الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تطرقنا في المقال السابق عن ماهية الثقافة التنظيمية ومدى مساهمتها في إنجاح الاستراتيجية. نتناول في مقالنا هذا عن الثقافة التنظيمية في ضوء رؤية المملكة 2030.
إن رؤية المملكة 2030 التي تم إطلاقها في عام 2016 بمثابة انطلاقة التغيير والتحول على المستوى الوطني، فهي رؤية طموحة تنم عن مستقبل مشرق ففيه ارتكزت محاور الرؤية على: مجتمع حيوي ، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح. فالمحور الأول وهو مجتمع حيوي يهدف إلى تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية وتمكين حياة عامرة وصحية، أما المحور الثاني وهو اقتصاد مزدهر حيث يوفر الفرص للجميع من خلال تلبية احتياجات سوق العمل، كما يهدف إلى النمو والتنوع الاقتصادي، أما فيما يخص المحور الثالث وهو وطن طموح فيركز على بناء حكومة فعالة وشفافة وتتمتع بجودة أداء عالية. إن الثقافة التنظيمية تعد النواة الأساسية لإنجاح أي استراتيجية وتحقيقها بأقصى قدر من الفعالية والكفاءة ولا تقل أهمية عن الممكنات التي تدعم تنفيذ هذه الرؤية، وتلعب الثقافة التنظيمية دورًا حاسمًا في تحقيقها. من هذا المنطلق، فإنه بالتزامن مع إطلاق الرؤية أضحت الحاجة ملحة لتبني ثقافة تنظيمية قوية داعمة لمحاور الرؤية وأهدافها ومبادراتها المنبثقة منها وتدعم برامجها التي تتولى تنفيذ هذه الأهداف والمبادرات في ظل وجود قيادة داعمة لهذه الرؤية بشكل كبير، وضرورة التحول من فكر الثقافة التنظيمية التقليدية إلى فكر الثقافة التنظيمية الحديثة بحيث تكون متوائمة مع محاور الرؤية وأهدافها. فكما نلاحظ أن الرؤية طموحة وتنم عن مستقبل مشرق قابل للتطبيق على أرض الواقع ولكن قد يواجه مرحلة تنفيذها تحديات وعوائق، لذا لابد أن تكون الثقافة التنظيمية التي يتم تبنيها من قبل برامج الرؤية تنطوي على كثير من الخصائص الجيدة من ذلك: الديناميكية والمرونة وسرعة الاستجابة لأية تغييرات أو مستجدات قد تكتنف عملية تنفيذ هذه الرؤية لدعم اتخاذ القرارات واستغلال الفرص، وتعزيز سلوك القائمين على تنفيذ الرؤية وتحسين مستويات أدائهم وكفائتهم لتكون عاملًا مساهمًا وداعمًا لتكامل الجهود وتسخير الإمكانيات والقدرات لتحقيق الرؤية. فالثقافة التنظيمية تعد بمثابة الإطار المرجعي الغير مكتوب والغير رسمي للقائمين على تنفيذ هذه الرؤية، وتحدد القيم والمبادئ الأساسية التي يجب أن يتعاملون على أساسها ويتخذون قراراتهم في ضوئها. كما أنها ستساهم بشكل كبير في مواجهة التحديات والإشكاليات التي تعترض عملية التنفيذ ووضع البدائل المناسبة لها. عليه، ينبغي للمنظمات العامة التي تتولى تنفيذ رؤية 2030 في المملكة العمل على تعزيز الثقافة التنظيمية المناسبة التي تواكب التحديات والازمات التي يواجهها العالم بشكل عام والمملكة بشكل خاص وتقتنص الفرص وتستفيد منها، وتحسن نظم الإدارة الداعمة لهذه الثقافة، بحيث تسهم في إيجاد بيئة عمل إيجابية ومتعاونة ومبتكرة، مما يضمن تحسين الجودة والإنتاجية، وتكامل الجهود لتحقيق الرؤية، ودعم البنية المؤسسية التي تتبنى التحول على المستوى الوطني وتنفيذها وفق ماهو مخطط له بحيث تجسر الفجوة بين الواقع وماهو مأمول الوصول له.
لذا فإن الثقافة التنظيمية عامل مهم ومحوري في رفع كفاءة عمل المنظمة وفعاليتها وتحقيق الانسجام بين العاملين لتشاركهم مجموعة من الخصائص التي تقود إلى وحدة الهوية والهدف وتنمي الولاء والانتماء لديهم. عليه فإننا نوصي بالتوعية بأهمية الثقافة التنظيمية نظرًا لمساهمتها في فشل أو نجاح المنظمة، وتعزيز السلوكيات الجيدة للعاملين كالالتزام واتقان العمل والنزاهة والمصداقية والتعاون؛ وذلك حتى يتم تبني هذه السلوكيات والممارسات الجيدة من كافة العاملين. ولتوضيح معايير الثقافة التنظيمية الإيجابية والسلبية أو معايير الثقافة التنظيمية الجيدة والسيئة فإنه يستلزم توافر الممكنات التنظيمية والتشريعية التي تدعم تبني الثقافة التنظيمية كإصدار دليل استرشادي لمعايير الثقافة التنظيمية الإيجابية الجيدة، كون الحكم على الثقافة بالإيجابية أمر نسبي فما هو مسموح أو مرغوب أو مناسب لدى البعض قد يكون ممنوع أو مرفوض او غير مناسب لدى البعض الآخر. ومن ثم التوعية والنشر بأهمية تبني ثقافة تنظيمية إيجابية لتحقيق أهداف المخطط لها.
المراجع:
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال