الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أكاد أجزم أن حجم الأعمال على عاتق الوزراء المهمين في الحكومة السعودية، تجعلهم في سباق مع الوقت لإنجاز ما هو مطلوب منهم، لهذا لا يحصلون على حصتهم الكافية من النوم. وحينما وجه الصحفي الأمريكي بيرت بيير من قناة فوكس نيوز سؤاله الى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز، ضمن مجموعة من الوزراء والمسؤولين التقاهم مراسل “فوكس” وطلب بيرت النصح بما يجب عليه طرحه من أسئلة على ولي العهد، رد الوزير السعودي على المذيع بان عليه ان يسال الأمير محمد بن سلمان “متى سيسمح لوزرائه بالنوم ثمان ساعات لـ 3 أيام متواصلة؟.
ربما يكون الأمير أطلقها مازحا، إنما الواقع يؤكد ذلك، حجم الضغط على الكثير من الوزارات والهيئات الحكومية يتطلب من القياديين مواصلة العمل الليل بالنهار، لإنجاز ما يتطلب منهم للحاق بركب التنمية التي قال عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أحد جلسات منتدى مستقبل الاستثمار قبل ثلاث سنوات كلمته المشهورة “خلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة. اليوم لم يعد التطرف مقبولاً في المملكة العربية السعودية، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً. ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة”.
وأضاف “أثبت السعوديون سماحتهم الحقيقية ونبذهم لهذه الأفكار التي كانت دخيلة عليهم من جهات خارجية تسترت بعباءة الدين، ولن يسمحوا أبداً بوجوده بينهم مرة أخرى”.
المتابع لاحاديث وتصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، سيجد انه يسير في خط واحد، وهو وضع النقاط على الحروف، والتركيز على الموضوعات التي تدور في اذهان الشارع المحلي والخارجي، ويعطيك إجابات واضحة مدعمة بالأرقام والمعلومات، وفي حديثه لقناة فوكس الامريكية، تحدث بوضوح حول اهم نقطة كانت تشغل الشارع العربي والغربي، وكثرت الاقاويل والاشاعات وخرجت سيناريوهات عديدة، وبمهارة عالية قذف ولي العهد الكرة في اتجاه الولايات المتحدة الامريكية والحكومة الإسرائيلية، حينما قال ردا على سؤال محاور قناة فوكس، ان المباحثات بشان العلاقات مع إسرائيل لم تتوقف وهي تتقدم يوما بعد يوم، واكد موقف السعودية الدائم مع القضية الفلسطينية انها مهمة للغاية، وبكل وضوح يقول ولي العهد “في حال استطاعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إبرام اكبر صفقة تاريخية منذ نهاية الحرب الباردة بين الرياض وتل ابيب، فسوف تبدا حينها العلاقة مع إسرائيل، هذه التصريحات تضع الحكومتين الامريكية والإسرائيلية امام المحك الحقيقي ان كانت تريد، علاقة واضحة وشفافة مع السعودية، ولا يمكن ان تقدم الحكومة السعودية هدايا مجانية لإسرائيل وهنا يأتي الدور الأمريكي الذي يريد ان يظهر وسيطا محايدا.
اللافت في حديث ولي العهد مع قناة فوكس نيوز، انه أراد ان يقدم للإعلام الغربي وتحديدا الأمريكي، ان السعودية لن تلتفت الى ما ينغص مشاريعها التنموية التي اطلقتها، ولهذا فضل ان يكون الحوار في احد احدث المدن السعودية التي شكك الغرب بإقامتها او تنفيذها واعتبروا انه مشروع خيالي لن يرى النور، انها مشروع نيوم، وجاءت شهادة مراسل القناة حينما سالته زميلته عن اهم ما لفت انتباهه خلال اقامته قبل ان يجري اللقاء، انه راي حجم الرافعات الموجودة هناك وفي مدينة الرياض، وهذه إشارة الى المشروعات وتنفيذ البنى التحتية يسير بشكل متواصل.
لأول مرة تحدث ولي العهد عن إيران بشكل إيجابي، وهذا لم يحدث من فراغ او مجاملة، وخلال الأشهر الماضية توصل البلدان الى العديد من الاتفاقيات، واظهرت الحكومة الإيرانية مزيد من التعاون والتفاهم في نوعية العلاقة التي تريدها السعودية مع جارتها التي ظلت السنوات الماضية بشيء من الريبة والشكك في علاقتها. انما هذه المرة أظهرت وجها مختلفا ورغبتها في المشاركة مع السعودية في برامجها التنموية، ووصف العلاقات بانها تتقدم بشكل جيد، ونتيجة هذا التقارب لعبت اندية كرة القدم السعودية لأول مرة مبارياتها داخل الأراضي الإيرانية، ولقي فريق النصر ترحيبا كبيرا جماهيريا وحظي لاعبه العالمي كريستيانو رونالدو حشدا كبيرا من الجماهير التي سارت خلف حافلة اللاعبين.
بالطبع ولي العهد لم يخفي قلقه من امتلاك إيران السلاح النووي، وقال بوضوح”إذا امتلكت إيران أسلحة نووية فسنقوم بالمثل، إذا حصلوا عليه فيتعين علينا ان نحصل عليه” وتصريح ولي العهد هنا، رسالة واضحا الى المجتمع الدولي بضرورة وقف هذا السباق النووي، مشيرا الى ان العالم لا يريد ان يشهد هيروشيما أخرى.
حرص ولي العهد السعودي على الإشارة بتفاؤله بمشروع الربط بين الهند وأوروبا وامريكا، معتبرا انه سيختصر الحركة الاقتصادية ما بين والى وقت قصير جدا، وجدد وقوف السعودية مع اليمن معتبرا انها اكبر داعم لها في الماضي واليوم والمستقبل، والحقيقة ان السعودية تمكنت من خلال برامجها التنموية في تقديم كافة التسهيلات في إعادة بناء البنى التحتية وبرامجها المختلفة، وعبر مركز الملك سلمان للإغاثة التي قامت بتنفيذ مشاريع وبرامج اغاثية وتنموية في مختلف قطاعات العمل الإنساني، ويقترب الدعم السعودي لليمن اكثر من 4 مليارات دولار.
حينما يتحدث ولي العهد السعودي في الشأن المحلي، كعادته يتحدث مثلما يشرب قارورة الماء، فهو يقف على كافة التفاصيل والمعلومات، ويتحدث بالأرقام، وتشعر أنك تسمع من مسؤول لا يعرف النوم او الراحة ويمضي جل وقته في مكتبه ولساعات طويله، يقول ان اعلان رؤية 2040 سيتم الإعلان عنها في 2027 او 2028، ما يعني ان وضع الاجندة والخطط والبرامج المتعلقة بعد 2030، جاري العمل على تنفيذها.
معتبرا ان السعودية حريصة على التقدم والنمو وإيجاد اقتصاد مزدهر، مشيرا الى ان السعودية تسير في المسار الاقتصادي الصحيح، وهذا يدعم مؤشرات التنافسية التي أصدرتها المؤسسات والهيئات العالمية واظهرت ان السعودية من اسرع الدول نموا في مجموعة العشرين، واحتلت المرتبة الثانية للأسرع نموا في مجموعة العشرين من حيث الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ويتحدث بكل ثقة حينما يقول “اننا نسعى الى ان نكون في المراتب السبعة الأولى”.
فيما تشهد البلاد المزيد من التغيرات في كل الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولعل المراقب الاقتصادي هنا يلاحظ التطور اللافت الذي شهدته قطاعات السياحة والترفيه والرياضة، وقطاعات التعدين والصناعة وأيضا برامج الطاقة النظيفة والخضراء مبينا نقطة مهمة حينما أشار” كنا نعاني من مشاكل في الماضي، وأتيحت لنا فرص لم نستغلها، والآن نستثمرها للمُضي قُدماً في السعودية. واكد ان “الهدف الحالي هو الوصول بالسعودية إلى الأفضل دائماً، وتحويل التحديات إلى فرص، ولم ينسى الأمير محمد بن سلمان الإشارة الى رؤية 2030 ووصفها انها رؤية طموحة، وحققت مستهدفاتها بشكل أسرع، بعد وضع مستهدفات جديدة بطموح أكبر.
واستطاعت السياحة السعودية جذب 40 مليون زيارة العام الماضي، وقال الأمير محمد بن سلمان اننا نستهدف من 100 الى 150 مليون سائح في 2030، فيما ساهم الاستثمار في السياحة رفع نسبة اسهامها في الناتج المحلي من 3 في المائة الى 7 في المائة
وليس بمستغرب لأمير شاب ان يحلم ويحقق أحلامه ويضع بلاده في المراتب الأولى عالميا، ويرى مشروعه الذي أطلقه قبل سنوات على انه “أكبر قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين، وهي قصة هذا القرن” وبلاده الأسرع نموا حاليا في جميع القطاعات. ويبقى حلم الوزراء والمسؤولين المهمين الذين يعملون معه، ان يتمكنوا من النوم لساعات قليلة، ولكن يكفي انهم يعملون مع مسؤول لا يعرف وقتا للنوم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال