الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تأتي المنافسة الصحيحة في الأسواق لتقويض الاحتكار وتنظيم تحركات الاسعار ضمن مساراتها العادلة وتصحيح مسارات الكفاءة الاقتصادية والجودة في العملية الإنتاجية وهي ضرورة بالغة الاهمية لما يترتب عليها من سلامة ودقة بقية مؤشرات الاقتصاد الكلي .
يقول “آدم سميث” في كتابه “ثروة الأمم”: عندما يتعلق الأمر بالمنافسة، فإن الطموحات الفردية للمتنافسين تخدم السوق ككل وتجعله أفضل، ويمكن القول بأنها تحقق المصلحة العامة . وعلى الرغم من اهمية نظرية سميث حول المنافسة التي استمرت حتى وقتنا الحاضر الا انها تعرضت لعدة مطبات كتفسير اقتصادي غير مبرر تم تغليفه بمصطلح المنافسة الاحتكارية التي اسهمت في تعزيز مفهوم اليد الخفية لآليات السوق وتجنيب المنافسة بمعناها المعروف في علم الاقتصاد وهي : ان يعمل طرفي السوق ( المستهلكين والمنتجين ) لتحقيق مصالحهم الذاتية بطرق مشروعة ، ويقصد بها أيضا ترك السوق وشأنه وعدم التدخل مع أي من لاعبيه بحيث يتوازن السوق ويتساوى العرض والطلب وتتحقق مصالح الجميع.
كما يقول “سميث” أن السعر يبقى الضامن الأساسي لاستمرار المنافسة، فإذا قام مُنتج برفع سعر سلعة بشكل مبالغ فيه فإنه سيظهر من ينتجها بسعر أقل للحصول على العملاء. من هنا برزت ظاهرة الصراع بين المنتجين حول استقرار الاسعار في الاسواق مثل التسعير المفترس ( التسعير الطارد للمنافسين ) وهو لجوء الشركات الى خفض أسعارها من اجل سحق المنافسة والسيطرة على السوق عندها يحدث خسائر لدى هذه الشركة لكن بمجرد خروج المنافسين نتيجة لذلك تتجه هذه الشركة الى رفع أسعارها الغير منطقية ومن ثم تعوض خسائرها السابقة وتصبح بلا منافس في السوق وهو ما يشير الى وجود مثل هذه المخالفات المعقدة والتي قد تحدث بشكل متباين عبر الاسواق مما يتطلب معه العمل على تنفيذ معايير عالية الدقة في الإجراءات القانونية والمراقبة والتشديد على معاقبة اي ارتكاب لمخالفات المنافسة والتي بدورها تضر بالاقتصاد الكلي في أي مكان .
في المملكة تُشرف الهيئة العامة للمنافسة على تطبيق نظام المنافسة ولائحته التنفيذية الصادرة المرسوم الملكي رقم (م / 75) بتاريخ 1440 /6 /29، بهدف تعزيز المنافسة العادلة وتشجيعها ومكافحة الممارسات الاحتكارية غير المشروعة وضمان الوفرة والتنوع في السلع والخدمات ذات الجودة العالية والأسعار التنافسية، وتشجيع الابتكار. وتتجلى مهام الهيئة العامة للمنافسة في ثلاث وظائف رئيسية، هي: حماية المنافسة العادلة، وإنفاذ النظام، ومراقبة الأسواق لدعم كفاءة الاقتصاد الوطني وتعزيز رفاهية المستهلك. كما تبني السياسات المحفزة للمنافسة، ومكافحة الممارسات الاحتكارية، بما يحسن أداء الأسواق، لدعم ثقة المستهلك وقطاع الأعمال، والمساهمة في تدفق الاستثمارات وتعزيز التنمية المستدامة.
وجهود الهيئة ملموسة من خلال اعمالها المنشورة بشكل دوري عبر موقعها الرسمي ووسائل الاعلام المختلفة حيث اعلنت الاسبوع الماضي تغريم الشركة السعودية الخليجية لحماية البيئة “سيبكو” عشرة ملايين ريال، لاستغلالها الوضع المهيمن عبر البيع بأقل من التكلفة لإخراج المنافسين من السوق، وهي حالة معقدة تتطلب فحصا منظما ودقيقاً ومراقبة عالية للوصول إلى حكم دقيق، ولهذا أوضحت هيئة المنافسة أنه بناء على المؤشرات الأولية لاحتمال قيام الشركة بسلوك يؤدي إلى عرقلة دخول منشأة أخرى إلى السوق أو إقصائها منه، وهو ما تحظره الفقرة (1) من المادة(الخامسة) من نظام المنافسة فقد تم اتخاذ إجراءات التقصي والبحث وجمع الاستدلالات، وبعد جمع الأدلة وإجراء التحقيقات، تمت إحالة المخالفة إلى لجنة الفصل في مخالفات نظام المنافسة، التي أكدت ثبوت المخالفة . كما اعلنت عن عقوبة على شركة اسمنت نجران والقصيم والجوف وأم القرى والمدينة والصفوة لاتفاقهم على رفع الأسعار .
مجمل القول : تستخدم أساليب كثيرة من أجل إخراج المنافسين من السوق، أو منع دخولهم، ومن ذلك تعزيز معوقات دخول السوق بتقويض المنافسة العادلة ، وذلك باسم الجودة مما يسهم في رفع الاسعار لكن في ظل هذه التعقيدات التي تتطلب فحوصات دقيقة واجراءات احترافية تقوم الهيئة العامة للمنافسة بجهودها المتواصلة ودورها الفاعل لتقويض مثل هذه الممارسات التي لا تتفق مع حرية الاسواق .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال