الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثير ما يتم تداول مصطلحي الافصاح والشفافية بشكل متلازم. ولعلنا نتسآل في هذا المقال أي المصطلحين أعمق؟ أيهما أشمل؟ هلالافصاح أشمل من الشفافية أو الشفافية أشمل من الافصاح؟ هل الأساس هو الافصاح أم الأساس هو الشفافية؟
أشرنا في مقال سابق أن “الافصاح مصطلح يعني الفصاحة والوضوح والكشف عن الحقائق والتفاصيل والادلاء بها في وقتها. أما بالنسبة لمصطلح “الشفافية” فالحقيقة أنه لا يوجد تعريف محدد له فهو يشبه في حالته مصطلح “الادارة” تضطلع بتعريفات عديدة ومختلفة لا تنتهي. لذلك يلجأ المتخصصين بنهاية المطاف إلى سرد وظائف الإدارة لتقديم فهماً عميقاً. كذلك تماماً هو الحال عند محاولاتنا الجادة بتعريف “الشفافية” فإننا نلجأ الى سرد إجراءتها ووظائفها.
يستلزم تطبيق الشفافية أن تكون المنشأة في المقام الأول منفتحة في أعمالها وعلاقاتها وقرارتها وهذا يشمل البيان والوضوح في إجراءات اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستراتيجيات والاداء وإدارة المخاطر والمناقصات والتوظيف مما يهم أصحاب المصلحة. وفي هذا المقام نُعرفالشفافية أنها عملية اجرائية تابعة إلى الافصاح هدفها توفير المعلومات الجوهرية الصحيحة والدورية في الوقت المناسب لأصحاب المصلحة. وعليه فإن “الافصاح” هو مصطلح أعم وأشمل من مصطلح “الشفافية”.
لنفترض أن أحد الاشخاص يتبنى نمط حياة صحي فإنه يعيش في بيئة صحية مناسبة بعيدة عن التدخين ويختار برنامجا غذائيا مناسبا. وعليه يعتبر نمط حياة هذا الشخص انعكاسا لمصطلح “الافصاح” بينما اختيار البرناج الغذائي المناسب هو انعكاس لمصطلح “الشفافية”.
لذلك كثيراً ما يتداول بين الاقتصاديين موضوع “متطلبات الافصاح” وليس “متطلبات الشفافية” أو وقد يتم الاكتفاء أحيانا بعنوان جامع مثل”حوكمة الشركات وإفصاح المصدرين” و “التزامات الافصاح” كما هو الحال في قواعد الادراج المعدلة لعام ٢٠٢٢ في الباب الخامس.
تُعد “الشفافية” إجراء ذا قيمة عالية في التعاملات الاقتصادية والاستثمارية والإدارية لأي منشأة، حيث يحتاج المهتمون بالمنشأة إلى بناء قراراتهم بشأن معاملاتهم مدعومة بالمعلومات المفيدة. كما أن الشفافية هي أحد أهم ركائز حوكمة الشركات تضطلع لتعزيز المساءلة حيث تسمح بتعميق الفهم والوقوف جدار صلب ضد إساءة استخدام السلطة.
بدون أدنى شك، “الشفافية” وعكسها التعتيم والسرية، لا تعني الإفصاح عما هو سري و تضييع مصلحة المنشأة بحجة الشفافية. وإنما يتم عرض المعلومات بما لا يمس بمصالح المنشأة أو يتعارض مع الأنظمة واللوائح، خاصة المعلومات الشخصية المتعلقة بالأفراد. فعلى سبيل المثال تستلزم اجراءات “الشفافية” الإفصاح عن أسماء ملاك الشركة الرئيسيين وحصصهم وعن أعضاء مجلس إدارة الشركة وإدارتها ومكافاتهم وشهاداتهم.
كثير ما تتغنى المنشآت على أوتار “الشفافية” لكن الحقيقة أن قناعة مجلس الادارة والعضو المنتدب في أي منشأة بأهمية الشفافية هي السبيل إلى تفعيل وتطبيق اجراءات “الشفافية” في المنشأة وبدون هذه القناعة تصبح “الشفافية” مجرد “كلمات” على ورق تتناثر فوقه ثقة المساهمين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال