ماذا يحدث في جدة؟

هذه هي المرة الأولى منذ عقود التي سيكون لـ “العروس” أكثر من فستان في ليلة زفافها، والعمل يسير على قدم وساق للانتهاء من المشاريع المتنوعة لمدينة جدة، لتصبح أحد المدن السعودية المهمة ولاعب رئيسي في الاقتصاد المحلي والعالمي، عرفها زوارها منذ الماضي وحتى اليوم، انها بوابة الحرمين الشريفين، ومدينة التجار القدامى المؤسسين للأنشطة في البلاد وعلاقتهم بالبلدان الأخرى في التبادل التجاري، عبر ميناء الملك فيصل، ومطار الملك عبد العزيز.

وقبل أيام زف صندوق الاستثمارات العامة الى أهالي جدة خبر تأسيس “شركة تطوير البلد” لتنمية وتطوير المنطقة التاريخية لجعلها مركزا اقتصاديا ووجهة ثقافية وتراثية عالمية تستند على ارث جدة العريق وثقافتها الغنية، لتكون مدينة جدة وجهة سياحية عالمية.

ومن يتجول في شوارع مدينة جدة واحياءها، يلمس بوضوح حجم التغيير القادم لهذه المدينة الحالمة، ما بين إزالة احياء وإقامة جسور، ومشاريع سياحية وإعادة تصميم كورنيش جدة المطل على البحر.

عودة العمل في برج جدة، بعد توقف دام سنوات، وشق قناة مائية صناعية تمتد على مسافة 11 كيلو متر، تعد الأولى من نوعها في السعودية، وتضاهي في مساحتها الواجهات البحرية العالمية وتتضمن مرسى جديد ومواصلات بحرية تصل بمناطق مختلفة وجسور وارصفة بحرية، ويتوقع ان يسهم هذا المشروع في زيادة الإيرادات من السياحة والتجارة.

من اهم المشروعات الجديدة التي تركز عليه الحكومة السعودية لرفع القيمة السياحية لمدينة جدة، هو مشروع وسط جدة وهو يهدف الى تحويل قلب المدينة الى وجهة عالمية المستوى، ويضم المشروع أربعة معالم رئيسية هي دار اوبرا ومتحف واستاد رياضي والمزارع المرجانية، وهذه المشروعات ستجلب المزيد من الشركات المتخصصة في قطاع الترفيه والمشاريع المائية، كما ستخلق فرص عمل، وتشغيل مؤسسات متوسطة وصغيرة في مجال المقاولات.

من المعروف ان 30 مليون معتمر سنويا المتوقع ان يصل عددهم حتى عام 2030 سيدخلون من بوابة جدة، وأيضا اعداد الحجاج التي يتوقع ان تصل الى نحو 3 مليون حاج، جميعهم يصلون عبر ميناء جدة الاسلامي ومطار الملك عبد العزيز، ما يعني انها موعودة بالكثير من الفرص الاستثمارية والمشروعات، وفرصة ليرى العالم التطورات التي تشهدها في كافة المجالات.

امام شركة تطوير البلد عمل شاق، وعمل شراكات مع أكثر من جهة، فالمسؤولية على عاتقها كبير، لكونها ستركز على تحسين البنية التحتية للمنطقة والاشراف على ترميم المباني التاريخية وتطوير مرافق وخدمات ومساحات ترفيهية وسكنية وتجارية وفندقية ومكتبية، وتبني أكثر من 9 الاف وحدة سكنية الى جانب 1800 وحدة فندقية على مساحة مليوني و500 ألف متر مربع.

قبل أسابيع كنت أزور امين محافظة جدة معالي الأستاذ صالح بن علي التركي في مكتبه، وقبل ان ادخل الى مكتبه توقعت انه سيظهر امامي مثل أي مسؤول بمظهره الرسمي الغترة او الشماغ والعقال، وتوقعت ان يكون في مكتبه أكثر من سكرتير قبل ان أصل الى مكتبه، وأيضا توقعت انني ساجد امام بابه في امانة مدينة جدة، طابور من المراجعين، وحينما وصلت الى خارج مكتبه أسال أحد الواقفين، ان كان يعرف مكتب الأمين، طلب مني الجلوس في صالة الاستقبال، جلست قليلا، وبعدها وقفت لأقف في الممر اشاهد المارة والمراجعين. وفجأة لمحت برجل كاشف الراس يقف بعفوية يتحدث مع بعض الموظفين، حتى اقتربت منه، عرفني صافحني بحرارة، اعتذر لي، وقال لي ان اجتماعاته ولقاءاته لا تنتهي.

مع انشغالاته المتعددة، جلس يحدثني عن مستقبل الاحياء العشوائية وكيف ستتغير مدينة جدة بالمشروعات الحيوية، وعن إعادة تدوير النفايات وكيف تم تقليص عدد مرمى النفايات، ومستقبل السياحة وتحسين الواجهة البحرية في كورنيش ابحر، وتحدث بإسهاب عن معالجة المياه الجوفية التي تعيق العمل في الطرقات واسفل الجسور والانفاق، وقال ان مشاريع تصريف مياه الامطار تسير حسب خطتها وقد تم انجاز الكثير منها، وعن مخطط الحمدانية الذي يشتكي منها سكانها، لكون شوارعها وطرقاتها مليئة بالحفر والمياه، وقال ان هذا المخطط من افضل المخططات في جدة مشيرا الى ان معالجة مشكلته مستمرة وسوف ننتهي منه قريبا.

امين جدة قال أيضا ان مشروعات جدة تحظى بعناية واهتمام ومتابعة مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبحرص من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يقف على كل المشروعات ويناقش باهتمام تفاصيلها، لهذا لا يتم الإعلان عن أي مشروع قبل ان توضع كافة التفاصيل من الناحية التمويلية والجهة المنفذة.

وعن شكاوى الناس من شركة إجادة التي تقوم بالتفتيش على المحلات التجارية، وتغرم المحلات بمخالفات ومضايقات – بحسب وصف بعض التجار- مما جعلهم يتركون الأنشطة التجارية لارتفاع قيمة المخالفات، ابتسم امين جدة طبعا وفنّد ذلك، قائلا كيف لنا ان نصدق هذا الكلام؟، اليوم طرق الاعتراض على الشكاوى عديدة، وطرق الاثبات واضحة اما عن طريق الكاميرات والمستندات، ولا تستطيع الأمانة ان تعاقب محل دون أي مبرر، ولائحة العقوبات التي صدرت عن وزارة البلدية بينت بوضوح بنود الغرامات والمخالفات وأيضا مسببات الاغلاق.

سألت امين جدة خلال زيارتي له، عن مشاكل الشركة التي تدير مواقف السيارات، وكيف انها تعطي صورة سلبية عن السياحة في جدة، وتوقعت منه تأييد شكاوى الناس، الا انني استغربت حينما قال، اننا سنتوسع بتنفيذ المواقف المدفوعة، وعلى السائقين ان يتفهموا ان تجاوز التعامل مع هذه المواقف، سيتم تغريم المخالفين منهم. واردف قائلا هذا معمول به في جميع دول العالم، وهي عملية تنظيمية، وعلى الجميع مواطنين وسياح ان يحترموا هذه المواقف وطريقة التعامل معها. وحينما اخبرته ان مدينة الرياض ليس فيها مواقف مدفوعة، قال لي اعتقد انه سيكون في كل مدن السعودية ولن تستثنى أي مدينة، فهي عملية تنظيمية.

طبعا الحوار مع امين جدة وهو ايضا امين مكة المكرمة المكلف، لا يمل وفي جعبته الكثير ليقول، واعلم انه لا يتحدث كثيرا لوسائل الاعلام، وامام مشاغله العديدة وارتباطاته الكثيرة، قررت ان استأذنه بالمغادرة.