الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في البداية سأتحدث بشكل سريع عن مفهوم الذكاء الاصطناعي ومراحل تطوره وأهم الأشخاص الذين ساهموا في تطويره.
* التكوين الأولي (1950-1960):
تعود بدايات الذكاء الاصطناعي إلى حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ففي عام 1950، وضع ألان تورنغ مفهوماً وهو “اختبار تورنغ” الشهير، الذي يهدف إلى قياس قدرة الآلات على التفكير بطريقة تشبه البشر. وفي هذه الفترة، تطورت العديد من النماذج الأولية للذكاء الاصطناعي، مثل نظام لوجيك تيستر Logic Theorist الذي طوره هربرت سيمون وألن نيويل في عام 1955.
*الانكسار الشهير (1960-1970):
في الستينيات، ظهرت آمال كبيرة بأن الذكاء الاصطناعي سيتمكن من تحقيق تفوق ذكاء البشر في غضون عقود قليلة. ولكن في عام 1970، طرح العديد من الباحثين أسئلة صعبة بشأن قدرة الحواسيب الموجودة في ذلك الوقت على التعامل مع تعقيدات المعرفة والتفكير البشري، مما أدى إلى ما يعرف بـ “الانكسار الشهير” أو “الشتاء الذي لا نهاية له” (AI Winter). تراجعت التمويلات والاهتمام بالذكاء الاصطناعي لفترة طويلة.
*التقدم المستمر (1980-حتى الآن):
عاد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في الثمانينيات، وشهدت هذه الفترة تقدمًا ملحوظاً في عدة مجالات وظهرت تقنيات جديدة مثل الشبكات العصبية الاصطناعية والتعلم الآلي والتعلم العميق، وفي عام 1997، حقق البرنامج Deep Blue التابع لشركة IBM انتصاراً تاريخياً عندما هزم بطل العالم في الشطرنج كاسباروف بوصفه أول حاسوب يهزم بطلا عالميا في مباراة من ست جولات تحت ضوابط وقت قياسية، وفي عام 2011، فاز برنامج جيبيتو Watson التابع لشركة IBM في برنامج Jeopardy الشهير. بعد ذلك، شهدت السنوات اللاحقة تقدماً سريعاً في مجالات مثل تعلم الآلة ومعالجة اللغة الطبيعية ورؤية الحاسوب والروبوتات الذكية.
منذ ذلك الحين، استمر التطور المستمر في مجال الذكاء الاصطناعي، وشهدنا تقدماً هائلاً في تقنيات التعلم الآلي والشبكات العصبية العميقة ومعالجة البيانات الضبابية الكبيرة وغيرها من الابتكارات. كما تزايدت التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الطب والنقل، والتجارة، والتصنيع، وغيرها.
اليوم، يعد الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، ويتواجد في تطبيقاتنا المحمولة ومحركات البحث والمنصات الاجتماعية والمساعدات الصوتية المنزلية والعديد من الأجهزة الذكية الأخرى، ومع استمرار التطور التكنولوجي، من المتوقع أن يستمر الذكاء الاصطناعي في أن يلعب دوراً أكبر في تحسين حياتنا وحل المشاكل العالمية في المستقبل.
والمملكة العربية السعودية تعتبر واحدة من أهم الدول التي تسعى جاهدة للتطور والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي وهناك عدة عوامل ومبادرات ساهمت في تطور المملكة في هذا المجال، منها:
أولاً: رؤية 2030 بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وضعت خطة استراتيجية للتحول الاقتصادي والتنمية، وقد ركزت خطته بشكل كبير على التكنولوجيا والابتكار بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والذي يهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتعزيز الابتكار وتطوير القطاعات ذات الصلة بتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
ثانياً: المركز الوطني للذكاء الاصطناعي الذي تأسس عام 2019م التابع للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي بمبادرة من صندوق الاستثمارات العامة، يعتبر محوراً مهمًا للبحث والتطوير وتعزيز القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة.
ثالثاً: الاستثمار في الشركات الناشئة حيث تمتلك المملكة رؤية استثمارية قوية في مجال الشركات الناشئة والتكنولوجيا، بما في ذلك الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي اذ تقدم الحكومة السعودية الدعم والتمويل للشركات الناشئة وتسهم في خلق بيئة ملائمة للابتكار والتطوير التكنولوجي.
رابعاً: التعليم والبحث العلمي فالمملكة تولي اهتماماً كبيراً لتعزيز التعليم والبحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي وقد تم تأسيس برامج تعليمية في المدارس ومراكز بحثية في الجامعات والمعاهد العليا لتطوير المهارات وتعزيز الخبرة في هذا المجال.
خامساً: الشراكات الدولية: تسعى المملكة لتعزيز التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال إقامة شراكات مع الشركات والمؤسسات الدولية المتخصصة وقد عملت على تعزيز هذه الشراكات في نقل التكنولوجيا وتبادل المعرفة والخبرات في مجال الذكاء الاصطناعي.
باستراتيجياتها واستثمار التوجه نحو التكنولوجيا الحديثة والابتكار، واستثمار الموارد والتمويل، وتهيئة بيئة ملائمة للابتكار والتطوير، حصلت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي مؤخراً على المركز الأول عالمياً في ركيزة الإستراتيجية الحكومية لمؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي لعام 2023م والثانية عالمياً بالوعي المجتمعي بالذكاء الاصطناعي وفقاً لمؤشر جامعة ستانفورد للذكاء الاصطناعي 2023م وتسعى المملكة إلى تعزيز التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي واستخداماته في مختلف القطاعات الاقتصادية والحكومية.
ولمزيد من نشر الوعي بأهمية التعاطي أكثر في هذا المجال سأتحدث في مقالي القادم عن اسباب المبالغة في تخوف المستثمرين من الذكاء الاصطناعي والثورة التي أحدثها هذا الاختراع العبقري في حل كثير من المشاكل وعن مخاطر استخدامه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال