الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الصناعات البترولية والبتروكيمائية والتعدين لا شك هي من أهم ركائز الاقتصاد السعودي وهي المستقبل الذي يعول عليه في تعظيم الفائدة منه بتصنيعه محلياً وتصديره منتجات نهائية للأسواق العالمية والاستفادة من الموقع الاستراتيجي للمملكة بين ثلاث قارات اسيا واوربا وأفريقيا وكذلك الاستفادة من البنية التحتية المتطورة بالمملكة ولكن في نظري أن الصناعات الغذائية هي الأخرى صناعة تحتاج مزيد من العناية جنباً الى جنب في مسيرة التنمية والتطوير للصناعة بشكل عام بالمملكة. فاتورة المواد الغذائية حسب احصائية 2016l بلغت 70 مليار دولار وبمعدل نمو سنوي ٨٪ اي قاربت حالياً (٩٢.٤) مليار دولار ومعظم هذه الاغذية مصنعة وليست خام .
كثير من الدول الزراعية التي تمتلك معظم الموارد الزراعية رغم وفرة هذه الموارد فهي فقيرة لأنها تفتقر لصناعات غذائية متطورة من يتخيل اندولة عربية ارضها خصبة ويخترق النهر ارضها تستورد الفول المعبأ بنسبة (85%) ! .
تعاني الصناعات الغذائية بالمملكة من فجوة نظامية غيّر محسومة بشكل نهائي فوزارة الصناعة وزارة معنية ووزارة البيئة والمياه والزراعة معنية وهذه الصناعة تقع ضمن اهتمامهما جميعاً .
كل مشروع زراعي ضخم مّثّل صناعة الالبان او الدواجن او الاسماك او الخضار ينتهي بمصنع لتجهيز منتجاته وتجد صندوق التنمية الزراعية يقرض جزء من محتوياته بينما يقرض الصندوق الصناعي يقرض جزء آخر .
الصناعات الغذائية لا تتطلب في مجملها ان يكون لديك مشروعاً زراعياً أصلاً او تكون الدولة ذات انتاج زراعي فقد تستورد القمح او الذرة او الفواكة او الخضار او اللحوم او الاسماك وتصنعه صناعات تحويلية متعددة حسب طلب ونمو الاسواق مثل ما يحدث في سنغافورا تلك الجزيرة الصغيرة التي لا تمتلك موارد طبيعية تقابل حجم انتاجها من الصناعات الغذائية التي تشكل جل ناتجها المحلي وكذلك ما يحدث في جبل علي في دولة الامارات الشقيقة، حيث يصدر الشاي والمكسرات بل اللحوم والارز والسكر والجميع يعلم أن كل هذه المنتجات وغيرها مستوردة.
إن اضافة الصناعات التحويلية ضمن المشاريع الزراعية تشكل عبئاً عليها ويشغلها عن دورها الانتاجي ويستنزف مواردها المالية وتدفقاتها النقدية باعتبارها صناعات مستقلة وبنى تحتية ليس شرطاً ان يقحم المزارع او المستثمر الدخول فيها ويترك للتركيز على منتجاته وتطويرها بدّل الدخول في صناعة ثانوية اخرى.
إن تصريحات المسؤولين بان لدينا هدر في الغذاء يصل 35% من كميات الغذاء هي كميات لا يمكن تجاهلها وهي قد تكون تكلف (32) مليار دولار اي (121) مليار ريال سنوياً.
هذا الرقم يجب ان نقف أمامه كثيراً ونوجه نسبة كبيرة لتفاديه بالصناعات الغذائية اضافة للتوعية وتطوير وسائل النقل والتداول والتخزين.
ان من يقف امام أرفف الاسواق المركزية ويتأمل في عبارة أنتج في المملكة العربية السعودية (Made in Saudi Arabia) على هذه المنتجات يجد هذه العبارة قليلة في سيل المنتجات الواردة لهذه البلاد المباركة من كل حدب وصوب . نحن نفتخر بصناعة الألبان وصناعة الدواجن والصناعة السمكية في بلادنا ولكن نرغب منها بالمزيد فلا زالت تلك الأرفف تزدحم بمنتجات ألبان غير وطنية ، ومثلها ينطبق على العصائر والدواجن والأسماك.
المستثمر المحلي مطلوب ان يتحلى بالجرأة والإقدام والاستفادة من الفرص العديدة المتاحة داخلياً والتي لا تستهدف فقط السوق المحلي بل الإقليمي والدولي وكذلك الاستفادة من أوجه الدعم التي توفرها الدولة ، والقطاعات الحكومية لها دور كذلك في تسهيل الإجراءات وازالة اية صعوبات يتعرض لها المستثمر وبدون تضافر الجهود سنبقى مجتمع استهلاكي مستنزف بالبضائع المستوردة خلافاً لما يكتنفها من تدني للجودة والأمر يكون اخطر وأكثر إلحاح عندما يرتبط بالصحة والسلامة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال