الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعد المعلم من أهم أركان العملية التعليمية إن لم يكن هو أهمها وأهم أسس نجاحها، لم ولن يفي حق المعلم مقال أو كتاب أو يوم.
وتظهر الدراسات المعاصرة أن فاعلية المعلم تشكل العامل الأبرز في نجاح الطالب في المدرسة، فالطلاب الذين يتعلمون عل يد معلم مميز مدة ثلاثة أعوام متتالية يتفوقون على نحو ملحوظ مقارنة بأقرانهم الذين لا يحظون بهذه الميزة.
كذلك تبين البحوث أن تكليف معلم بارع بتدريس مجموعة من الطلاب الأقل حظا مدة خمس سنوات متعاقبة يمكن أن يجسر فجوة التحصيل الدراسي بين هؤلاء الطلاب وأقرانهم الأفضل حظا. وقد أجرى المركز الوطني الشامل لجودة أداء المعلم في الولايات المتحدة (NCCTQ) بحثا يلخص فاعلية المعلم في خمس نقاط:
يعقد المعلم الفاعل آمالا عريضة على تلاميذه جميعا، ويساعدهم على التعلم. ويسهم المعلم في تحسين المخرجات الأكاديمية والوجدانية والاجتماعية للطلاب، كالحضور المنتظم إلى المدرسة والنجاح إلى الصف اللاحق في الوقت المحدد والتخرج والاعتداد بالذات والسلوك التعاوني. ويستخدم المعلم موارد مختلفة لتحضير الخطط الدراسية وتوفير فرص التعلم للتلاميذ، ورصد التقدم الذي يجرزه الطالب، وتعديل طرائق التدريس بحسب الضرورة، وتقويم التعلم باستخدام مصادر متعددة للأدلة. يسهم المعلم الفاعل في تطوير الفصول الدراسية والمدارس التي تعلي قيمه التنوع والأخلاقيات المدنية المتحضرة. ويتعاون المعلم مع زملائه والجهاز الإداري وأولياء الأمور والمربين المحترفين من أجل ضمان نجاح طلابه، ولا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة والذين ترتفع فرص فشلهم في المدرسة.
وتتزامن هذه العوامل مجتمعة مع رؤية شاملة لتربية الأبناء من مختلف الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية إلى جانب دعمهم وتحدي قدراتهم بغرض تطويرها.
يواجه المعلم؛ مطالب وتحديات جديدة تفرضها التغييرات الطارئة في المجتمع المعاصر، فقد اتسع دور المعلم ليتجاوز بكثير دوره التقليدي بوصفه وسيطا لنقل المعرفة. وتتعالى الأصوات مطالبة المعلم بالأخذ بيد أبناء الجيل الناشئ ليصبحوا متعلمين مستقلين تماما، وذلك عبر اكتساب المهارات الأساسية للتعلم عوضا عن حفظ المعلومات وترديدها.
وبالرجوع إلى الخبرات الدولية نجد أن سنغافورة قد طورت نظامًا شاملًا لاختيار المعلمين ومديري المدارس وتدريبهم والتعويض لهم وتطويرهم مهنيًا في آن معًا بلًا من التركيز على عنصر واحد فقط، وذلك أسهم في توليد قدرة هائلة على ممارسة التعليم.
وتحرص وزارة التربية والتعليم في سنغافورة على اختيار معلمي الغد بعناية فائقة، حيث تختار سنغافورة مدرسيها من الثلث الأفضل المتفوق من خريجي المدارس الثانوية، ويقبل واحد فقط من كل ثمانية متقدمين للقبول في برنامج إعداد المعلمين، وذلك فقط بعد عملية انتقاء شاهقة ومرهقة، وبالنسبة إلى أولئك الذين يحضون بالقبول.
وثمة علاقة قوية ووثيقة تربط بين المعاهد والمدارس، حيث يشرف المعلم المتمرس على تدريب زميله المستجد عدة سنوات، ويُراقب المعلمون ثلاث سنوات؛ لكي يحدد أي مسار مهني سيناسبهم، ويجري التعرف إلى موهبة القيادة مبكرًا، وعندئذ يحضر هؤلاء المعلمين لأدوار قيادية مستقبلية، وتعمل المدارس السنغافورية تحت مبدأ: إن القيادة الضعيفة هي سبب رئيس لفشل المدارس، وعبر اختيار أفراد موهوبين في وقت مبكر في مسيرتهم المهنية، والاستثمار في تدريبهم وتعليمهم وتطويرهم، ويتضمن هذا التدريب غالبًا الترقية إلى منصب رئيس قسم في عمر صغير، والانتداب إلى لجان أكاديمية وإدارية عدة، وإلى مهمات في وزارة التعليم، وحضور مقرر دراسي مدة ستة أشهر في القيادة التنفيذية في المعهد الوطني للتعليم.
ويحصل كل معلم في سنغافورة على 100 ساعة من التطوير المهني سنويًا، ويخصص مبلغ محدد من المال لكل مدرسة من أجل دعم التنمية المهنية للمعلمين هناك، بما في ذلك السفر لدراسة بعض جوانب التعليم في الدول الأخرى، والاستفادة منها في تطوير رؤى وأفكار جديدة، وقد شهدت سنغافورة عام 2010م افتتاح “مركز المعلمين” لتشجيع المعلمين على مشاركة خبراتهم المتميزة ليستفيد؛ منها زملاؤهم.
لقد تمكنت سنغافورة عن طريق استثمار طاقاتها في الإعداد الأولي لمعلمين على درجة عالية من الكفاية وتدريبهم على أكمل وجه ودعمهم باستمرار، من تلافي مشكلتي الاستنزاف الهائل والعجز المزمن في صفوف المعلمين ومديري المدارس.
وختامًا؛ كان ولا زال المعلم في المملكة العربية السعودية هو محور الاهتمام في جميع خطط التنمية الخمسية بدءًا من عام 1389 هـ، وهو محور الاهتمام في رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ومجمل ذلك كله أن المعلم كان ولا يزال هو محور ومرتكز اهتمام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال