الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أطلقت وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي سلسلة من المستهدفات والتي من شأنها دعم نمو القطاع الخاص وتمكين المؤسسات المالية، بالإضافة إلى توفير مصادر التمويل للاقتصاد الوطني، ترتبط تلك الأهداف بمجموعة من المخرجات الداعمة للاقتصاد الوطني من خلال تطوير عدة أدوات وحلول مالية من أبرزها تعميق السيولة المالية للسوق، كما ناقشت الوثيقة بعض التحديات الرئيسية كالاعتماد الكبير على التمويل المصرفي (البنوك) في المملكة إذ يشكل 90٪ من حجم التمويل الممنوح.
نتيجة لذلك فقد طرحت الوثيقة مجموعة من التطلعات التي تخلص إلى سد الفجوات في الشمول المالي والتمويل الإنتاجي وتعزيز دور السوق المالية في توفير مصادر التمويل للاقتصاد الوطني، في ضوء ما سبق، رخصت هيئة السوق المالية لطرح أول صندوق تمويل مباشر في 24 من يوليو لعام 2022بإدارة احدى الشركات المالية حيث تم تغطية نصف الطرح من قبل عملاء مدير الصندوق والنصف الآخر من خلال عملاء احدى المنصات المالية، في الفترة ذاتها تم الترخيص لعدة صناديق أخرى من ذات النوع وبذلك دخلت صناديق التمويل المباشر في خدمة السوق السعودي مزاحمةً البنوك وشركات التمويل التي اعتادت الهيمنة على هذا القطاع لعدة عقود.
تمكنت صناديق التمويل المباشر من ضخ حوالي مليار ريال منذ إنطلاقتها قبل أقل من سنة واحدة كما أسهمت في سد فجوة كبيرة في قطاع التمويل خصوصا للشركات الصغيرة والمتوسطة بمبالغ تمويل متفاوتة تتراوح غالباً من نصف مليون ريال إلى 6 مليون ريال للجهة الواحدة، كذلك نالت الشركات الكبيرة حصتها من التمويل بمبالغ تصل لعشرات الملايين في بعض الأحيان.
على أي حال تضع هيئة السوق المالية تصنيف صناديق التمويل المباشر من متوسط إلى عالي المخاطر إذ أن بعض مدراء الصناديق يعمد إلى تمويل منشآت صغيرة ومتوسطة مما قد يرفع من مستويات المخاطر، في المقابل يفضل بعض مدراء الصناديق تمويل شركات أكبر نسبياً مع الحصول على ضمانات بنسب مرتفعة مما يسهم بتقليل المخاطر في حال التعثر ومهما يكن من أمر فقد وضحت لائحة صناديق التمويل المباشر الصادرة من قبل الهيئة السوق المالية عدة محددات أساسية لآلية عمل صناديق التمويل من أبرز ما جاء فيها:
لا يسمح بتمويل جهة واحدة بأكثر من 25٪ من صافي أصول الصندوق
يمكن لصناديق التمويل المباشر الحصول على تسهيالات بنكية (تمويل) بغرض إعادة تمويلها للجهات المتقدمة للصندوق
يلتزم مدير الصندوق بإصدار تقرير سنوي لملاك وحدات الصندوق
وكما جرت العادة في مثل هذا النوع من الاستثمارات فيتم تشكل لجنة مخاطر تتبع مجلس إدارة الصندوق تقوم بإعداد دراسة الجدارة الإئتمانية للجهات المتقدمة وعرض التفاصيل الفنية والمالية على مجلس الإدارة والذي بدوره يقوم باتخاذ القرار بتمويل الجهة المتقدمة او رفضه. كما انه لابد لإدارة الصندوق من التعاقد مع أحد الجهات المرخصة من البنك المركزي السعودي والتي تقوم بتوفير البيانات الائتمانية الخاصة بالجهة المتقدمة للتمويل وذلك لإعداد دراسة نفي الجهالة لتلك الجهة.
يجدر بالذكر أن صناديق التمويل المباشر تعتمد عدة سياسات للتوزيعات فبعضها يتبع سياسة التوزيعات الشهرية وبعضها ربع سنوية كما تتراوح العوائد السنوية في تلك الصناديق من 7٪ وتصل في بعض الأحيان إلى 14٪ منافسةً بذلك قطاعات استثمارية أخرى
غير أن السؤال المطروح هنا، ماهو الدور المرتقب لصناديق التمويل المباشر للفترة القادمة؟
إن مما لا شك فيه هو قدرة هذه الصناديق على توفير السيولة المالية في الأوقات الحرجة لقطاع الأعمال، فقد ظهر ذلك جليًا من خلال طرح عدة صناديق تمويل مباشر خلال الأشهر القليلة الماضية حيث عانت الأسواق شح السيولة، الميزة الأخرى تكمن في مرونة وسرعة اتخاذ القرارات داخل مجلس إدارة الصندوق بعكس عمليات التمويل التقليدية والتي قد تستغرق أشهراً من الموافقات، ناهيك عن استخدام بعض الوسائل التقنية في تحصيل مستحقات ملاك وحدات الصندوق كإعتماد نقاط البيع POS كآداة رئيسية لأسترداد مبالغ التمويل بالإضافة إلى الفوائد المترتبة عليه، أما من زاوية المستثمر فقد أثبتت مجموعة من هذه الصناديق قدرتها على توزيع عوائد دورية للمستثمرين بإنتظام خلال الفترة الماضية من خلال الفوائد المتحصلة من التمويل، على سبيل التجربة فقد تم إيداع توزيعات لعملاء أحد هذه الصناديق من خلال أحد منصات الاستثمار الجماعي لأكثر من 9 مرات خلال الأشهر السابقة مما زاد الطلب على هذا النوع من الاستثمارات.
نخلص إلى عدة نقاط مهمة يجدر الإشارة إليها حول هذا الموضوع وهي أن صناديق التمويل ستلعب دورًا جوهرياً في سد العجز الذي لم تتمكن المصرفية التقليدية من التعامل معه كما أن منافسة هذه الصناديق للبنوك ليست في كل قطاعات التمويل بل تنحصر في نطاق محدد، هذا النطاق يشمل غالب الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الآداء المالي الناجح ولكن غير المغري او المجدي للبنوك للتعامل معها وذلك لصغر حجم التمويل مما لا يجعلها على رأس الأولويات للبنوك، كما يشمل ايضاً فئات الشركات الراغبة بتحصيل مبالغ لتمويل رأس المال العامل لفترة زمنية قصيرة.
ومع الآداء الناجح لكثير من هذه الصناديق فإنه من المتصور عقد شراكات استراتيجية بين شركات التمويل العريقة وصناديق التمويل المباشر نظراً للتقاطعات المشتركة بين الطرفين حيث ستوفر الصناديق السيولة اللازمة في حين ستقوم شركات التمويل بتشغيل هذه الأموال فيما يخدم مصالح ملاك وحدات الصندوق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال