الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الذكاء الاصطناعي (AI) سيجعل الحياة أجمل وأسهل، إلا أنه أداة إملاء اقتصادية واجتماعية سلبية في حال سوء التطبيق، والمملكة فنيا تعتبر من الدول الرائدة في مجال استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات وتطوير اقتصادها ومجتمعها، فكان قرار مجلس الوزراء بإنشاء مركز باسم “المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي”، لتعزيز الاستخدام المسؤول للتقنيات الذكية مع الحفاظ على المعايير الأخلاقية، وبما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تطوير الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة والتحول الرقمي، وأيضا لأهمية دورها الإقليمي ومشاركتها الدولية بحكم مكانتها القيادية.
القرار أتى في وقت يبدي فيه العالم قلقاً متزايداً من مسألة أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، والمملكة – كدولة رائدة ولها وزنها الدولي – تحركت في هذا الوقت المبكر ضمن حراك دول كبرى مثل اليابان والاتحاد الأوروبي لتطوير معايير يتم تصميمها بطريقة تأخذ في الحسبان الأخلاقيات والقيم الاجتماعية، وأيضا منظمات مثل هيئة الأمم المتحدة (UN) ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) بغرض إنشاء إطار عالمي للذكاء الاصطناعي يهدف إلى تشجيع التعاون الدولي وتحديد معايير ومبادئ لتصميم واستخدام التكنولوجيا الذكية.
هذا القلق مبرر، فمن ضمن المخاطر والتحديات التي غالبا ستظهر من خلال الذكاء الاصطناعي، فقدان الوظائف في بعض الصناعات، حيث يمكن للآلات أن تحل محل العمالة البشرية، وأيضا نشوء ما يسمى بالانحياز الأخلاقي نتيجة تصميم أو استخدام تطبيقات بطريقة غير متوازنة تؤدي لاتخاذ قرارات عنصرية أو تمييزية ضد فئات معينة في المجتمعات، كما أن هناك خطر الأمن السيبراني نتيجة احتمال استفادة جهات إجرامية ما من ثغرات في نظم الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى تدمير أو سرقة البيانات أو إساءة استخدام الأنظمة سواء في القطاعات الخاصة أو العامة، ولا يمكن اهمال خطر خصوصية المجتمعات، فمن خلال الذكاء الاصطناعي يمكن جمع وتحليل كميات مهولة من البيانات الشخصية لأفراد المجتمعات، وهذا يمثل تهديدا صريحا للخصوصية والحقوق الشخصية للأفراد.
التزام حكومة خادم الحرمين الشريفين بالحفاظ على المعايير الأخلاقية في استخدام التكنولوجيا الذكية والحد من المخاطر الأخلاقية المرتبطة بها مسألة غير قابلة للنقاش، وهذا يعني أنه من المتوقع أن يلبي المركز متطلبات تعزيز البحث العلمي والتطوير التقني في مجال الذكاء الاصطناعي، والتأكد من تحقيق الفوائد الكاملة لهذه التقنية، وأيضا دعم الحراك المرتبط بالابتكار والريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشجيع الشركات والمؤسسات على تصميم وتطوير التقنيات الذكية بطريقة مسؤولة وأخلاقية، والمساهمة في تحسين الأداء والكفاءة والفعالية في العديد من المجالات، مثل الصحة والنقل والزراعة والتسويق والأعمال وغيرها، ومن المهم تمتين الثقة في التكنولوجيا الذكية وتحسين قبولها من قبل المجتمع، وهي مهمة ليست سهلة، وكل هذا يمثل إجراءً حيويًا لتحقيق التنمية المستدامة والاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الذكية.
أما عالميا، فالمركز يتمتع بالصفة الدولية لأنه سيعمل تحت رعاية “اليونسكو” (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO، ومن خلالها ستقدم المملكة بصمتها المميزة في تعزيز التعاون الدولي لتحديد معايير وأخلاقيات مشتركة في تصميم واستخدام التكنولوجيا الذكية، لما لتطبيقاته من تأثير على العديد من القضايا الأخلاقية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى العالم، لذلك سيكون للمركز دور مهم في التحضير لمشاركة المملكة التأسيسية – حال اتفق العالم – في وضع ميثاق دولي في كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال