الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جاء إطلاق برنامج تنمية القدرات البشرية في سبتمبر 2021م، ليركز على امتلاك المواطن قدراتٍ تمكنه من المنافسة عالمياً، ولا نستطيع الحديث عن المنافسة عالميا بدون تطوير أساس تعليمي متين ومتجدد يستوعب احتياجات المرحلة ويستشرف المستقبل. وقد خصصت الدولة ما يقارب 189 مليار ريال سعودي من ميزانية عام 2023م للإنفاق على التعليم ودعم مبادراته لكي يحقق مستهدفاته في إعداد المواطنين والمواطنات لسوق العمل الذي تتغير متطلباته على المستوى المحلي والعالمي. ويحتاج هذا الاستثمار في التعليم إلى نموذج عمل خلاق يعزز من العائد على الاستثمار ويصل بنا إلى نقطة التفوق لا التعادل فحسب، والذي يمثله بطبيعة الحال هنا مخرجات بشرية متميزة تحسن مؤشرات التوطين بجدارة.
و يبدو لي من وجهة نظر المتابع باهتمام لما يحدث في أروقة التعليم بحكم الاختصاص ولاعتباره حجر الزاوية لأي تطور ننشده ونسعى إليه، أن وزارة التعليم عملت على تعزيز فرص نجاحها في تحقيق مستهدفات الاستثمار في التعليم بتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص في هذا المجال، فعلى سبيل المثال جاء تدشين وكالة التعليم العام لمبادرتها المتمثلة في مركز خدمات الاستثمار التعليمي لتشجيع ودعم الاستثمار في القطاع، كما عززت الوزارة حضورها التقني الداعم للاستثمار في التعليم بإتاحة بوابة خاصة للمستثمرين يمكن من خلالها تقديم كافة الخدمات المتعلِّقة بالتعليم، لتسهيل إجراءات الاستثمار بكل يُسرٍ وشفافية مع التأكيد على حوكمة الإجراءات لضمان الجودة.
وبالحديث عن ضرورة دمج التقنية في التعليم والتي تساعد على تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة الرامي لضمان التعليم الجيد المنصف والشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع، ولمساعدة المستفيدين على تعزيز المهارات التي يرغبون في التركيز عليها في الأوقات المناسبة لهم مع ضبط الجودة، جاء تأسيس المركز الوطني للتعليم الالكتروني ليعزز خطوات التعليم الواثقة الموجهة لبناء منظومة تعليمية مُستدامة تتيح فرصًا تعليمية متنوعة ومبتكرة تواكب تطلعات القيادة وتحديات المستقبل، ولذا جاءت المنصة الوطنية للتعليم الإلكتروني “فيوتشر إكس” (future-X)، التي تتيح فرصًا متنوعة للتعلم، وتسهم في تدويل التعليم، ودعم خريجي الجامعات، من خلال تقديم خدمات ومبادرات تحقق التكامل في المنظومة عبـر الشراكات المحلية والعالمية، وعبر شراكات وطنية بين القطاع الحكومي والخاص والقطاع غير الربحي، لخلق منظومة تعليمية مستدامة ومنافسة. وقد لا يعلم الكثيرون أن هذه المنصة الوطنية للتعليم الإلكتروني تقدم أكثر من 27000 مقرر وشهادة احترافية معتمدة ومدعومة بمقررات محلية وعالمية تُسهم في مساعدة الجهات على تنمية مهارات منسوبيها، وهي في الحقيقة خطوة مهمة نحو التعلم المرن الذي تعتمده العديد من دول العالم المتقدم، ويمكن من خلال هذه المنصة المتطورة ربط المقررات بالمهارات والمهن المعتمدة عالميًا، أو بناء مسارات مبتكرة مرتبطة باحتياجات سوق العمل، ولعل من الأهمية بمكان أن تساهم جامعاتنا الوطنية بشجاعة في الاستثمار في هذه المنصة بتقديم نموذج تعليم إلكتروني مرن، يُتيح دمج التخصصات والمسارات الصغيرة في درجات علمية معتمدة مهنيا، لكي نصل قريبا إلى أهدافنا في التوطين المستند للتخصص والكفاءة والخبرة.
خلاصة القول، منحت رؤية السعودية 2030 الطموحة الفرصة لكافة القطاعات للمساهمة في تحقيق الطموح وبلوغ الأهداف بالتركيز على المستفيدين، والحديث عن تعزيز مساهمة قطاع التعليم في تحقيق مستهدفات توطين القطاع وتعزيز العائد على الاستثمار فيه يستوجب تأطير العمل استراتيجيا وإسقاطه على الجهات المعنية في التعليم العام والجامعي والمهني والتقني بشكل صحيح لضمان تحقيق الأهداف الرائدة والمتأخرة، إذ أن التركيز على المهمة الأساسية للتعليم يمكن أن يسير يدا بيد مع العمل على الاستثمار في الخدمات التعليمية والخبرات الأكاديمية، وصناعة سوق جاذب للمستثمرين في التعليم محليا ودوليا لانعاش التوطين، والمساهمة الفعالة في صناعة قيمة مضافة لقطاع التعليم من خلال المواءمة المستمرة مع احتياجات سوق العمل المتجدد، والمساهمة الفعالة في تنمية رأس المال البشري وتعزيز تنافسيته، وتنمية المجتمع وتطوره، ولاستدامة التعليم المتفوق علينا أن ننظر له بعين المستثمر الجريء الذي يدرك أن العائد على التعليم لا يقاس بعدد المخرجات والبرامج فحسب، بل بكفاءة هذه المخرجات وبدخولها كفرس رهان ورقم صعب في سوق المهن والمهارات والقدرات البشرية المتنامي، وهذا ما يجب أن نشارك من مواقعنا المختلفة في منظومة التعليم على تحقيقه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال