الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتمحور رؤية المملكة العربية السعودية – التي أعلن عنها في أبريل 2016 – حول المستقبل بحيوية مليئة بالطاقة والإثارة، وهذا ما بدأت تتكشف معالمه منذ الانطلاقة ومع كل مشروع، بدليل اهتمام العالم بإنشاء ممرّات اقتصادية خضراء تربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا عبر المملكة، والذي أعلن عنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله) أثناء انعقاد قمة مجموعة العشرين في الهند.
بعيدا عن الكثير من التناول السطحي (والخرائط الواهمة لمسار الممر) للمشروع على منصات التواصل الاجتماعي وبعض الجهات الإخبارية الصفراء التي أدمنت الفرقعة الإعلامية، والذي لا يقوم على أي معلومات رسمية (المشروع في مرحلة مذكرة التفاهم)، أو حتى منطقية علمية (تحتاج دراية بالتفاصيل الفنية)، ومع عدم بذل بعض المجهود للتعرف على الجهات ذات العلاقة (ظاهرة في مذكرة البيت الأبيض المنشورة في 9 سبتمبر 2023)، فإن المشروع ببساطة مرتبط بالقيمة والميزة الاستراتيجية للشراكة مع المملكة العربية السعودية في دعم لوجستية وتنافسية التجارة الدولية.
هذا يفسر اهتمام الهند بالشراكة مع المملكة، وقد سبقتها دولا كبرى مثل روسيا والصين، بل ودولا غربية في هذا التوجه، وقد رأى الجميع زيارات قيادات دول صناعية كبرى للمملكة مثل المملكة المتحدة، ألمانيا، فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة زمنية وجيزة.
شراكة الهند مع المملكة للوصول لأوروبا – كمثال – يعطيها فرصة تخفيض تكاليف عمليات سلاسل الإمداد على مجموعة واسعة من منتجاتها الزراعية، والمنتجات الهندسية، والملابس، والسيارات، والمنتجات الكيماوية، والإلكترونيات، والأدوية، وغيرها، فالاتحاد الأوروبي يعتبر أهم شركائها التجاريين، وبينهما تبادل تجاري قائم من خلال اتفاقية تجارة حرة باسم “اتفاقية التجارة والاستثمار بين الهند والإتحاد الأوروبي” التي تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار بينهما، وهنا تكمن الفرصة الطموحة التي توفرها المملكة للهند (وغيرها من دول الشرق والغرب) في توسيع آفاق التبادل التجاري، فالمملكة منفتحة على الجميع في تقديم ما يخدمها ويخدم شركاءها في ازدهار اقتصاداتهم ومجتمعاتهم.
من الجانب الآخر، وحسب رؤية المملكة التي كانت وثيقتها المعلنة واضحة المعالم والمفردات والجُمل، فإن مسألة تنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات والابتعاد عن النفط كمفصل رئيس ووحيد في الاقتصاد الوطني هي توجهات لا رجعة فيها، ومثل هذا المشروع – ضمن مشاريع قادمة – سيزيد من الجذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في مجال خدمات سلاسل الإمداد، وأيضا فتح باب كبير لنقل وتوطين التكنولوجيا والمعرفة المرتبطة بهذا المجال، وأيضا تعزيز صادراتها في كل الاتجاهات الجغرافية الإقليمية والدولية، بجانب استفادة المملكة من بنيتها التحتية في توليد فرص العمل لمواطنيها.
المشروع السعودي للممرّات الاقتصادية الخضراء (ممرّات وليس ممرّاً واحداً) هو من ضمن مشاريع عديدة ستقدمها المملكة العربية السعودية في مضمار مساهمة موقعها الاستراتيجي وخطوطها البرية وموانئها البحرية والجوية وبنيتها التحتية في تحول تاريخي للتجارة الدولية نحو توسيع نطاق تطورها الطموح، وهنا تكمن قيمة المملكة الاستراتيجية كنقطة انطلاق مثالية للتطلعات العالمية، من خلال موقعها في ربط ثلاث قارات ببعضها البعض، وهي مسألة ليست بالمستحدثة، فرؤية المملكة 2030 قد أعلنت هذا الحراك منذ البداية، وبكل وضوح للجميع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال