الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رواد الاعمال وصندوق التنمية الصناعية والشركات الوطنية
في المقالين السابقين تحدثنا حسب الأهمية عن أول محورين من محاور التمكين الأربعة التي بنيت عليها الاستراتيجية الوطنية للصناعة وهما: محور الابتكار ومحور سلاسل الإمداد. والمحور الثالث من محاور التمكين الصناعي الذي بنيت عليه قواعد التخطيط للصناعة الوطنية هو محور تنمية بيئة العمل الصناعية وهو أعرض محاور التمكين نطاقاً إذ تتداخل عناصره الأربعة مع جميع مكونات وموارد البيئة الصناعية.
يرتكز محور تنمية بيئة العمل الصناعي على أربعة ممكنات هي : (1) استحداث وتفعيل أنظمة وإجراءات واضحة ومرنة، (2) تسهيل الوصول للتمويل الصناعي، (3) تشجيع التوطين والمحتوى المحلي، (4) دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
تدور هذه الممكنات الأربعة مابين تشجيع ريادة الأعمال، وتسهيل عمليات التمويل، والسماح للشركات الوطنية من الاستفادة من الطلب المحلي الحكومي والخاص، وكسب ثقة المستثمرين من خلال وضوح ومتانة وعدالة الإجراءات التشريعية والتنظيمية للقطاع الصناعي. كما هو ملاحظ أن هذه الممكنات الأربعة تتفاوت في درجات التحدي من حيث التطبيق والإنجاز؛ فاصدار التشريعات والتنظيمات وتشجيع المحتوى المحلي من الأهداف الأقل صعوبة، بينما يقع تشجيع ريادة الأعمال وحلول التمويل في الجانب الأكثر تحدياً. فريادة الأعمال مرتبطة بالابتكار والإبداع في الحلول والمنتجات الصناعية، وغالباً مايكون منبعها الشركات الصغيرة وصغار المطورين الصناعيين أصحاب الأفكار الجديدة والذين لديهم القدرة والرغبة على تحمل المخاطرة المالية، ويتميزون بالمثابرة والطموح.
وتكمن صعوبة نجاح مشاريع ريادة الأعمال في تخوف صغار المطورين الصناعيين وغالبهم من المهندسين من تحمل عبء الخسارة، وعدم وجود الدعم الكافي الذي يعطيهم الاطمئنان اللازم للمواصلة في تنفيذ افكارهم الابتكارية. لذا نلاحظ أن أغلب رواد الأعمال لدينا ينقسمون لثلاثة أقسام: قسم لديه الدعم المالي الكافي من خلال موارد ذاتية وغالبا تأتي من اعمال العائلة التي تمكنه من النجاح، وقسم يتجه للربح السريع من خلال الاستثمار في مجالات سهلة وذات عائد سريع كالمطاعم، وتجارة التجزئة، والتطوير العقاري، وقسم يعمل بشكلٍ جزئ في وقت فراغه مع احتفاظه بوظيفته مثل مشاريع ريادة الاعمال في الحوسبة والتطبيقات الرقمية، بينما تضعف الرغبة في ريادة الاعمال الصناعية.
والممكن الآخر الأكثر تحدياً هو ايجاد حلول التمويل خصوصا للشركات الصغيرة والمتوسطة ولمشاريع رواد الأعمال كتلك التي تتطلب موارد مالية تتجاوز مبالغ لا يشملها برنامج ضمان التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ” كفالة”.
هذه الفئة من المطورين الصناعيين غالباً ما تصطدم بمتطلبات الضمانات من قبل البنوك أو صندوق التنمية الصناعية للمشاريع المتوسطة، وفي نفس الوقت تخشى هذه الفئة من سيطرة كبار رجال الأعمال والمستثمرين على مشاريعهم وخروجهم بأقل العوائد وربما خروجهم من الإدارة، مع ارتباطهم العاطفي القوي بمشاريعهم.
هناك نقطة التقاء هامة جداً قد تكون برنامجاً يساعد في انجاح الاستراتيجية الصناعية يجمع بين حلول التمويل، وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتمكين المحتوى المحلي، وهو تطوير مشروع مستدام يمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة من ضمان شراء منتجاتها، وضمان المقرضين لاستعادة قروضهم في وقتها المحدد.
هذا البرنامج مبني على مقترح لحصر المنتجات ذات الكميات الصغيرة التي لا تتطلب تقنيات معقدة أو الخدمات الفنية الصغيرة التي تقوم باستيرادها الشركات الوطنية خصوصا الحكومية أو شبه الحكومية أو تلك الشركات التي حصلت على تمويل من صندوق التنمية الصناعية ومن ثم اسناد عقود هذه المواد أو الخدمات لشركات ومصانع محلية صغيرة يتم تمويلها من قبل صندوق التنمية الصناعية بشكل كامل مائة بالمائة أو من خلال رفع سقف برنامج كفالة . إن ضمان شراء هذه المنتجات أو تسنيد الخدمات الفنية المطلوبة من قبل الشركات الوطنية بالاتفاق بين صندوق التنمية الصناعي، والشركات الوطنية، ورواد الأعمال يخلق تكاملا وحلاً شاملاً يلبي طلبات جميع الأطراف ويضمن حقوقهم، وفي ذات الوقت يوسع قاعدة التصنيع المحلية، ويدعم بناء بيئة صناعية خلاقة كما تهدف له الاستراتيجية الوطنية للصناعة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال