الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما اشتدت أتون ازمة الكساد الكبير وزادت طوابير الخبز التي شارفت على حدوث مجاعة غير مسبوقة وانهيار سوق الأسهم كانت الرأسمالية على وشك السقوط لتحل محلها الاشتراكية بيد ان الرئيس روزفلت ابتكر ادوات اقتصادية جديدة اسهمت في انقاذ الاقتصاد الامريكي .
اطلق حينها الرئيس فرانكلين روزفلت سياسة العهد الجديد The New Deal، حيث نصت سياسة العهد على وضع حلول للأزمة المصرفية عام 1933 وإعادة فتح البنوك السليمة، وإصدار قوانين عامي 1933 و1935 التي تمنع البنوك من التعامل بالأسهم والسندات ، وكذلك إنشاء مؤسسات لرعاية ضحايا الأزمة من العاطلين ، بالإضافة إلى إصدار قوانين تحقق الاستقرار في قطاع الزراعة وإصدار قانون الإصلاح الصناعي عام 1933، وتصحيح استخدام الأوراق المالية من خلال إنشاء لجنة تبادل الأوراق المالية عام 1934.
كما اقتضى الأمر البدء بمعالجة الأزمة بتوافر السيولة المالية لتحريك السوق لذلك قاموا سحب الودائع الأمريكية من المصارف العالمية وخصوصا الأوروبية ومما أثار دهشة المحللين والمراقبين هو السرعة التي نفذت فيها خطة الـ New Deal، والتي عادة تستغرق زمنا طويلا لتطبيقها وتحقيق أهدافها حيث كان النظام المصرفي والائتماني في حالة شلل تام ، وكانت البنوك مغلقة، فأمر روزفلت بفتح المصارف التي لم تتعرض للإفلاس بشكل تدريجي، واعتمدت الحكومة سياسة معتدلة تجاه تضخم العملة، وتوفير المساعدة لبعض المدينين، في حين وفرت الحكومة تسهيلات ائتمانية سخية إلى الصناع والمزارعين، وسنت أنظمة مشددة على بيع الاوراق المالية في البورصات.
وقبل ذلك كانت أولى خطوات الإصلاح الاقتصادي نحو العاطلين عن العمل من خلال تشريع قانون فرضه الكونجرس يضمن ايصال المساعدة للشباب العاطلين عن العمل الذين تقع اعمارهم بين 18 و25 سنة، سمى هذا المشروع بـ Works Progress Administration أو الـ WPA ويهدف المشروع إلى توجيه تلك القوى العاطلة تجاه العمل في المشروعات الحكومية الخاصة بالبنية التحتية وتشييد المباني والطرق وقد اشترك حوالي 2 مليون شاب بهذا البرنامج الذي تم العمل به في نوفمبر 1933 وتم ايقافه في 1934م.
تُعتبر أزمة الكساد الكبير واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث التي بدأت في أوائل العشرينات من القرن الماضي، واستمرت حتى منتصف الثلاثينات ، شهد خلالها العالم انهيارًا اقتصاديًا شديدًا تسبب في تدهور كبير للوضع المالي والاقتصادي كما سببت أزمة الكساد الكبير تراجعًا حادًا في الإنتاج الصناعي وتكدسًا ضخمًا للبضائع غير المباعة، مما أثر بشكل سلبي على قطاعات متعددة كالزراعة والصناعة والتجارة وتسبب الانهيار المالي في فقدان وظائف بشكل جماعي وزيادة معدلات البطالة بشكل كبير.
من بين العوامل التي أسهمت في حدوث هذه الأزمة كانت انخفاض الإنتاجية، وارتفاع معدلات الفائدة، وتدني الطلب على المنتجات ، كما لعبت السياسات الاقتصادية الضعيفة دورًا في تفاقم الأزمة وتأثيرها السلبي.
تعد ازمة الكساد الكبير واحدة من اهم الدروس الاقتصادية المُستفادة للدول والمجتمعات ولذلك نجد ان مثل هذه الازمات فرصة كبيرة للتعلم والاستفادة فعلم الاقتصاد تحديدا يحمل الكثير من المنهجية القابلة للحلول وتوقع المشكلات قبل حدوثها ونتاجا لذلك نجد ان الازمات اللاحقة منحت الدول والمجتمعات الفرصة الكافية للتوقعات ووضع الحلول المناسبة قبل تفاقمها ونذكر من ذلك ازمة عام 2008 وجائحة كورونا لذلك تعلمت المؤسسات الاقتصادية جيدا من هذه الأزمة الكبيرة الدروس العديدة، بما في ذلك أهمية توجيه الاستثمارات وتنويع الاقتصاد وتنظيم السوق المالي. تم تبني إصلاحات اقتصادية جذرية بهدف تجنب حدوث أزمات مماثلة في المستقبل.
مجمل القول.. تظل أزمة الكساد الكبير محط دراسة واهتمام دائمين، حيث تعتبر نموذجًا للتأثيرات الواسعة والعميقة للأزمات الاقتصادية على المجتمعات والأمم، وما حدث بعد هذه الازمة من إصلاحات اقتصادية نوعية يشكل حجر الزاوية لتماسك الاقتصاد العالمي كواحد من اهم المكاسب العالمية التي تحققت على مستوى الاقتصاد حتى يومنا هذا .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال