الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قضيت الأيام الثلاثة الماضية في الرياض، وزحمة المرور على الطرق المحورية ليست جديدة لكنها تتزايد؛ فما كان “ساعة ذروة ” عند تبعاً لحركة الطلاب والموظفين صباحاً وعصراً، أصبح ساعات ذروة متلاحقة نهاراً وليلاً. بالتأكيد فافتتاح “مترو الرياض” المتوقع نهاية هذا العام 2023 سيخفف من الزحام، لكن لابد من اقتراح حلول سريعة، لتسهيل الحركة في المدينة كافة، وسيكون لتطبيق تلك الحلول انعكاسات اجتماعية واقتصادية وبيئية جوهرية. والازدحام المروري ظاهرة ليست مقتصرةً على الرياض، فهي سمة تلازم جل كبريات المدن مثل لندن ونيويورك، فما أسباب الجذرية لازدحام المروري؟ اجمالاً:
وهذه الأسباب جميعاً متحققة في الرياض وتتكاتف لجعل المدينة أكثر ازدحاما يوماً بعد يوم، فالرياض تعيش طفرة اقتصادية وعمرانية شاملة ومتسارعة الخطى.
السؤال: ما تكلفة هذا الازدحام وما الحل؟ تبعات الزحام المروري متعددة، وتتناول الفقرات التالية التأثير الاقتصادي من واقع دراسات حديثة ورصينة:
-عالمياً: قدرت دراسة ظهرت قبل أشهر، ان خسائر الاقتصاد العالمي نتيجة للازدحام المروري تتجاوز ترليون دولار سنوياً.
-أوروبياً: قدرت دراسة لبيت الخبرة BCG ان تكلفة الازدحام المروري على دول الاتحاد الاوربي تتجاوز 100مليار يورو سنوياً، وأن متوسط خسائر الشركات نتيجة لذلك 1600 يورو فقداناً لإنتاجية كل موظف سنوياً.
-عربياً: وجدت دراسة حديثة لصندوق النقد العربي أن الخسائر الناتجة عن الازدحام المروري في الدول العربية تصل إلى 100 مليار دولار وأن جل تلك الخسائر يتركز في دول مجلس التعاون.
-خليجياً: قدرت دراسة حديثة لأمارة دبي أن تكلفة الازدحام المروري تصل إلى 100 مليار درهم سنوياً.
-الرياض: تعددت الدراسات التي تناولت الازدحام المروري في الرياض، وقد تكفي الاشارة لأكثرها حداثةً، فقد قَدَرَت دراسة مُحَكَمَة نشرت العام 2022، تكلفة الازدحام المروري على الرياض بنحو 16 مليار ريال سنوياً.
ورغم تعدد مصادر الخسائر التي تنجم الازدحام المروري، لكنها محددة:
أخذاً في الاعتبار حجم الخسائر من جانب، ووضوح الأسباب من جانب آخر، مما يجعل سُبلّ الحل واضحةً، وتكمن في وضع مبادرات ناجزة للتعامل مع كل سبب من تلك الأسباب. وهذا لا يعني أن تنفيذ تلك المبادرات سهلاً وفي المتناول وأن الموارد اللازمة لتحقيقه متوافرة، لكن يعني أن الازدحام المروري يؤثر على تنافسية الرياض، ومستهدفاتها العالية، والتي ترمي أن تصبح الرياض ضمن أكبر 10 اقتصادات مدن في العالم. وما الاقتصاد إلا انتاجية تتنامى بتنامي الميزة التنافسية، وهكذا، فإن التعامل مع ظاهرة الازدحام المروري المتزايد لا ينبغي أن يتمحور حول مجرد فك الازداح بإعتباره تحدي مروريّ، بل باعتباره تحدي اقتصادي ينهش في الميزة التنافسية للمدينة الطموحة.
ولن يكتمل الحديث إلا بالتعريج على تأثير مترو الرياض؟ لكن قبل ذلك، ما الأثر الاقتصادي للنقل العام على اقتصاد المدينة، سواء عاصمتنا الرياض أو أي مدينة؟ بعيداً عن الانطباعات تشير الدراسات المُحَكَمة إلى النتائج التالية:
-الخلاصة هي: أن نظام النقل العام يُحدِث حراكاً اجتماعياً واقتصادياً كبيراً، ففضلاً عن انه يخفف من الازدحام المروري، فهو كذلك يُولد نمواً اقتصادياً ويرفع من كفاءة سوق العمل بما يعزز الميزة التنافسية للمدين. وحيث أن موعد تشغيل مترو الرياض قد اقترب، فلعل من المناسب عقد لقاء اقتصادي لعرض ومناقشة وتأطير التأثيرات على الانشطة الاقتصادية (بما في ذلك العقار) وفرص الاستثمار والتوظيف، نظراً إلى أن التأثير الاقتصادي المتوقع كبير، وينبغي الاستعداد له لتعظيم الفائدة. فإذا أخذنا تجربة دبي، فإن كل درهم أنفق على المترو هناك كان مردوده اقتصادياً بين 2 و 3 دراهم، وهذا ما يعرف بأثر المضاعف الاقتصادي (economic multiplier effect)، ولكَ أن تتصور زخم الأثر الاقتصادي على مدينة الرياض عند تشغيل مشروع انفق عليه أكثر من 80 مليار ريال.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال