الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قرار رفع الفائدة مسألة ليست بالهزل كما يعتقد البعض، فهو ليس جزافيا في كل الاقتصادات خاصة الكبرى منها، والتي من ضمنها الاقتصاد السعودي ذو الاحتياطيات الكبيرة من النفط والثروات الأخرى وتنوع مدخلاته من قطاعات مختلفة، ولكن يكون بعد – أو على الأقل مرافقا له – دراسات وتحليلات دقيقة تقوم بها الجهات ذات العلاقة، حتى لا يؤثر الرفع على النمو الاقتصادي والاستثمارات والمجتمع، فكيف يكون القرار؟
عادة، رفع الفائدة يعد أحد القرارات الهامة التي تتخذها بنوك العالم المركزية، بهدف الحد من التضخم وتحفيز الاستثمارات الداخلية في دولها، وفي المقابل فإن هذا القرار يمكن أن يفتح باب تباطؤ النمو الاقتصادي وتفاقم المشكلات المالية نتيجة زيادة تكلفة الاقتراض مما يؤدي إلى تعطيل الاستثمارات وتأخير المشاريع الاقتصادية، كما أن رفع الفائدة يؤدي إلى تقليص الإنفاق الحكومي بسبب زيادة تكلفة الديون مما يتسبب بتعذّر الوفاء بالالتزامات المالية الخاصة بها، وبالتالي تضطر الحكومات إلى خفض الإنفاق على الخدمات العامة والمشاريع الحكومية الأخرى، وهذا يؤثر على حياة المواطنين فيها ويزيد من معاناتهم، خاصة في الدول النامية.
قرار رفع الفائدة في المملكة العربية السعودية – وإن كان الريال السعودي مرتبطا بالدولار الأمريكي – يقوم على عمل مؤسسي جاد وشفاف – بقيادة وزارة المالية – من التحليل الدقيق للوضع الاقتصادي والمالي، وفي قدرة الاقتصاد على تحمل رفع الفائدة قبل اتخاذه، وهنا تراعى كل الحقائق (والاحتمالات التي يمكن أن ترتقي لاعتبارها في الحسبان) مثل مستوى الدين العام والأعباء المالية على الميزانية العامة، وأيضا مستوى النمو الاقتصادي لأن رفع الفائدة قد يتسبب في تباطئه لانخفاض الإنفاق والاستثمار، كما أن مستوى استقرار القطاع المصرفي لابد من دراسته والتأكد من عدم السماح بأي ضغوط على السيولة، مع النظر في توقعات السوق لأنها قد تؤثر على قدرة الاقتصاد على تحمل رفع الفائدة.
هذا المجهود، يخدمه العديد من الأدوات في تحليل الوضع الاقتصادي والمالي والتي تختلف حسب الغرض من التحليل والمتغيرات المراد قياسها، مثل الناتج المحلي الإجمالي والذي يعتبر من أهم الأدوات في قياس حجم الاقتصاد ومعدلات النمو والإنفاق الحكومي والإنفاق الخاص والصادرات والواردات وغيرها، ومعدل التضخم الذي يعكس معدل التغير في أسعار السلع والخدمات بغرض تقييم نسبة التضخم وتحليل اتجاهات الأسعار وتحديد السياسات النقدية والمالية، ومعدل البطالة الذي يستخدم في تقييم الحاجة إلى دعم العمالة.
من ضمن الأدوات أيضا، مستويات العجز المالي لتحليل مدى توازن الميزانية وتحديد السياسات الحكومية والاقتصادية، وأيضا مؤشرات سوق الأسهم لتحليل اتجاهات السوق وتحديد الفرص الاستثمارية وتحديد قيمة الأسهم والشركات، ومعدل الفائدة الرئيسي الذي يدفعه المقترضون على القروض بهدف تحليل مدى قوة القطاع المصرفي وتحديد السياسات النقدية والمالية، ومن المهم النظر في مؤشرات مثل مؤشر ثقة المستهلك ومؤشر ثقة الشركات، فمن خلالها يمكن تحليل وتقييم مدى الثقة في الاقتصاد وتوقع الاتجاهات المستقبلية.
متانة السياسات الاقتصادية والمالية السعودية القائمة على التحليل والتقييم العلمي المنضبط، والذي من خلالها كان قرار رفع الفائدة في حالة عدم استقرار الأسواق والتضخمات وسعر الفائدة والتحديات الجيوسياسية عالميا وانخفاض في الإيرادات الوطنية، قدمت ميزانية دولة – كعادتها – في الربع الثاني هذا العام 2023 بارتفاع في الانفاق التشغيلي بنسبة 8 %، والرأسمالي بنسبة 21 % بالمقارنة مع الفترة ذاتها في عام 2022، ليستمر الاقتصاد الوطني ومنذ انطلاقة الرؤية في إظهار قدرة مبهرة في مناورة الظروف برشاقة، تهدف في المقام الأول المحافظة على استقرار الاقتصاد وتحفيزه نحو النمو.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال