الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تلعب الاستدامة الاجتماعية دورًا حيويًا في قطاع الضيافة من خلال العمل على الاستخدام الواعي والأمثل للموارد المختلفة الطبيعية منها والبشرية، ويعتمد نجاح الفنادق والمنتجعات على قدرتها في الحفاظ على علاقتها مع المجتمعات المحلية القريبة منها وعلاقتها مع أفراد المجتمع الداخلي الذين يعملون في مرافقها كذلك قدرتها في الحفاظ وادارة عوامل الجذب التي تميزها وتحفز وتجذب السياح على زيارة وجهتها. بالإضافة الى ذلك العمل على ربط الجسور الثقافية لدمج السياح مع المجتمعات المحلية دون إغفال وتهميش الهوية والثقافة المحلية. تركز معظم الوجهات على دورها البيئي بشكل ملحوظ وتستثمر فيه، فمن المهم ايضاً العمل على صناعة الاثر الاجتماعي والالتزام بأفضل الممارسات المتعلقة به. وهنا سوف نسرد بعض من هذه التدابير والمعايير الاجتماعية التي ينبغي على الوجهات العمل عليها جنبا الى جنب مع الممارسات البيئية.
الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والثقافية والبشرية وإداراتها: تكمن قيمة الوجهات بقيمة الموارد الطبيعية والتراثية والثقافية والبشرية المحيطة بها، فمن الضروري الحفاظ على التراث الطبيعي والتنوع البيولوجي، والاستثمار الأمثل في الموارد البشرية للحفاظ على قيمة الوجهة والفنادق واستدامتها. فمن أهم الممارسات للحفاظ على هذه القيمة الطبيعية تحديد الحد الاعلى لعدد السياح في الزيارات اليومية للوجهة بشكل عام وعدد ممارسي الأنشطة المختلفة حول أو داخل الموارد الطبيعية البحرية أو الفطرية وذلك للتحكم الأمثل في إدارة الأضرار البشرية المحتملة من هذه الزيارات مع تقديم التوعية اللازمة للزوار في كيفية التعامل الأمثل أثناء الزيارة وممارسة الأنشطة. التراث الثقافي هو بصمة وهوية المكان والوجهة وعنصر الانتماء الذي يميز أفراد المجتمع لذلك على قطاع الضيافة المحافظة على الخريطة الثقافية، وعلى القيم التقليدية التي ترتبط بحياة الناس في المجتمعات المستضيفة. وذلك من خلال المساهمة في مد جسور التسامح والحوار مع الثقافات الزائرة للوجهة، توفير فرص للسياح الاستماع للقصص المجتمعات المحلية والتعامل معهم، لان السياحة تعد جسر للتواصل بين الثقافات والشعوب. وعلى هذا الصعيد فإن إدارة الموارد الطبيعية والتراثية تعد عاملاً اقتصادي مهماً تسهم إيراداته في سدّ تكلفة الحفاظ عليها وخاصة المناطق التي لا تمتلك الإمكانات المادية الكافية لتنفيذ برامج صون الطبيعة والتراث الأثري والتاريخي بها. الموارد البشرية تلعب دوراً كبيراً وهاماً في وصول الوجهة لأهدافها المستدامة، وتعمل على تحقيق كل ما سبق ذكره فلذلك من الضروري على قطاع الضيافة تقديم الدعم الكافي للعاملين فيها لإظهار إبداعاتهم وتحقيق الاستفادة القصوى من طاقاتهم من خلال توفير وتهيئة بيئة عمل جاذبة ومناسبة، وتسهيل ظروف العمل للفئات ذات الاحتياجات الخاصة بالإضافة الى تصميم برامج التدريب والتعليم المناسبة تجاه جميع الموظفين والعاملين مع توضيح آليات وسياسات إدارة الموارد البشرية بكل شفافية ومساواة وعدل. وبهذا يتم تحقيق الوصول الى استدامة مثالية مع هذه الموارد والقيم المادية لدي أي وجهة سياحية.
سهولة الوصول للجميع: يشمل في الوجهات العديد من المرافق المختلفة خصوصا تلك المواقع ذات الجذب الطبيعية والثقافية وقد يكون من زوارها ممن لديهم متطلبات وصول محددة أو احتياجات خاصة بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السن وغيرهم، ولتحقيق هذا المتطلب الاجتماعي يتم توفير طرق للوصول من خلال تصميم وتنفيذ الحلول المناسبة للوصول مع الأخذ في الاعتبار معايير السلامة. كما يتم توفير المعلومات اللازمة حول إمكانية الوصول إلى المواقع والمرافق والخدمات ابتداء من عملية الحجز. وبكل فخر لم تتوقف وجهة البحر الأحمر عند هذا الحد من حق الوصول وانما كذلك وفرة امكانية المشاركة والاستمتاع في الأنشطة البحرية المختلفة للجميع من خلال توفير المعدات اللازمة والمدربين المختصين للتعامل مع من لديهم احتياجات خاصة.
تفعيل المسؤولية المجتمعية مع المجتمعات المحيطة: المجتمعات المحيطة بدور الضيافة هي جزء من تجربة السائح التي يبحث عنها وربما تكون أحد الأسباب الرئيسية لزيارات الوجهات السياحية المختلفة، لتجول في أسواقهم ومزارعهم والأكل في مطاعمهم والجلوس في مقاهي البلدات القديمة المجاورة لذلك يجب على الفنادق احترام المجتمعات المضيفة وثقافتهم وقيمهم والعمل على تمكينها ودمجهم في العملية الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها جميع الفنادق في الوجهات المختلفة، والمساهمة في تجسير التواصل مع الثقافات المحلية والتسامح. والتأكد من ضمان توفر منافع وفرص اقتصادية مجدية وطويلة الأجل لهذه المجتمعات موزعة بشكل عادل، والمساهمة في تدريب وتعليم شباب المجتمعات المحلية والاستفادة من هذه القدرات ضمن أطقم الضيافة المختلفة. كذلك تشجع على التطوع والمشاركة في المبادرات المجتمعية المستدامة بطريقة مسؤولة من دون ان ينطوي ذلك على الاستغلال. الترويج للأنشطة والمبادرات المجتمعية وتشجيع الزوار لدعم المجتمع المحلي والمساهمة والمشاركة معهم في هذه الأنشطة. وعلى هذا الدرب سارت وجهات شركة البحر الأحمر الدولية قبل تشغيل فنادقها إطلاق برنامج رواد الضيافة لتأهيل وتوظيف كفاءات محلية في قطاع السياحة والضيافة وبرنامج توثيق ونشر أفلام قصيرة وقصص عن الإنسان والطبيعة المحلية والعمل على إعادة إحياء الأسواق القديمة في المناطق المجاورة.
دعم المزارعين والحرفيين ورواد الأعمال المحليين: من الممارسات الاقتصادية المستدامة في الضيافة الحفاظ على الإنفاق داخل الاقتصاد المحلي من خلال دعم الشركات المحلية وسلاسل التوريد والاستثمار المستدام فيها. ايضاً العمل على تطوير وشراء المنتجات المحلية التي تعكس طبيعة المنطقة وثقافتها وتشمل منها الأطعمة والمشروبات، والحرف اليدوية، وفنون الأداء، والمنتجات الزراعية، والترويج لها وإتاحتها للبيع داخل مرافق المنشأة. ومن هذه الأمثلة المستدامة في وجهات البحر الأحمر تأسيس جمعية تعاونية زراعية محلية تساعد على تمكين المزارعين المحليين لرفع جودة المنتجات ثم ضمان الشراء والتجارة العادلة لمثل هذه المنتجات الزراعية من قبل فنادق وجهات البحر الأحمر وامالا. بالإضافة الى عملها على رفع مستوى الحرفيين والمنتجين وتمكينهم لعرض أعمالهم ومنتجاتهم داخل الوجهة عند تشغيلها بالكامل.
توعية وتحفيز الضيوف على المشاركة في رحلة الاستدامة: أغلب الزائرين اختاروا هذه الوجهات والفنادق لالتزامها المسبق في برامج الاستدامة، لذلك من الأهمية إشراك الزوار في الجهود والمبادرات التي تعمل عليها هذه الفنادق لأنهم يعتبرون المستهلكون الرئيسيون للمياه والطاقة في الفندق. للقيام بذلك من خلال استخدام طرق اتصال مختلفة مباشرة وغير مباشرة لتثقيف الزوار حول سياسات المعمول بها. على سبيل المثال ما تم ذكره في الممارسات البيئية في المقال السابق من خلال برنامج نقاط المكافأة بعد محافظة الزائرين على الماء والكهرباء بحكمة. كذلك ارسال رسائل توعوية الالكترونية ابتداء من عملية الحجز والتأكيد والترحيب والاستفادة من شاشات الغرف في وضع قصص ومبادرات الوجهة في الاستدامة والفرص القادمة المتاح المشاركة فيها، وبالإمكان أيضا تجاوز ذلك للوصول للمرافقين من الأطفال لتقديم مواد إعلامية توعوية مناسبة لهم تحقق نفس الغرض من خلال استعراضها في غرفة سينما صغيرة في بهو الفندق أو في منطقة العب الخاصة بهم. وغيرها الكثير من أجل أن ادماج الضيوف في هذه الرحلة ليكونوا شركاء ملهمين للممارسات الاستدامة داخل الفندق وحول الأحياء المحلية.
هناك العديد من الممارسات المستدامة في قطاع الضيافة التي يمكن تنفيذها على مستوى أي منشأة في هذا القطاع للمساعدة في المساهمة البيئية والاجتماعية المستدامة، غير تلك التي تم التطرق لها في هذا المقال والمقال السابق وتعد الحد الأدنى الذي يجب أن تعمل عليه. إن فهم وتنفيذ هذه التدابير والمعايير يساعد الوجهات والفنادق فيها على التميز عن المنافسين بالإضافة إلى مساعدتها على التوفير وكفاءة الاستخدام والتعامل المسؤول الذي يؤول لجلب الكثير من الزوار. لذلك يجب التعامل مع استدامة الضيافة بشكل شامل في جميع قطاعات الفندق من خدمات الغرف، إدارة المطاعم وقاعات المؤتمرات وبقية العمليات التشغيلية. من أجل أن يلعبوا جميعاً دورًا متناسق وأن يكونوا مصدر إلهام لتطوير واتخاذ قرارات مستدامة جديدة داخل المنشأة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال