الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أرجو ان لا يثير مقالي هذا حفيظة الكوادر العاملة في القطاع الحكومي، فالغرض من المقال تسليط الضوء على أمر يخشى ان يؤثر سلبيا على كل من القطاع الحكومي والخاص على المدى المتوسط والبعيد.
يلاحظ ان هناك موظفين في الوزارات والهيئات الحكومية تتجاوز أجورهم معدلات اجور زملائهم في القطاع الخاص بنسب كبيرة، بل وان كثير من القادمون للقطاع الحكومي من القطاع الخاص تتجاوز اجورهم أجور زملائهم ممن هم على المرتبة الممتازة والخامسة عشرة رغم انهم يقومون بالعمل نفسه، وهذا خلل لا شك.
أيضا هناك زيادة في الكادر الحكومي بصفة عامة، أدى الى اختلال في سوق العمل، وان استمر فسيأتي اليوم الذي لا يمكن للقطاع الخاص سواء منشآت كبيرة او متوسطة او صغيرة او متناهية الصغر للعمل والتوسع والنمو.
أقول هذا وأشير الى ما نشر من المرصد الوطني للعمل بأن معدل أجور السعوديين ارتفع في الخمس سنوات الماضية بنسبة 45%. وهذا معدل كبير لا شك، ينبغي التوقف عنده، والنظر في تأثيره على منشآت القطاع الخاص بصفة عامة، وخصوصا المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.
المشاهد ان الطلب الحكومي على الوظائف زاد، رغم ان كثير من اعمال الحكومة، يمكن اسنادها للقطاع الخاص، سواء كانت الاعمال تقنية أو إدارية او حتى تشريعية، ولكن الواقع المشاهد يشير الى نمو القطاع الحكومي. اعتقد ان كان هناك قناعه بهذا الامر، وكانت القناعة مبنيه على دراسات تفصيلية، فينبغي النظر ومراجعه نسب السعودة في القطاع الخاص، لان توسع الحكومة في التوظيف اثر ليس فقط في عدد الكوادر (المؤهلة) في السوق، بل أثر حتى في مستوى الأجور، واعتقد مع محدودية عدد السكان (اقل من 19 مليون) ، ومع الطموح الكبير لبلادنا، ومع توسع التوظيف الحكومي، ومع ارتفاع معدل الاجور، فينبغي تخفيض نسب السعودة الى مستوياتها الدنيا، وان لزم الامر الغائها، حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة بوصول الأجور لمستويات لا تخضع لمنطق اقتصادي.
أقول هذا مؤكدا على أن الرؤية ذكرت بما لا يدع مجال للشك والتأويل أن منشآت القطاع الخاص على مختلف احجامها في صميم اهتماماتها.
أود التذكير أيضا اننا في أواخر عام 2023, وأتساءل ان لم يعالج هذا الامر فكم ستبلغ معدلات الأجور في عام 2030؟ وفق الارتفاعات في الخمس سنوات الماضية فمعدل الأجور لن يقل عن 13000 ريال. واتساءل ما الذي ستفعله المنشآت المتوسطة والصغيرة حينها في ضل نسب السعودة العالية المفروضة عليها؟ اتساءل ما الذي سيفعله رواد الاعمال للبدء في اعمالهم؟ ما الذي ستفعله الشركات الكبرى لسعودة المناصب القيادية؟ ما الذي سيحدث في آسعار اجارات المساكن بصفه خاصة واسعار الخدمات والمنتجات الاخرى بصفة عامة؟ اتساءل كيف سيتوسع الاحلال في القطاع الخاص مع ارتفاع نسب التوظيف في الوزارات والهيئات الحكومية وبرواتب لا يمكن اخضاعها في كثير من الاحيان لمنطق او مبرر اقتصادي؟
هناك خلل في رأيي، وارجو من القائمين على هذا الملف النظر اليه بعمق، واقترح تشكيل لجنة وزارية لبحث هذا الامر والنظر في اثاره وتأثيراته على القطاع الخاص، مع التأكيد على رأيي بأن نسب السعودة يجب تخفيضها، فالاقتصاد ينمو، والعمل الحكومي ينمو كذلك، ولا بد ان لا يؤثر احداهما على اداء الآخر، ومع التأكيد ايضا على ان الرؤية بشرت بالخصخصة، مما يقتضي تقليص العمل الحكومي، والذي لسبب او آخر يسير ببطئ، والذي يتناقض ايضا مع توسع الوزارات والهيئات في التوظيف بأجور غير منطقية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال