الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نُشر قبل فترة خبر تصويت مجلس الشورى على سعودة قطاع التوصيل، ويبدو أن التصويت يشمل توصيل البضائع وتوصيل وجبات المطاعم، وكانت أصداء الخبر كبيرة وغير مستغربة لأنه يمس الكثير من المواطنين، وكانت ردود الأفعال مختلفة ما بين معارض ومؤيد، وكانت ممثلة في ثلاثة آراء؛ رأي المُشرّع ، ورأي أصحاب الشركات، ورأي العميل.
ونظرًا لأهمية القرار، سأحاول أن أتناول هذا الخبر من جانبين؛ الجانب الأول، جانب اتخاذ القرار والتصويت، وهل من الصحيح دمج النشاطين في تصويت وقرار واحد رغم اختلاف النشاطين؟، والجانب الآخر، جانب وجهات نظر الجميع سواء كان مستفيدًا نهائيًا أم صاحب شركة أم المشرّع، وذلك لفهم أسباب التعارض في الآراء.
رغم اشتراك النشاطين في كلمة “التوصيل”؛ إلا أن هناك اختلافات جذرية بينهما، فنشاط توصيل البضائع يخدم التجارة الإلكترونية، وهو خاص بجميع أنواع البضائع ما عدا الأكل، والمندوب الواحد يخدم أكثر من ٥٠ عميلًا في اليوم، وينطلق من نقطة واحدة بعدة شحنات إلى عدة نقاط حتى ينتهي من توزيع هذه الشحنات، والمناديب في الغالب هم موظفون في الشركة، وبعض الشركات تعتمد بشكل جزئي على المندوب الحر أو الاقتصاد التشاركي.
أما توصيل الأطعمة فيخدم المطاعم، وفي الغالب فإن المندوب يوصّل من ١٢ إلى ١٦ طلبًا في اليوم، وفي كل مرة ينطلق من نقطة واحدة بطلب أو طلبين، ثم يعود لاستلام طلب آخر وتوصيله، ويعتمد هذا النشاط اعتمادًا كليًا على الاقتصاد التشاركي؛ وبالتالي فهو نموذج عمل وظروف عمل وطبيعة وظيفة مختلفة تمامًا، حتى العميل، رغم أنه العميل نفسه إلا أن وضعه وتوقعاته في الحالتين مختلفة تمامًا؛ لذلك يجب أولًا وقبل التصويت على قرار أو اتخاذ قرار أن يتم الفصل بين النشاطين ثم دراسة كل نشاط على حدة؛ لأن ما ينطبق على أحدهما من قرارات قد لا ينطبق على الآخر، فمعرفة التفاصيل الدقيقة في كل نشاط وفهمها يساعد على اتخاذ القرار الصحيح.
أما بخصوص وجهات النظر: فنبدأ أولًا بالمشرّع؛ حيث يرى المشرّع أن لديه مشكلة بسبب اعتماد القطاع على العمالة الوافدة وبعضها غير نظامي، ويرغب المشرع في خلق فرص وظيفية وإحلال السعوديين بديلًا عن الأجانب، وتقليل تسرب الأموال إلى الخارج، كما ينظر إلى الجانب الصحي فيما يخص توصيل الأطعمة، وغيرها من الجوانب الاقتصادية والأمنية؛ لذلك – ومع وجود أعداد كبيرة من المناديب- فإن المشرّع يرى فرصة لخلق آلاف الوظائف وتحقيق أهداف اقتصادية وأمنية وصحية من سعودة النشاط.
وتتمثل وجهة النظر الثانية في وجهة نظر أصحاب الشركات؛ حيث يرى أصحاب الشركات أنه من الصعب سعودة هذا القطاع بالكامل؛ لعدة أمور، منها عدم إقبال الشباب السعودي، وارتفاع التكاليف التي قد تؤدي إلى خروج الشركة من السوق وتكبد خسائر، سواء شركات التوصيل او المطاعم والمتاجر الإلكترونية، إضافة إلى تعطل في التجارة الإلكترونية التي يعد التوصيل فيها العمود الفقري.
أما وجهة النظر الأخيرة فهي وجهة نظر العميل؛ حيث يرغب العميل في أن تكون الخدمة متوفرة ٢٤ ساعة وبأقل سعر، ويفضل أن يكون المندوب سعوديًا، لكن ما يهمه في الأخير أن تصله الشحنة في أسرع وقت وبأرخص سعر، وأن لا تتعطل هذه الخدمة في كلا النشاطين بغض النظر عن جنسية المندوب.
وبناء على ما سبق؛ فإنه لاتخاذ القرار الصحيح، يجب أن تكون البداية صحيحة، وذلك بدراسة ومعرفة ظروف النشاطين كلًا على حدة، ومدى أهميتهما للاقتصاد، والمفاضلة بين السلبيات والإيجابيات، سواء الإبقاء عليهما أو أحدها بحد أدنى من السعودة أو سعودتهما بنسبة 100%، وبعدها يصبح من السهل اتخاذ القرار الصحيح، أما دمج النشاطين في قرار واحد فأعتقد أنه يساهم في تعقيد المشكلة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال