الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كيف لأمريكا والدول المتقدمة تطوير انظمتهم بشكل مستمر مما يجعلها مناسبة تماما لكل عصر مهما تغيرت الظروف، انه التغذية العكسية للمعلومات هي التي تقودهم الى تقييم الانظمة الحالية وتعديلها حسب الحاجة كما انها توضع اسباب الفشل بدقة لتلافي تكرارها مرة أخرى.
ومن امثلة ذلك ما تقوم به شركات تصنيع الطائرات لمعرفة اسباب حوادث الطائرات، فعند وقوع حادث لأي طائرة يتم تشكيل لجنة مختصة لدراسة اسباب وقوع الحادث هل هو بسبب خطاء من الطيارين او ان هناك عيب مصنعي في الطائرة او ان الطائرة قد طارت بظروف جوية غير مناسبة اثرت على انظمة الملاحة، ويجب على اللجنة ان تحدد وبدقة اسباب تحطم الطائرة وعلى ضوء ذلك يتم اتخاذ الاجراء المناسب فإذا كان عيب مصنعي يتم معالجته وإذا كان بسبب الظروف الجوية فيتم التوجيه بعدم طيران الطائرات في تلك الظروف وهكذا.
ومن الامثلة الاخرى للتغذية العكسية للمعلومات ما حدث في مصنع جبن بإحدى الدول الاوربية، حيث انخفضت مبيعات الجبن بشكل ملحوظ فتم تشكيل لجنة لدراسة اسباب ذلك، واكتشفت اللجنة ان السبب وراء ذلك هو انه قد تم تعيين مدير صيانة جديد للمصنع وقد اجتهد في العمل لتطهير خطوط الانتاج من المكروبات وتعقيمها بشكل ممتاز مما ادى الة قتل جميع انواع البكتيريا الضارة وغير الضارة مما جعل الجبن يخرج من خط الانتاج بلا ثقوب وقد كان يخرج بثقوب نتيجة البكتيريا غير الضارة فتركه المستهلكون لتعودهم على الجبن المثقوب.
وسوف نضرب الان مثال عن شركة لم تستخدم التغذية العكسية للمعلومات فدفعت ثمنا باهظا لذلك وهي شركة عالمية في بيع العاب الاطفال اضطرت لإغلاق 50% من متاجرها حول العالم بسبب انخفاض المبيعات والسبب وراء ذلك ان الاطفال المستهلكين للألعاب قد تغير سلوكهم حيث انهم توجهوا الى العاب الكمبيوتر وأصبحوا يفضلون صرف اموالهم على شراء الاسلحة داخل الالعاب ولا يرغبون بشراء الالعاب التقليدية.
الامثلة السابقة لحالات محددة تم تشكيل لجان لها للحصول على التغذية العكسية للمعلومات، ومن الممكن تصميم انظمة مستمرة تضمن الحصول على تغذية عكسية للمعلومات بشكل تلقائي، مثال على ذلك مركز خدمات العملاء والاستبيانات وجميع ادوات تقييم الخدمات والسلع حيث قامت معظم الشركات العالمية بوضع العميل على رأس الهيكل التنظيمي والذي من صلاحيته تقييم السلع والخدمات فيتم فورا معالجة أي قصور.
ومن نتائج التغذية العكسية للمعلومات تغيير الرؤيا والرسالة وكذلك تغيير الخطط الاستراتيجية تبعا للتغيرات التي تطرأ سواء من داخل المنشاة او خارجها وتعديل الانظمة بما يناسب التغيرات التي حدثت، حيث أن الادارة العليا مسئولة عن مرقبة التغيرات التي قد تؤثر على مسارها وتتجاوب معها بما يلزم.
وقد ينتج عن عدم وجود نظام للتغذية العكسية للمعلومات كوارث كبيرة وتكون اسبابها بسيطة فقد تضطر شركة عملاقة للإفلاس نتيجة سبب بسيط لو ظهر من خلال التغذية العكسية للمعلومات لتم حل المشكلة ببساطة، ومثال ذلك شركات المحمول فقد كانت هناك شركات عملاقة تتصدر منتجاتها منتجات العالم ونتيجة لعدم التجاوب مع الابتكارات في عالم المحمول تم تراجع منتجاتها لتكون بالمؤخرة.
ولكي يكون كلامنا مفيد نريد أن نأخذ مثال من مجتمعنا السعودي فمثلا فشل مشاريع تصريف مياه الامطار بالمدن لو حللنا الاسباب لوجدنا انه بسبب أن بيئتنا صحراوية فتسد الاتربة فتحات تصريف المياه مما يمنع المياه من الدخول بها، وعلى الرغم من انني لست مهندس مختص فاعتقد انه لحل هذه المشكلة علينا وضع غطاء لكل فتحة تصريف يمنع الاتربة من التجمع بمقدمة الفتحة وعند موسم الامطار يتم فتحها.
ويتم الاستفادة من التغذية العكسية للمعلومات بشكل اكبر كلما زادت المعلومات التفصيلية وتم تحليلها بشكل سليم يخدم اهداف المنشاة او الدولة ففي بريطانيا مثلا اذا نزلت في حي من احيائها فيجب عليك تسجيل بياناتك لدى مركز الشرطة وهذا سوف يجعل الدولة قادرة على معرفة مكان سكن أي مواطن أو مقيم داخل بريطانيا ومكان عمله مما يجعلها قادرة على تحديد اسباب الزحام الشديد بالطرقات كما يمكن الاجهزة الامنية من معرفة اماكن تمركز الجاليات الاجنبية، ويساعد ذلك ايضا في التحقيق بالجرائم الجنائية, وذلك النظام الانجليزي ينتج الكثير من المعلومات التي يمكن تحليلها وحل المشكلات أو أي عمليات تطوير وتحسين.
وعلى مستوى الشركات هناك متاجر تضع على بوابة الدخول ممر حديدي يحسب عدد زوار تلك المتاجر فيتم تحليل المعلومات ومعرفة الفترات التي فيها ازدحام والفترات التي ليس بها ازدحام مما يجعلها مثلا تزيد من الموظفين في فترات الازدحام وتجعل اوقات الراحة لهم في الفترات الاخرى.
ان معرفة عدد الزوار في كل ساعة مهم جدا ويجعلك تحقق دخل اضافي من خلال التفاعل السليم مع تلك المعلومات، فمثلا هناك مجموعة من الصالات الرياضية (Gyms) قامت بوضع تخفيضات للاشتراك بالأوقات التي يقل بها عدد المشتركين وهذا زاد من مبيعاتهم بشكل ملحوظ.
ان التغذية العكسية للمعلومات هي من الادوات التي سوف ترتقي بنا الى مصاف الدول المتقدمة لو استخدمنها بشكل سليم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال