الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تقدمت المملكة العربية السعودية 18 مركزا (من المرتبة 66 عام 2021 إلى 48 هذا العام 2023) على مؤشر الابتكار العالمي لعام 2023 الذي صدر قبل أيام، وهو مؤشر عالمي معتمد من قبل الأمم المتحدة كمرجع موثوق في مراقبة نتاج 132 دولة، وأيضا كأداة عمل لهذه الدول بغرض بذل المزيد من الجهد في تطوير مسيرتها في هذا الاتجاه الذي يقوم عليه عالم اليوم والغد، ولكن هل تليق هذه المرتبة بمكانة المملكة عالميا؟
هذا المؤشر له أهميته لشرائح هامة في تطوير بيئة الابتكار مثل صناع القرار وراسمي السياسات المتعلقة بها، والأكاديميين الباحثين، وروّاد الأعمال المبتكرين، ويتضح من خلاله جهود المملكة في هذا المضمار، فالتقدم 18 مرتبة في عالم شرس التنافسية مسألة ليست بالبسيطة، ولكن تظل هذه المنزلة متواضعة مقارنة مع رؤيتها وتطلعاتها، فبعيدا عن التصنيف على مستوى العالم، المملكة ليست ضمن الأعلى ترتيبا في منطقتها (شمال افريقيا وغرب أسيا حسب التقرير)، ولا حتى ضمن اقتصادات الابتكار حسب الدخل، أو الأداء بالمقارنة بقوة اقتصادها، أو حتى مع مستوى التطور الحاصل بالمملكة (حسب بيانات التقرير).
لا شك في أن سخاء الدولة في الدعم بكافة أشكاله لا حدود له لكل الجهات ذات العلاقة في بيئة الابتكار السعودية، بدليل أن هذا البَذل جعل المملكة تتبوأ مراكز عالمية راقية جدا في ملفات عديدة سواءً في سياسات ممارسة الأعمال التجارية، أو الإنفاق على التعليم (كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي)، أو الاستثمار في البحث والتطوير، أو الوصول واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أو في القيمة السوقية لها وحجم السوق المحلي، ووفرة رأس المال الاستثماري.
إلا أن المؤسسات العلمية والبحثية والصناعية من المتعاطيين مع الابتكار، بحاجة ماسة للتركيز على ملف مخرجات الابتكار تحديدا وتقوية أدائها في هذا الميدان، فالتركيز على مدخلات الابتكار فقط غير كافية وفي بعض الأحيان لا تكون لها قيمة إذا ما لم تتوازن المخرجات معها، فبالرغم من تقدم المملكة في الترتيب العام في هذا العام 2023، إلا أنها ظهرت على المرتبة 68 في مؤشر المخرجات المعرفية و 65 في المخرجات الابداعية، وهذا ربما يستدعي وضع مؤشرا محليا دقيقا للمتابعة، وصارما في المحاسبة، وداعما في معالجة أداء الجهات ذات المخرجات المتواضعة، خاصة أن تقرير عام 2022 قد أشار إلى 18 مؤشر عن المملكة إما مفقودة أو قديمة المعلومات.
كل الجهود المبذولة من قبل القائمين الجادين على منظومة الابتكار – بكل تأكيد – متابعة ومُقدَّرة، ولكن عليهم التنبه جيدا لما صرّح به سمو ولي العهد في آخر مقابلة مرئية له مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية في 21 سبتمبر 2023، بأنه “قد تم وضع مستهدفات جديدة بطموح أكبر لرؤية 2030″، لتكون المملكة “أعظم قصة نجاح في القرن الـ21” بمشيئة الله، وهذا يعني أن ليس أمامهم سوى تسريع وتيرة العمل، بعقلية قيادية نوعية لاستيعاب الغايات، وفرق فنية محترفة لتنفيذ المستهدفات، لأنه لا مناص من التواجد – على الأقل – ضمن قائمة الدول ال20 الأولى في مدخلات ومخرجات الابتكار، وهي المكانة الوحيدة التي تليق بالمملكة، العضو الفاعل في مجموعة أكبر 20 اقتصاد في العالم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال