الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الضيافة المسؤولة أغلب الشركات التي تعمل في قطاع الضيافة لديها بالفعل استراتيجيات جريئة بشأن البيئة والمجتمع والحوكمة لمعالجة مجموعة واسعة من الأولويات إلى جانب الاهتمام بتغير المناخ أكثر مواضيع الاستدامة حساسية ومساءلة. ولمعرفة قيادات قطاع الضيافة باهتمام معظم الزوار بمواضيع الاستدامة والممارسات المسؤولة تقوم معظم المنشآت في هذا القطاع بتقديم مبادرات مجتمعية وخضراء للاستجابة لهذه المطالب، بعض من هذه البرامج تُخصص للزوار والسياح وتُصمم بهدف المشاركة والاندماج مع الطبيعة والناس. باعتبار الضيافة واحدة من أكبر الصناعات في العالم، توجب على شركات السفر والسياحة تقديم الكثير من المبادرات المجتمعية من أجل قيادة الصناعة، والمساهمة في الحفاظ على الكوكب ورد الجميل للمجتمعات المحلية، كما ينبغي أن يزيد العطاء في أوقات الأزمات.
إحدى الطرق التي تقوم بها العديد من الفنادق لتحقيق وتفعيل برامج الاستدامة لديها من خلال السياحة التطوعية الموجهة للمسافرين الذين يرغبون في الحصول على تجارب تضفي معنى على اجازاتهم بشكل خاص وحياتهم بشكل عام. وتتنوع الممارسات والتطبيقات من وجهة إلى أخرى حسب نوع وبيئة وطبيعة هذه الأماكن والسكان المقيمين فيها وحولها. التحدي يكمن في كيفية أن تجد الفنادق، طرقًا مبتكرة ومبادرات نوعية تواكب رغبات ضيوفها من الجيل الجديد المتحمس لدعم المجتمعات المحلية والمدرك لأهمية المساهمة في المحافظة على البيئة.
في هذا المقال نسرد عدد من التجارب والأمثلة التي قامت بها بعض من الفنادق العالمية والشركات المتخصصة في هذا القطاع بهدف إلهام القيادات والعاملين في الضيافة بالمملكة لتقديم ابتكارات مجتمعية أو على الأقل استنساخ أي من هذه التجارب والأدوات المبتكرة.
في أوقات الأزمات تتضح معادن الناس وتنكشف الأخلاق في ساعات الشدة، أثناء جائحة كورونا ظهر الحس المسؤول للعديد من الفنادق وغيرها في قطاع الضيافة ففتحت أبوابها للمتأثرين وللمحتاجين، بالإضافة إلى تقديم تبرعات غذائية للأشخاص الذين يكافحون لإطعام أسرهم بعد أن تم تسريحهم من أعمالهم في وقت كانت فيه البطالة في أعلى مستوياتها على الإطلاق بالرغم من توقف التدفق النقدي.
لذلك يطلق على هذه الأعمال المواطنة المسؤولة لأن المنشأة تُمثل بأنها مواطن عليه واجبات ومسؤوليات تجاه الوطن الذي يستقر ويستثمر فيه. كما شملت التجارب الأخرى في التفاعل مع هذه الأزمة أو غيرها تقديم الإجازات مع ساعات التطوع للمساهمة في البرامج التي تعزز رد الجميل للمجتمع المحلي، سواء من خلال تجهيز اللوازم المدرسية للأطفال المحرومين أو السلال الغذائية للأسر أشد احتياج.
ومن الأمثلة على هذه الممارسات ما قدمته منتجعات قيصر (Ceasars Resorts)، من تبرعات للجمعيات الخيرية عبارة عن سلال غذائية بالإضافة إلى تزويد المستشفيات والعاملين في القطاع الصحي بالإمدادات الطبية اللازمة. أما فندق فورسيزونز الشهير في نيويورك قدم إقامة مجانية للعاملين الطبيين الذين قدموا من مسافات طويلة لمساعدة أهالي ومجتمعات مدينة نيويورك.
أما فندق ماريا بيرينات قطن هاوس (Maraya Perinat Cotton House) في برشلونة استضاف مجانا المرضى المصابين بالفيروس لقضاء فترة الحجر بالرغم أنها تتقاضى ما يعادل 450 دولارًا في الليلة. وغيرها الكثير من الأعمال التطوعية المجتمعية التي تقدمها الفنادق إذ أصبح ذلك جزء من مسؤولية القطاع لما يعتبر واجبًا أخلاقيًا.
نحن نهتم مبادرة احدى شركات الرحلات البحرية التي من خلالها يتم تقديم أعمال ومبادرات اجتماعية وخيرية متنوعة وهادفة. هذا ما قامت به شركة كريستال كروز Crystal Cruises عبر برنامج نحن نهتم (WeCare)، الذي يفتح المجال للضيوف المسافرين على متنها فرصة لرد الجميل للمجتمعات وتوفر للركاب فرصًا لحجز رحلات سياحية تطوعية مستقلة أو من ضمن برامجها في رحلاتها البحرية الاعتيادية، ليختار المسافرين الأنشطة التي تناسبهم أما إطعام كبار السن بالتعاون مع إحدى المنظمات المختصة، أوتعبئة الفواكه والأطعمة بالتعاون مع أحد بنوك الطعام أو زراعة الأشجار في إحدى الوجهات التي يقف بها الكروز أو يستهدف زيارتها لهذا الغرض حتى وآن لم يكن مزار سياحي جاذب.
جولة من القلب مبادرة تستثمر فيها كلا من TreadRight وTrafalgar Tour Operators في المجتمعات المحلية لتحمي البيئة والأهالي. ففي الهند يرتبون للضيوف لتمديد رحلتهم لتكون مع مرشدين للتطوع لمدة ثلاثة أيام في مشروع تنمية احدى المجتمعات الريفي ويتضمن بناء فصول دراسية لأطفال المدارس المحلية. وفي الإكوادور يتم توفير خيار للنزلاء المشاركة في مشروع التنمية المستدامة في غابات الأمازون.
من أجل إطعام الفقراء أطلقت فنادق ومنتجعات أومني (Omni) في جميع أنحاء الولايات المتحدة برنامج (Say Goodnight to Hunger) بالتعاون مع مؤسسة Feeding America الخيرية، التي تتبرع بوجبة واحدة لشخص محتاج مقابل كل حجز يتم إجراؤه. وعبر هذا المشروع يتم تقديم ما يقرب من تسعة ملايين وجبة في السنة. حقيبة من أجل غاية مبادرة اجتماعية تعاونت فيها مجموعة Sandals Resorts مع إحدى المنظمات غير الربحية لتعطى فرصة لنزلائها تعبئة حقائب الظهر من قائمة من اللوازم المدرسية بما لا يزيد عن 5 جنيهات إسترليني. فمنذ عام 2010 قدم المسافرون من خلال هذه المبادرة (Pack for a Purpose) على ما يزيد 165 كجم من الحقائب المدرسية التي تلبي الاحتياجات المدرسية الأساسية في أكثر من 60 دولة.
اللطف مع الناس والطبيعة هو قلب كل ما نقوم به، تقع منتجعات سيلان الرائعة (Resplendent Ceylon) في مناطق ذات مناظر خلابة وحساسة بيئيًا. يعد المنتجع جزءًا من شركة الشاي ديلما Dilmah التي أسسها الراحل فرناندو مع فلسفة مفادها أن الأعمال التجارية يجب أن تكون أيضًا أعمال مصحوبة لخدمة البشرية. أجندة الاستدامة لديهم تتوافق مع منظمة متخصصة تم تأسيسها لكامل المجموعة لدمج جهود أعمالها للحفاظ على البيئة والحياة البرية مع وجود مؤسسة خيرية تحمل أسم المؤسس (MJF Charitable Foundation) تركز على الأعمال والعدالة الاجتماعية وتقدم مشاريع مجتمعية سنوية.
رحلة الاستدامة في الفنادق الفخمة لم تكن سهله، لكنهم شعروا إنه أمر لا بد منه ومن الأمثلة على كيفية تنفيذ الفنادق الفاخرة مبادرات مستدامة جديدة مع الاستمرار في تزويد الضيوف بالخدمة والجودة التي يتوقعونها من مكان راقي وفخم. بوتيك إنسبيرا (Inspira Liberdade Boutique Hotel) قدم مبادرات مستدامة مثل تعبئة المياه داخل المنزل، وتوفير صناديق إعادة التدوير وإنشاء مساحات اجتماعات خضراء. يقع هذا البوتيك في مبنى يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر في البلدة القديمة في لشبونة، وقد حصل على جائزة أفضل فندق أخضر صديق للبيئة في العالم من جوائز الفنادق الفاخرة العالمية. وفي أحد الأعوام قدم دعوة لضيوفه لاستهلاك المياه المعبأة داخل المنزل أو استخدام صناديق إعادة التدوير داخل الغرفة أو عقد اجتماعات خضراء خالية من انبعاثات الكربون، والذي أصبح مصدر إلهام للعديد من الفنادق الفاخرة لتحذو حذوها ليعد الفندق مثالًا ساطعًا لما يمكن أن تبدو عليه الاستدامة في الضيافة الفاخرة.
يتمتع قطاع الضيافة في المملكة بالكثير من القوة والإمكانات لبناء مستقبل أفضل، ويمكن أن تكون الخطوات للوصول إلى أبعد مما هو عليه الآن أسهل مما قد يعتقده البعض خصوصا مع زيادة نسبة السياح. يمكن بدء مبادرات الاستدامة داخل منشأت الضيافة من خلال تجسيد ممارسات تضعها الفنادق موضع التنفيذ من أجل أن تكون أكثر استدامة. ولإعداد برنامج خاص في السياحة التطوعية من الضروري على الجهة اولاً تحديد الاحتياجات الأكثر إلحاحًا في المجتمع هل هي التغذية، البيئة، الأمية أو غيرها من القضايا المجتمعية. ثم تحديد بالضبط ما يُأمل تحقيقه من خلال البرنامج مع تحديد أهدافًا قابلة للقياس للوصول إلى رؤية الفندق. بعد ذلك تحديد الخدمات اللوجستية بما في ذلك الموارد الداخلية لتنظيم وتعزيز وتشغيل برنامج التطوع واختيار احدى الشركاء المناسبين من القطاع غير ربحي. وأخيرا يتم وضع خطة لكيفية التواصل مع النزلاء والمتطوعين، ليس فقط لإبقائهم على اطلاع وإنما تحفيزهم للمشاركة.
تخطط فنادق هيلتون لتحقيق التكافؤ بين الجنسين في أدوارها القيادية على مستوى العالم بحلول عام 2027 وزيادة التنوع العرقي بين أدوارها القيادية في الولايات المتحدة إلى 25٪. هذا النهج أكسبها المركز الأول في قائمة DiversityInc لعام 2021 لأفضل 50 شركة للتنوع. أطلقت شركة ماريوت الدولية برنامجها التدريبي للتوعية بالاتجار بالبشر في يوليو 2021، لمساعدة موظفيها على التعرف على علامات التحذير والنداء وكيفية الاستجابة لها. كما قامت باستبدال علب الأدوات التي تُستخدم مرة واحدة في الغرف بعبوات أكبر ذات مضخة، لان ماريوت الدولية جعلت النفايات أولوية رئيسية لها. أما منتجعات MGM قامت بتحويل 263 ألف طن من نفايات الطعام من مكبات النفايات وإعادة توجيهها إلى علف حيواني أو وقود حيوي. أما فنادق أكور (Accor) جعلت الطعام أولوية في أحدث استراتيجياتها للاستدامة لأنه يعتبر %50 من النفايات المجمعة وأكبر مساهم في التنوع البيولوجي والبصمة المائية مصدرها الأغذية.
أخيراً أتفق مع التوجه القائل بأن السفر والضيافة يمكن أن يكون “قوة قوية من أجل الخير” حيث يمكن للسياحة بكل عناصرها أن تلعب دورًا اقتصاديًا رئيسيًا إذ يعد تأثيرها على المجتمعات المحلية بعدًا مهمًا لا سيما في النظم البيئية الطبيعية الهشة وفي الاقتصادات النامية والتي تؤدي إلى تعزيز التفاهم الثقافي والفرص الاجتماعية والاقتصادية العادلة والمحافظة لحماية الكوكب للأجيال القادمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال