الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في القضاء الإداري، يواجه المتعاملين تحديات يمكن حلها خلال مراحل سريان الدعوى أمام ديوان المظالم بسبب وجود الأنظمة واللوائح والضوابط التي تحكم مسار القضية. اطراف الادعاء يقدمون صحائف الدعوى، يسردون الأدلة و الاثباتات في سبيل تكوين قناعة لدى القاضي بوجود حق لهم. ولكن، العقبة التي يصعب تجاوزها هي مرحلة ما بعد صدور الحكم لصالح طرف الادعاء، خصوصا إذا كان الحكم لصالح الطرف الأضعف وهو الشخص الطبيعي او الاعتباري الذي لا يملك الصلاحيات ولا الأدوات القانونية التي يملكها خصمه وهي الإدارة ” او الجهة الحكومية”.
سابقا، قبل صدور نظام التنفيذ أمام ديوان المظالم ونفاذه، كانت الأحكام التي الصادرة ضد الجهة التنفيذية بمثابة السهل الممتنع، يكون بيد المحكوم حكم لصالحه. ولكن في المقابل، يعاني الأمرين في سبيل تنفيذ هذا الحكم. فيبدأ من معه الحكم بالتماس التنفيذ من قبل الجهة المحكوم ضدها، وطلب تنفيذ الحكم منها. في حالات تنفذ الجهة الحكم بشكل كامل، وحالات تنفذ بشكل جزئي وبعد مضي مدة من المطالبة، وفي حالات أخرى تتعسف الجهة ولا تنفذ الحكم و تتذرع بأسباب مختلفة لعدم التنفيذ، او تصمت وتتجاهل الحكم إلى ان يذهب في طي النسيان. لم يكن هناك ضابط لإدارة عملية تنفيذ الأحكام الصادرة من ديوان المظالم، وهذا امر يخل بمفهوم الامتثال والالتزام بأحكام القضاء.
صدور نظام التنفيذ أمام ديوان المظالم نقلة جبارة في تأصيل مبدأ المشروعية الذي يضمن احترام الإدارة للأنظمة والقوانين و ردعها من التعسف في استخدام السلطة. النظام وضع تفاصيل متنوعة بخصوص تنفيذ الأحكام من ناحية آلية تنفيذ الأحكام بمختلف أنواع الأحكام، من ناحية الفصل في منازعات تنفيذ الأحكام، ونص على الجرائم والعقوبات المترتبة على عدم تنفيذ الأحكام الصادرة من الديوان. من المثير للاهتمام ان النظام صنف عدم تنفيذ أو التعسف في تنفيذ أحكام ديوان المظالم من قبل الموظف العام، وفقا للضوابط التي نص عليها النظام من “جرائم الفساد و الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف”. فنجد ان المادة الثلاثون نصت على: ” يعاقب الموظف العام:
أ- إذا استغل نفوذه أو سلطته الوظيفية في منع تنفيذ السند المطلوب تنفيذه -جزئيًا أو كليًا- بقصد تعطيل تنفيذه؛ بالسجن مدة لا تزيد على (سبع) سنوات وبغرامة لا تزيد على سبعمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ب- إذا امتنع عمداً عن تنفيذ السند المطلوب تنفيذه -جزئيًا أو كليًا- بقصد تعطيل تنفيذه، وذلك بعد مضي (ثمانية) أيام من تبليغه الإنذار المنصوص عليه في المادة (العاشرة) من النظام، أو وصول إجراءات التنفيذ التالية للإنذار إليه، وكان التنفيذ من اختصاصه؛ بالسجن مدة لاتزيد على (خمس) سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.”
وجود مثل هذا النص بالتأكيد يضاف الى مجموعة الممارسات التي تعرقل تحقيق المصلحة العامة وتساهم في ضياع الحقوق. ليس ذلك فقط، كما يعلم المختصون في القانون، أن مبدأ المشروعية يعتبر من أهم المبادئ التي يقوم عليها القضاء الاداري.
ويعني هذا المبدأ هو منح الإدارة صلاحيات مع ضمان التزامها بعدم تجاوز هذه القوانين والانظمة واللوائح التي منحت الادارة هذه الصلاحيات مما يؤدي الى تعسفها في استخدام السلطة وعدم تحقيق المصلحة العامة. ويعتبر القضاء هو المراقب الخارجي على ضمان عدم تجاوز الإدارة مبدأ المشروعية، وهذا نوع من انواع رقابة السلطات المرنة على بعضها البعض. عدم وجود ضابط تضمن تنفيذ الإدارة وموظفيها للأحكام القضائية و عدم وجود عقوبة لعدم تنفيذ هذه الأحكام، يجعل سلطة القضاء في ضمان التزام الادارة بمبدأ المشروعية ضعيف. وهذا يعني بالمقابل، انخفاض الثقة في التعامل مع الادارة، وانخفاض جودة الأعمال التنفيذية، وبالتالي عدم تحقيق المصلحة العامة والتي من اجل تم إنشاء الجهاز التنفيذي. في حين انه العكس، عندما يكون هناك عقوبة على الموظف العام بسبب التعسف في تنفيذ الاحكام، فهذا يعني ان من يملك الصلاحية بتنفيذ الحكم على دراية ان وضع العقبات أمام التنفيذ لن يعود الا بتصنيف هذا الفعل على أنه من جرائم الفساد، كونه يندرج تحت مفهوم جريمة اساءة استخدام السلطة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال