الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يشهد قطاع الأعمال في المملكة العربية السعودية دعم مستمر ومنقطع النظير منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 قبل نحو سبع سنوات من الآن وذلك في سبيل تحفيز الاستثمارات في مختلف القطاعات بهدف خلق بيئة جاذبة تزيد من إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي.
تواكب التطلعات التنموية لتمكين القطاع الخاص حراك في مختلف الأجهزة الحكومية وذلك لتمكين تلك القطاعات من الإسهام في تحقيق التحول من الاقتصاد النفطي إلى اقتصاد متنوع أكثر شمولية وأكثر ديناميكية لتقليل المخاطر الاقتصادية وتحقيق استدامة الموارد المالية للمملكة.
القطاع التجاري هو الشريان الرئيسي اللي يغذي اقتصادات الدول وهو المؤشر الحقيقي لنمو تلك الاقتصادات، وفي المملكة شهدت وزارة التجارة قفزات كبيرة في خدماتها في العشر سنوات الماضية خصوصاً فيما يتعلق بأتمتة الخدمات الأمر الذي دفع القطاع إلى مراحل متقدمة جداً والذي زاد من جاذبية بيئة الأعمال في المملكة، وكان هذا التطور يرتكز على أمرين رئيسيين:
الأول زيادة الوعي فيما يتعلق بحقوق المستهلك والأنظمة التجارية.
الثاني تحسين تجربة المستثمر عبر التطوير المستمر للخدمات التجارية وحل التحديات التي تواجه المستثمرين.
انعكس هذا التطور الهائل في خدمات وزارة التجارة على نمو القطاع وزاد من وتيرة الحركة التجارية في المملكة إلا أن وتيرة التطوير تباطأت بشكل ملحوظ في السنوات الثلاث الأخيرة الأمر الذي يثير التساؤلات حول أولويات المنظومة التجارية في المملكة !
تنص استراتيجية وزارة التجارة المعلنة على “سعي الوزارة للقيام بدورها المحوري في تنمية واستدامة القطاع التجاري في المملكة، بما يواكب المتغيرات والتطورات المتسارعة التي تشهدها التجارة عالمياً، وذلك سعياً لتعزيز مكانة المملكة الاقتصادية كوجهة مفضلة للتجارة في منطقة الشرق الأوسط والعالم. وتوفير خارطة طريق شاملة ومتكاملة لتحقيق رؤيتها الطموحة والتي تتمثل بتحقيق موقع ريادي لقطاع التجارة السعودي في بيئة عادلة ومحفّزة.”
لا يبدو هناك توافق ما بين استراتيجية الوزارة المعلنة وما بين المشهد العام للقطاع التجاري في المملكة اليوم ، يمر القطاع التجاري بفترات صعبة جداً خصوصاً في النصف الأول من هذا العام الذي يشهد اغلاقات للعديد من الكيانات التجارية بشكل متسارع ومتكرر في مشهد يطرح العديد من التساؤلات حول النهج الذي تتبعه وزارة التجارة لمواجهة التحديات التي تعيق نمو القطاع ودفع سير الأعمال فيه!
لا شك أن المنهجية المتبعة في تنفيذ الاستراتيجية المعلنة لم تكن بالشكل الذي يجب أن تكون عليه لتحقيق المستهدفات التنموية ، لقد كان واضحاً أن المنهجية المتبعة في تنظيم وتطوير القطاع تفتقد إلى التركيز في العناصر الرئيسية لتنمية الكيانات التجارية ، كما أن المنهجية لا يتضح فيها الأسس الاقتصادية التي تضمن استدامة الكيانات التجارية واستمرار نموها وخلق المزيد من فرص العمل وتخفيف الضغط على ميزان الوظائف الحكومية.
أبحاث السوق والبيانات هي خارطة الطريق التي يجب أن تعمل عليها المنظومة لتوجيه رؤوس الأموال للفرص التجارية الواعدة في القطاع، التركيز على أنشطة محددة لفترة طويلة بدون قيود تنظيمية قاد القطاع إلى أشبه ما يكون بالإغراق التجاري لتلك الأنشطة حيث تزداد إصدار الرخص التجارية على أنشطة محددة بشكل متكرر دون استشعار بالتحديات والعواقب المحتملة وهو الامر الذي تسبب بإنهاء العديد من المشاريع التجارية قبل أن تبدأ.
تحفيز نمو مراكز أبحاث السوق والبيانات المتعلقة بالقطاع التجاري من شأنها دعم تطوير السياسات في القطاع بالشكل الذي يجب أن تكون عليه في سبيل تحقيق أثر اقتصادي مستدام والحفاظ على الدعم الحكومي المقدم لتنمية القطاع الخاص.
في الوقت الذي تشهد فيه الخدمات المرتبطة بحقوق المستهلك تدني واضح لا يبدو الجانب الآخر أكثر إشراقاً!
فالحملات للقضاء على التستر وحملات الرقابة لم تكن تصب في مصلحة أي من الكفتين، حيث لم يشهد القطاع أي تطور في خدمات ما بعد البيع وتقديم الحماية المطلوبة للمستهلك! ولم تنج الكيانات التجارية من التعقيدات التي تستنزف قدراتها ومواردها وتدفعها خارج السباق التجاري.
ختاماً ثلاث تحديات رئيسية تواجه القطاع للخروج من النفق المظلم ومن المصير المجهول الذي يواجه الكيانات التجارية والمستثمرين والمستهلكين معاً:
1- الموازنة بين تطبيق الجزاءات المرتبطة بالأنظمة التجارية وبين خلق بيئة تجارية صحية جاذبة.
2- رفع الوعي في التعريف بحقوق المستهلك بشكل مستمر وخلق نظام تتبع دقيق لمتابعة فاعلية الاستجابة لمقترحات واعتراضات المستهلكين.
3- تفعيل دور هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل أكثر فعالية وقياس أثر مبادراتها بشكل مستمر، وربط إلزامية توفير دراسة جدوى مشروط بقبول منشآت في حال حصول المستثمرين وأصحاب الأعمال على أي من أشكال الدعم الحكومي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال