الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
صقل هوية المدينة لتكون متفردة، والتركيز على الثقافة المحلية بالإضافة إلى الالتفات إلى البيئة الحضرية، كلها مكونات لا يمكن الاستغناء عنها إذا ما أردنا أن نتحدث عن هوية المدن. عندما نقوم ببناء قصة جذابة فنحن نشعر الناس بأنهم جزء من شيء أكبر. توليفة الرموز، الأصوات، وأنماط الحياة هي ما يجعل مكانًا ما متميزًا. وأنا أقرأ قصة ولاية “تكساس” بالولايات المتحدة في صناعة الهوية وجدت بعض التفاصيل اللطيفة التي يحسن مشاركتها. ولعل هذا يدفع لتعزيز عامل الفضول بحيث نتعرف على مثال لولاية تمكنت من نسج هويتها الثقافية والاقتصادية في قصة تحفز على الولاء لدى سكانها وزوارها على حد سواء.
“تسويق المدن” بشكل عام ليس مجرد عبارة عن تعزيز جودة الحياة أو الفرص الاقتصادية، بل هو يعمق الهوية لتتجاوز الحدود الجغرافية بدءا من الخصائص الفريدة للمكان إلى الثقافة الغنية التي يتميز بها ، ويتم تجسيد كل هذه العناصر في تصور الهوية للمدينة. وبالالتفات للمثال الذي نتحدث عنه فقد استطاعت تكساس تحقيق نجاحاً ملحوظا في التسويق لنفسها، ولا يمكن أن نتكلم عن التسويق لهذه الولاية بدون عرض أحد الحملات التسويقية الأكثر تأثيراً في التاريخ الحديث لتكساس، والتي كانت قد اشتهرت بحيث أصبحت معروفة على مستوى الولايات المتحدة تحت عنوان “لا تعبث مع تكساس!” إن صحت الترجمة إلى العربية.
تقاسم “تيم ماكلور”، الذي كان وراء هذه الحملة، وشريكه “روي سبنس” تفاصيل القصة في كتابهما الذي يحتفل بالذكرى العشرين للحملة. لقد رأي البعض في الحملة شيء من القساوة حين أطلقت، لكن النتيجة كانت مذهلة للجميع عندما ارتفع مستوى الاهتمام بالمستوى الجمالي بشكل لافت.
لا يتوقف الحديث عن تكساس عند هذا الحد فحسب، فهناك العديد من الشركات العملاقة التي نشأت في تكساس مثل “تكساس إنسترومنتس”، التي جعلت من اسم الولاية جزءًا من اسمها، وأصبحت من العلامات التجارية المعروفة على الصعيد الوطني. منذ القرن التاسع عشر، ركزت تكساس العمل على عوامل الجذب، وهي تتابع هذا الجهد حتى اليوم من خلال هيئة تنمية تكساس الاقتصادية، وهي منظمة غير ربحية مستقلة. وبذلك فهي تعزز في الأذهان “قيمة الجاذبية للأثر الاقتصادي باعتبارها موطن لأكبر عدد من الشركات المدرجة في فورتشن 500 بين جميع الولايات في الولايات المتحدة
ورغم أن كل ما تحدثنا عنه يبدو جميلا، لكن هذه الولاية واجهت مؤخرا بعض التحديات على مستوى الهوية التي اكتسبتها تكساس حيث كانت العاصفة الشتوية القاسية في 2021 والحوادث المأساوية التي أحدثتها أثرا سلبيا على مستوى السمعة.
نستطيع أن نقول إذا بأن صناعة الهويات المحلية ليست مجرد تكتيك تسويقي، بل هي صناعة للتلاحم والولاء، وتعزيز الشعور بالاعتزاز للمواطنين. يجب أن تستغل المدن الخصائص الأصيلة والتراث الثقافي الذي يميزها. في عالم يتجه بسرعة نحو العولمة والتوحد، تبقى الهويات المحلية هي القيمة الحقيقية التي تميز مدينة عن أخرى. فالهوية الثقافية ليست مجرد واجهة للترويج للسياحة أو جذب الاستثمار، بل هي ضرورة للحفاظ على تماسك المجتمع وشعوره بالقيمة والاحترام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال