الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعزيز التجارة الدولية
المحور الرابع من محاور التمكين الصناعي لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للصناعة هو محور تعزيز التجارة الدولية، وهو في بعض ممكناته يتقاطع مع ممكنات المحور الأول المعني بتعزيز وتطوير سلاسل الإمداد. وتقترح الاستراتيجية الصناعية أربعة ممكنات بني عليها هذا المحور هي : (1) تمكين الصادرات، (2) تحسين السياسات والاتفاقيات التجارية، (3) رفع معايير الجودة في القطاع الصناعي، (4) تعزيز العلامة التجارية للمملكة. من خلال تعزيز العلامة التجارية للمملكة تهدف الخطة لتحسين التصور العالمي عن جودة المنتجات السعودية مما يزيد الطلب عليها، وبالتالي ينعكس ايجاباً على الإنتاج الصناعي المحلي ويرفع من وتيرة معدلات الإنتاج.
محور تعزيز التجارة الدولية له ثلاث قواعد أساسية أولاها تعتمد على جهود القطاع الخاص في تحسين جودة المنتج الوطني، وخفض تكلفة إنتاجه، وتلبية الطلب عليه، والثانية تعتمد على السمعة والإشهار والتسويق وهو جهد مشترك بين القطاعين العام والخاص، والثالثة تقوم على مبادرات القطاع العام في سن الأنظمة والسياسات الحمائية والداعمة، والدخول في الاتفاقيات والتفاهمات الثنائية والإقليمية والدولية، ودعم تمويل الصادرات.
خطت المملكة العربية السعودية خطوات كبيرة في سن أنظمة حمائية للمنتج الوطني من خلال الحماية الجمركية مع الالتزام بالاتفاقيات الدولية، ورفع معايير الجودة المطلوبة من الواردات لحماية السوق المحلي من المنتجات رديئة الجودة، وتفضيل المحتوى المحلي من خلال سياسة واضحة تدعمه. هذا على جانب الاستيراد، ولا يقل الأمر عنه في شأن الصادرات من حيث الجودة، والسياسات، والاتفاقيات والتفاهمات، والدعم. ولكن من الملاحظ أن مؤشر الصادرات الخاص بموضوع القيمة الصناعية الإضافية في المنتجات المصدرة ( MVA ) لايزال منخفضاً جداً مقارنةً ببقية المؤشرات لأن معظم الصادرات الصناعية السعودية تتكون من المواد الخام، أو المواد الأساسية كالمواد البتروكيميائية مثلاً التي لا تحتوى على القيمة التصنيعية الإضافية.
يقتضي رفع مؤشر القيمة الصناعية المضافة حيازة التقنية وتقتضي حيازة التقنية تطويرها محلياً من خلال البحث والابتكار، أو الاستحواذ عليها من مواطن تطويرها، أو التعاون مع من يمتلكها.
صناعة السيارات، والمواد الكيمائية المتخصصة، والمنتجات البتروكيميائية التحويلية، والصناعات الغذائية، ومواد البناء على سبيل المثال من الصناعات التي يمكن حيازة وتوطين تقنيتها بطرق غير مكلفة مقارنة بالصناعات الالكترونية، أو صناعة الطيران، أو الاتصالات، والآلات المتطورة، أو المواد النادرة التي يحتفظ بتقنية أسرارها الشركات الكبرى وتتعلق بالأمن القومي للدول المنتجة. التجربة الصينية والكورية في التصدير تكرر التجربة اليابانية ذات الزخم الصناعي في الأصل الذي سبق الحركة التجارية، وهي تجربة تختلف عن تجربة سنغافورة ودبي في إعادة التصدير اللتان خلقتا زخماً تجارياً أكثر من كونه صناعياً بمعناه الحقيقي.
الصين وكوريا وتايوان واليابان من قبلهم بدأت بصادرات رديئة الجودة ونجحت في اختراق الأسواق العالمية في مرحلة محددة بدايةً بالتركيز على عامل التكلفة، ثم مع مرور الوقت قامت بتحسين جودة منتجاتها وحصلت علي حصص كبيرة في الأسواق العالمية. قاعدتا المنافسة الأساسية تقومان على عنصرين أثنين كما نظر لها مايكل بورتر: أن تنتج ما ينتجه الآخرون بتكلفة أقل ( تميز التكلفة)، أو تنتج مالا ينتجه الآخرون ( تميز منتج)، وفي حال تحقيق اختراق لأي منهما تصبح منافساً عالمياً وتحصل على حصة في السوق العالمي.
التجربة اليابانية، أو الكورية، أو حتى تجربة سنغافورة في التصدير لا تتناسب مع موارد وعناصر ودوافع الصناعة السعودية لاختلاف الظروف والمعطيات، وليس من المناسب أن نحاول نسخ هذه التجارب حرفياً لأسباب أهمها تميز موقع المملكة الاستراتيجي، ومواردها الطبيعة الهائلة، وقدرتنا على حيازة التقنية بسهولة وسرعة باستقطاب الأفراد أو الشركات، ومن ثم البدء من حيث من أنتهى إليه الآخرون. من أهم عناصر بناء نموذج عمل لتعزيز الصادرات الوطنية؛ تكثيف الصادرات من المواد الأساسية على المدى القصير والمتوسط ، وحيازة التقنية على المدى المتوسط، ورفع مستوى القيمة الصناعية المضافة المطورة محليا على المدى البعيد، مع تمركزنا في قلب سلاسل الإمداد العالمية تجارياً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال