول العالم لما لها من أثر واضح وملموس على حياة الافراد. وهناك العديد من تطبيقات المدن الذكية مثل أنظمة الإشارات المرورية الذكية والسيارات المتصلة وكذلك أنظمة مراقبة الطرق والتي يمكن أن توفر سهولة في التعامل مع الحوادث وحالات الطوارئ مثل سرعة الوصول لها ونقل المصابين لأقرب مستشفى مع ارسال تحديث عن حالة المصابين حتى قبل الوصول هناك. كما تساهم السيارات المتصلة في توفير بيئة أكثر أمانا في الطرق من خلال التقليل من نسبة الحوادث وسهولة الوصول للوجهات وتجنب مواقع الازدحام والطرق المكتظة. الحساسات يمكن أن تلعب دوراً مهما في مراقبة الطرقات والجسور والتنبيه قبل حصول الأخطاء كحالات تصدع الجسور والحفر في الشوارع ومشاكل البنية التحتية فيها. يجب أيضا ألا ننسى أنظمة الحافلات والقطارات الذكية والدور الذي يمكن أن تقدمه للمدن.
3-تحسين الصحة العامة: تساهم التطبيقات الطبية في توفير آلية لمتابعة ومراقبة الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والتي تشكل ضغطاً كبيراً على كاهل الدول عالميا فهي قد تتسبب في حصول امراض اخرى مثل الفشل الكلوي والإعاقات وتأثيرات سواء على القطاع الطبي أو الاقتصادي أو التعليمي. هنا يمكن أن يراقب الطبيب المرضى عن بعد ويمكن أن يدخل لتقديم اقتراحات معينة لهم دون الحاجة لذهابهم إلى المراكز الصحية وهذا يعني توفيرا في الوقت والجهد والتقليل من الازدحام المروري والضغط على المستشفيات. كما توفر التطبيقات الذكية بيانات يمكن من خلالها اتخاذ قرارات تساهم في الرفع من جودة الحياة فمثلا عند ارتفاع نسبة السمنة في المجتمع يمكن أن يتم استخدام برامج توعوية لذلك أو فتح مراكز صحية متخصصة لذلك. ويكفي أن نتذكر الدور الكبير الذي لتطبيق توكلنا خلال جائحة كورونا والذي كان من أنجح التجارب عالميا خلال تلك الفترة، بل أن شجع بعض الدول للقيام بفكرة مشابه.
4-توفير بيئة ونظيفة ومستدامة: ويتم ذلك من خلال تطبيقات لإدارة الطاقة والمياه مما يساهم من التقليل من الانبعاثات وهدر المياه، بالإضافة إلى حلول إدارة النفايات وتعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري. كما توفر المدن الذكية طرق نظيفة ومرافق ومنتزهات خضراء مجهزة بأحدث التقنيات التي تساهم في تحسين جودة الحياة وتشجيع الأفراد على اتباع سلوكيات صحي كالمشي على سبيل المثال.
5-تطوير الأنظمة التعليمية وجعلها متاحة للجميع من خلال استخدام منصات تعليمية يمكن الوصول لها في اي وقت مزودة بأحدث المصادر العلمية كما يمكن لهذا المنصات تتبع سير التعلم للطالب وتقديم بعض الاقتراحات مع مراعاة الاحتياجات الفردية لكل طالب مما يساهم في تطوير العملية التعليمية وتبسيطها بشكل عام.
6-موارد اقتصادية جديدة من خلال فرض رسوم مقابل الخدمات المقدمة داخل المدينة. كذلك خفض التكاليف على المدن خصوصاً على المدى الطويل.
7-فرصة وظيفية جديدة وهذا يجعل الأمر مشجعاً لكثير التي تعاني من ارتفاع نسبة البطالة فيها مع الإشارة إلى أنه كنتيجة للتحول نحو المدن الذكية من المتوقع أن تندثر بعض الوظائف لكن في الإطار نفسه تظهر وظائف بشكل ومهارات مختلفة.
ختاماً: هناك العديد من الجوانب الأخرى التي يمكن أن يكون للمدن الذكية تأثيراِ في حياتنا والأمر هنا يختلف من مدينة وأخرى، ومستقبلاً وفي ظل التطور في الجانب التقني على وجه الخصوص فمن المتوقع أن تظهر أدوار وجوانب أخرى للمدن الذكية تساهم أن الرفع من جودة حياتنا وتحقيق الكفاءة والإنتاجية والاستدامة البيئية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال