الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نشرت صحيفة مال قبل عدة سنوات تقرير صحفي بعنوان: “مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي إثراء الفكر وإلهام الخيال” لمطالعة التقرير أضغط “هنا“.
اليوم، مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (اثراء) – في الذكرى الخامسة له – وهو المركز الذي وضع حجر الأساس له الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله- عام 2008 أثناء الاحتفال بمناسبة الذكرى الـ 75 لبدء أعمال شركة “أرامكو السعودية” – وهنا يبرز السؤال، ماذا في جعبة المركز من مشاريع ثقافية وسياحية اخرى للمجتمع المحلي والاقليمي والدولي؟.
مركز “اثراء” ليس مجرد مكتبة ضخمة أو مركز للمؤتمرات أو صرح معماري ملفت أو معلم حضاري مرموق كما يعتقد البعض، بل نجح في أن يكون وجهة معرفية ترفيهية، تهدف للتنمية بالتجربة والتعلم من خلال برامج ملهمة ومتنوعة، ونجح ايضا في أن يكون مرتكز للتواصل الثقافي والحضاري مع محيطه والعالم، من خلال الشراكات المعرفية والثقافية مع المؤسسات الوطنية من جهة والدولية الرائدة من الجهة المقابلة، وربما هو المؤهل الأكثر حظا في بناء جسور التواصل بين السعودية والعالم بما يعزز أهداف التنمية الإنسانية في المملكة، وأيضا تعريف العالم بالمملكة بالمنطوق الذي يفهمه العالم حسب منظوره الثقافي.
لذلك، لم يكن اختيار موقع المركز مسألة عادية لشركة أرامكو السعودية المعروف عن قيادتها ومنسوبيها في التعاطي مع المشاريع بمنهجية علمية واهتمامهم بأدق التفاصيل حتى المملة منها، فالمركز يقع بالقرب من بئر الخير (Dammam 7) – و هو أول بئر نفطي تجاري تم اكتشافه في المملكة العربية السعودية قبل الحرب العالمية الثانية – والملاصق لأول معمل تأهيل للنفط الخام آنذاك، ومخيم الملك عبدالعزيز عند زيارته التاريخية لتدشين البئر، والواقع حاليا في حرم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والقريب من ميناء الخبر (فرضة الخبر) والذي يبعد كيلومترات قليلة عن المركز، وهنا وكأن الموقع في ذاته هو رسالة من الماضي نحو المستقبل ومرورا بالحاضر، في طياتها أن المملكة العربية السعودية تستثمر ثروتها النفطية لخدمة انماء مصدر ثروة سعودي مستقبلي أكثر أهمية من النفط ألا وهو الانفتاح الثقافي وتوطين المعرفة الإبداعية والابتكارية وتعريف العالم بالمملكة.
اليوم، وبعد مرور خمس سنوات من انطلاق مركز “اثراء” الثقافي وبالرغم من علامات الاستفهام الكبيرة في البداية من جدوى المركز خاصة مع تكاليف بناءه الباهظة والتي وصلت إلى 1.5 مليار ريال، أصبحت معالم الغرض منه واضحة بلا شك، ومقدّرة جدا من الجميع ومركز الهام لاجيال المستقبل، ولكن وحسب إمكانيات المركز – الذي يدعمه ويحتضنه اسم عالمي عملاق (أرامكو السعودية) – أمامه فرص عريضة وضخمة والتي تتطلب الكثير من العمل والجهد خصوصا بعد النجاح الذي حققه في خمس سنوات، مما يفرض العديد من التساؤلات عن مستقبل مركز “اثراء” وكيف له أن يقدم المزيد بما يتواكب مع رؤية المملكة 2030؟.
من ضمن هذه التساؤلات، هل سيستمر المركز في كونه تابع لشركة “أرامكو السعودية”، أم أن هناك فرصة لينضم لعائلة المنظومة الثقافية والسياحية والتعليمية في المملكة بحيث يكون مزارا للسائح الاجنبي من الخارج بجانب السائح السعودي من داخل مناطق المملكة المختلفة. وهل يمكن لمركز “اثراء” تطوير برامج سياحية ذات عبق تاريخ المملكة في جانبها الشرقي بأن يكون نقطة الانطلاقة لزيارة المواقع الأثرية بالمنطقة الشرقية والتعرف عليها، والرحلات السياحية لاستجلاء تاريخ استكشافات النفط ومعالجته وتصديره، على اقل تقدير للسائح السعودي للتعرف أكثر عن هذه الثروة الوطنية؟.
وهل سيكون لوزارة الثقافة دور أو لمسة في هذا المركز، وكذلك وزارة السياحة، بل وحتى وزارة التعليم خاصة أن مركز “اثراء” مهتم جدا بالنشئ الجديد من خلال تقديم برامج متقدمة جدا له في تصميم الأفكار ومعالجة احتياجات المبتكرين وذوي الرؤى في صقل معرفتهم ومهاراتهم في الابتكار، وهو شيء لا يوجد مثيله في المملكة وربما في المنطقة.
لا شك في أن “أرامكو السعودية” لا تعمل بحيثيات الظروف ولكن تخطط دائما بشكل استباقي وبأدق التفاصيل نحو المستقبل، وهنا لابد أن نتوقع خطوات أوسع وأسرع لمركز “اثراء” فيما يخص التطور الاجتماعي والثقافي والمعرفي والسياحي، ونقل الخبرة هذه لمناطق المملكة لتسريع حراكها في هذه المضامير التي تركز عليها رؤية المملكة، وبذلك يكون هناك مراكز “اثراء” في جميع مناطق المملكة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال