الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“المفهوم الشامل للأمن الغذائي المستدام” كثرت التعريفات لمعنى الأمن الغذائي وأهمها بأنه وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية وأفضلياتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية.
وينقسم الأمن الغذائي إلى مستويين رئيسيّين مطلق ونسبي فيعرف المطلق بأنه قيام الدولة الواحدة بإنتاج الغذاء داخلها بمستوى يتساوى مع كامل الطلب المحلي ومعدلاته أو قد يفوقها أحياناً، ويمكن اعتباره في هذه الحالة بأنّه يحقق مفهوم الاكتفاء الذاتي الكامل المستدام الآمن، أما الأمن الغذائي النسبي فإنه يشير إلى مدى قدرة الدولة على إنتاج وإيجاد الحد الأدنى لما يحتاجه الشعب أو الأفراد من سلع وغذاء وعلى نحو مستدام.
أن إنتاج الغذاء بمفهومه الآمن محلياً يمثل سلسلة مترابطة من الأنشطة والمنتجات تتحد وترتبط ببعضها البعض لإنتاج مادة غذائية محددة يتطلبها المجتمع وتعد أساسية لحياته واستقراره.
الزراعة وإنتاج الغذاء حالياً تجاوز في كثير من البلدان لا سيما المتقدمة مثل بلادنا ولله الحمد وأصبح صناعة زراعية وليس زراعة تقليدية بدائية لكنه لا يزال يعتمد في أمنه الحقيقي على مرتكزات ومتطلبات أساسية لا بد من توفرها محلياً ضمن سلسلة إنتاجه للحكم عليه بأنه آمن ومستدام.
صناعة الألبان صناعة زراعية متطورة بالمملكة العربية السعودية وهي صناعة بالغة الأهمية لتوفير الحليب ومشتقاته التي تتطلبها المجتمعات في كل مراحل حياتها من الطفولة إلى الشيخوخة والتي تتجاوز الحليب الخام أو البودر لمنتجات مثل السمن الحيواني والأجبان والزبادي واللبنة والقشطة وغيرها. لكن هذه الصناعة لكي تكون مستدامة وآمنة لابد أن تتوفر لها متطلباتها الأساسية وهي الأعلاف ضمن سلسلة إنتاجها فتحتاج للحبوب (قمح، ذرة، شعير، فول صويا وخلافه) وتحتاج للأعلاف الخشنة (برسيم، وتبن، حشائش) لأن الأبقار والإبل والأغنام مجترات تحتاج لهذا النوع من الأعلاف. صحيح أن صناعة الأعلاف المركزة هامة وبديل جزئي عن الأعلاف الخشنة لكن صناعة الأعلاف المركزة تحتاج للمواد الخام السالفة الذكر سواء من الحبوب أو المعادن والفيتامينات.
ولكي تكون صناعة الألبان صناعة مستدامة تحقق أمن غذائي مستدام ينبغي أن يتوفر محلياً على الأقل الحد الأدنى من مدخلات الإنتاج السالفة وما يقال عن متطلبات صناعة الألبان يقال أيضا عن صناعة الدواجن وصناعة الاستزراع السمكي وإنتاج اللحوم الحمراء فهي تعتمد على توفر العناصر الأساسية للغذاء محلياً من الحبوب والأعلاف التي يتم استيرادها حالياً بنسب عالية جداً مما يهدد أمن هذه الصناعات ولا يحقق الأمن الغذائي.
صحيح أن توفر المواد الغذائية في أسواق المدن والقرى أمر بالغ الأهمية يقوم به التجار ورجال الأعمال إضافة لما تقوم به هيئة الأمن الغذائي حالياً من توفير القمح من الأسواق العالمية لدعم توفر هذه السلعة الهامة الإستراتيجية لدى المخابز والأسواق إضافة لما يقوم به القطاع الخاص من استيراد الدقيق لتحقيق الوفرة اللازمة بالأسواق المحلية.
أن تجربة جائحة كورونا 2019l وما أسفرت عنه الأوضاع الجيوسياسية في شرق أوروبا نتج عنه توقف بعض الموانئ في البحر الأسود من تصدير الحبوب والزيوت الغذائية وما يحدث من ظواهر بيئية وفيضانات وجفاف نتج عنه حضر بعض الدول لمنتجاتها الرئيسية مثل الأرز كما فعلت الهند وزيت النخيل كما فعلت اندونيسيا والقمح كما فعلت روسيا وأوكرانيا وغيرها من دول العالم أثبتت للعالم أهمية الاعتماد على الذات لتحقيق مفهوم الأمن الغذائي الكلي أو على الأقل الجزئي بتوفير الحد الأدنى لمتطلبات المشاريع الزراعية والصناعات القائمة عليها محلياً وأعادت بعض الدول استراتيجياتها الزراعية التي لا تحقق لها أمن غذائياً وما تتسبب فيه الأحداث العالمية من ارتباك وخلل في سلاسل الإمداد التي توقفت تماماً في زمن كورونا وأغلقت الموانئ والمطارات والمنافذ البرية. أن الاعتماد الكلي على تحقيق الوفرة للسلع الرئيسية من مصادر خارجية يجعل منجزاتنا الزراعية في خطر وحادثة كورونا قد تتكرر بجوائح أو مسببات أخرى لا سمح الله مما يجعل الأمل بعد الله في الاعتماد على الزراعة المحلية وإعادة ترميمها ودعمها واحتواء المزارع المحلي ودعم مدخلات الإنتاج لديه من الوقود والأسمدة والعمالة الزراعية، وكذلك تحقيق أسعار مجزية لمنتجاته سواء في شراء منتجاته أو ضبط أسواق الخضار بما يحقق له وللمستهلك السعر العادل المجزي>
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال