الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لقد وصل الإنتاج العالمي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية إلى مستوى قياسي، وسيلعب هذا القطاع دوراً متزايد الأهمية في توفير الغذاء والتغذية في المستقبل. وصل إجمالي إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية إلى مستوى قياسي بلغ 214 مليون طن في عام 2020، يشمل 178 مليون طن من الحيوانات المائية و36 مليون طن من الطحالب، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى نمو تربية الأحياء المائية، لا سيما في آسيا. وبلغت الكمية المخصصة للاستهلاك البشري (باستثناء الطحالب) 20.2 كجم للفرد، أي أكثر من ضعف المتوسط البالغ 9.9 كجم للفرد في الستينيات.
ويعمل ما يقدر بنحو 58.5 مليون شخص في القطاع الأولي، تشير التقديرات إلى أن حوالي 600 مليون شخص يعتمدون في سبل عيشهم جزئيًا على الأقل على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وحققت التجارة الدولية لمنتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية حوالي 151 مليار دولار أمريكي في عام 2020، بانخفاض عن الرقم القياسي البالغ 165 مليار دولار أمريكي في عام 2018، ويرجع ذلك أساسًا إلى تفشي فيروس كورونا.
تتمتع تربية الأحياء المائية بإمكانات كبيرة لإطعام وتغذية الأعداد المتزايدة من سكان العالم. ولكن النمو يجب أن يكون مستداما. وفي عام 2020، وصل الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية إلى مستوى قياسي وأصبح على عتبات التفوق على أنتاج الصيد الطبيعي حيث بلغ 122.6 مليون طن شامل للطحالب البحرية والمحار، بقيمة إجمالية قدرها 281.5 مليار دولار أمريكي، على المستوى العالمي تمثل تربية الأحياء المائية 49.2% من إجمالي إنتاج تربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك، مع اختلاف النسب جغرافيًا وعبر قطاعات الإنتاج المختلفة بنهاية عام2021م.
وشكلت الحيوانات المائية 87.5 مليون طن والطحالب والمحار 35.1 مليون طن، مدفوعًا بالتوسع في تشيلي والصين والنرويج، نما الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية في جميع المناطق باستثناء أفريقيا، بسبب انخفاض في البلدين المنتجين الرئيسيين، مصر ونيجيريا. وحققت بقية أفريقيا نموا بنسبة 14.5%اعتبارا من عام 2019. وواصلت آسيا هيمنتها على تربية الأحياء المائية في العالم، حيث أنتجت 91.6% من الإجمالي.
لقد حدث نمو لتربية الأحياء المائية في بعض الأحيان على حساب البيئة في بعض البلدان. وتظل التنمية المستدامة لتربية الأحياء المائية أمرا بالغ الأهمية لتلبية الطلب المتزايد على الأغذية المائية وذلك بنهج أفضل الممارسات لتربية الأحياء المائية Best Aquaculture Practice.
لقد زاد استهلاك العالم من الأغذية المائية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة وسيستمر في الارتفاع. وقد زاد الاستهلاك العالمي للأغذية المائية (باستثناء الطحالب) بمعدل سنوي متوسط قدره 3.0% منذ عام 1961، مقارنة بمعدل نمو سكاني قدره 1.6%. وعلى أساس نصيب الفرد، ارتفع استهلاك الأغذية المائية من متوسط 9.9 كجم في الستينيات إلى مستوى قياسي بلغ 20.5 كجم في عام 2019، في حين انخفض بشكل طفيف إلى 20.2 كجم في عام 2020. ارتفاع الدخل والتوسع الحضري، والتحسينات في مرحلة ما بعد الحصاد (تصنيع المنتجات السمكية) ومن المتوقع أن تؤدي الممارسات والتغيرات في الاتجاهات الغذائية إلى زيادة بنسبة 15% في استهلاك الأغذية المائية، ليصل في المتوسط إلى 21.4 كجم للفرد في عام 2030.
ويستمر انخفاض حجم أسطول الصيد العالمي، ولكن لا يزال هناك المزيد مما يتعين القيام به لتقليل جهد الصيد المفرط في بعض البلدان لضمان الاستدامة في عمليات الصيد. ويقدر العدد الإجمالي لسفن الصيد في عام 2020 بنحو 4.1 مليون سفينة، أي بانخفاض قدره 10%منذ عام 2015، مما يعكس الجهود التي تبذلها البلدان، ولا سيما الصين والدول الأوروبية، لتقليل حجم الأسطول العالمي للحد من استنزاف مصادر الأسماك. ولا تزال آسيا تمتلك أكبر أسطول لصيد الأسماك، بنحو ثلثي الإجمالي العالمي. ومع ذلك، فإن التخفيضات في حجم الأسطول وحده لا تضمن بالضرورة نتائج أكثر استدامة، حيث أن التغييرات في كفاءة الصيد يمكن أن تعوض مكاسب الاستدامة الناجمة عن تخفيضات الأسطول.
ومن المتوقع أن ينمو إنتاج الأحياء المائية بنسبة 14% أخرى بحلول عام 2030. ومن المهم أن يسير هذا النمو جنبًا إلى جنب مع حماية النظم البيئية، والحد من التلوث، وحماية التنوع البيولوجي، وضمان المسؤلية الاجتماعية. وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية حتى عام 2030 زيادة في الإنتاج والاستهلاك والتجارة السمكية، وإن كان بمعدلات نمو أبطأ. ومن المتوقع أن يصل إجمالي إنتاج الحيوانات المائية إلى 202 مليون طن في عام 2030، وذلك بفضل النمو المستدام لتربية الأحياء المائية، ومن المتوقع أن تنتعش مصايد الأسماك الطبيعية في العالم، زيادة بنسبة 6% عن عام 2020 لتصل إلى 96 مليون طن في عام 2030، نتيجة لتحسين إدارة الموارد، وانخفاض الصيد الجانبي والنفايات السمكية (الأحياء الغير قابلة للأستهلاك).
يتم دعم حياة الملايين وسبل عيشهم من خلال النظم الغذائية المائية. ومع ذلك، فإن العديد من صغار المنتجين، وخاصة النساء في السواحل البحرية والنهرية معرضون لصعوبات في ظل ظروف عمل محفوفة بالمخاطر. إن بناء قدرتهم على الصمود هو أمر أساسي لتحقيق الاستدامة والتنمية العادلة. ومن بين 58.5 مليون شخص يعملون في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الأولية في عام 2020، كانت نسبة النساء 21%، وترتفع هذه النسبة إلى حوالي 50% بالنسبة للعاملين في سلسلة القيمة المائية بأكملها (بما في ذلك مرحلة ما قبل الحصاد وما بعده). على الرغم من أن النساء يشغلن أدوارًا حاسمة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، إلا أنهن يشكلن نسبة كبيرة بشكل غير متناسب من الأشخاص العاملين في قطاعات القوى العاملة غير الرسمية والأقل أجرًا والأقل استقرارًا والأقل مهارة في بعض المجالات خاصة في عمليات الصيد المتعبة (بحسب طبيعة المرأة).
تعتبر أنظمة تربية الأحياء المائية حلاً قوياً ورافداً مسانداً للصيد البحري يقف حالياً على أعتاب التفوق الكمي على أنتاج المصائد الطبيعية التي تشهد استقراراً منذ الثمانينات جراء عجز هذه الموارد بالوفاء بالاستهلاك العالمي المضطرد الذي يفوق قدرة الأحياء البحرية الطبيعية على التكاثر والنمو بنفس نسب الاستهلاك من ناحية وتعرضها للتدهور جراء الصيد الجائر ومصادر التلوث وأعمال التجريف لتوسعة المدن الساحلية والمناطق السياحية في موائل ومناطق تكاثر هذه الأحياء.
يمكن للتحول الأزرق الذي تتبناه منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن يواجه التحدي المزدوج المتمثل في الأمن الغذائي والاستدامة البيئية. بينما تلتزم المنظمة بهذا التحول باعتباره استراتيجية حكيمة تهدف إلى تعزيز دور النظم الغذائية المائية في تغذية سكان العالم المتزايد من خلال توفير الأطر القانونية والسياسية والتقنية اللازمة للحفاظ على النمو والابتكار. يقترح التحول الأزرق سلسلة من الإجراءات المصممة لدعم مرونة النظم الغذائية المائية وضمان نمو مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بشكل وإيلاء اهتمام كبير بتلك المجتمعات التي تعتمد على هذا القطاع. وتشكل السياسات والممارسات الصديقة للمناخ والبيئة، فضلاً عن الابتكارات التكنولوجية، لبنات بناء حاسمة للتحول الأزرق.
ويتطلب التحول الأزرق التزاما من القطاعين العام والخاص لتحقيق خطة الأمم المتحدة لعام 2030، خاصة وأن جائحة كوفيد-19 قد عكست الاتجاهات المواتية سابقا. يتطلب التحول الأزرق التزامًا من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتعظيم الفرص التي توفرها مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على حد سواء. ويسعى برنامج التحول الأزرق إلى تعزيز التوسع المستدام في تربية الأحياء المائية وتكثيفها، والإدارة الفعالة لجميع مصايد الأسماك، والارتقاء بسلاسل القيمة المائية. هناك حاجة إلى شراكات استباقية بين القطاعين العام والخاص لتحسين الإنتاج، والحد من فقد الأغذية وهدرها، وتعزيز الوصول العادل إلى الأسواق المربحة بتجاوز العديد من الوسطاء. علاوة على ذلك، هناك حاجة إلى إدراج الأغذية المائية في الاستراتيجيات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية، إلى جانب المبادرات الرامية إلى تحسين وعي المستهلك بفوائدها، لزيادة توافرها وتحسين إمكانية الوصول إليها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال