أسرار نجاح النقل العام

لنتفق أولا على أن الدول المتقدمة توفر لشعوبها نقل عام مريح، وليست مسؤولة عن تحمل تكاليف النقل الخاص بالسيارات الخاصة، ولكي نسير على خطاهم نحتاج نتجاوز عدة مشكلات منها أن لدينا الأجواء في فصل الصيف والربيع والخريف حارة جدا و يصعب المشي فيها بالطرقات، كما ان البنية التحتية للطرقات تم تصميمها للنقل الخاص على حساب ممرات المشاة، فأرصفة الشوارع قصيرة ولا توفر مجال جيد للمشاة, كما أنك لو أردت استخدام النقل العام فلن تستطيع القيام بذلك بسبب عدم توضيح مسارات القطارات والأتوبيسات التي من خلالها تعرف أي أتوبيس تركب والى أي محطة مترو تتوجه.

علينا ان نوسع ممرات المشاة ونضيق الارض الاسفلتية بالشوارع ونبني البنية التحتية بإعطاء الاولوية للمشاة ونقوم بتركيب مظلات على الارصفة لتخفيف الحرارة، ثم نسوق للنقل العام بشكل متكامل بعد ان نصمم الخطوط بطريقة متجانسة بين الاتوبيسات والمترو، ففي أسوأ الحالات يضطر الشخص ركب الاتوبيس ليوصله إلى محطة المترو ثم يستقل المترو إلى أقرب محطة لمقصده ثم يركب الأتوبيس مرة أخرى للذهاب الى مقصده.

ولكي نوفر الراحة للناس نشجع محلات القهوة والمطاعم على الفتح بجانب محطات المترو لكيلا يضطر الناس الى الذهاب مشيا على الاقدام لمحل القهوة أو المطعم ثم يذهب الى محطة المترو وفي ذلك مشقة كبيرة عليهم، وبالنسبة للشوارع العامة داخل الأحياء نجعلها ذات مسار واحد ذهابا ومسار واحد ايابا بدلا من مسارين، ونزيل الجزيرة في الوسط ونستبدلها بخطين متصلين بما يعني عدم جواز التجاوز ووضع غرامة للمخالفين و هكذا نفعل بجميع الشوارع، حيث من المنطق ان يقل استخدامات السيارات الخاصة وتزايد الإقبال على النقل العام.

وحتى نقلل تكاليف الأخطاء التي من الممكن أن نقع فيها اثناء التنفيذ نقوم بإجراء التعديلات المستهدفة لبناء بنية أساسية للمشاة في حي واحد كتجربة، وإذا نجحت التجربة نعممها على باقي الأحياء حيث أن أحيائنا متشابهة.
ثم نفرض الرسوم على استخدام الطرقات وعلى مواقف السيارات، فكلما استخدم الناس النقل الخاص تزيد إيرادات الطرقات والمواقف وبالتالي نتمكن من إنشاء الخطوط والمحطات الإضافية للمترو والاتوبيسات مما يقرب تلك المحطات من بيوت الناس ولمقاصدهم، فيزيد ذلك من الإقبال على النقل العام واستخدامه الى ان يتم تحقيق التوازن المناسب بين النقل العام والخاص، وبذلك نفرض الرسوم على الطرقات والمواقف بمقابل شوارع غير مزدحمة ومواقف متوفرة للسيارات الخاصة.

ومن الممكن إصدار بطاقة مشتركة للأتوبيسات والمترو مفتوحة لكل شهر يتمكن الناس من خلالها أن يركبوا الأتوبيسات والمترو بعدد مرات مفتوح اثناء الشهر.
أن أتوبيسات النقل العام حديثة ومجهزة بأفضل وسائل الراحة كما تم تخصيص مسارات خاصة لتلك الاتوبيسات مما يجنبها ازدحام الشوارع.

وحيث أن مسارات الاتوبيسات ثابتة وهذا لا يلبي احتياجات الناس حيث يجب دراسة حركة السير ووضع مسارات تتغير بتغير حركة السير ففي الصباح الباكر يتم إيجاد مسارات من امكان السكن الى أماكن العمل، وفي فترة ما بعد الظهر يتم إيجاد مسارات من منطقة العمل الى منطقة السكن، وفي المناسبات الرياضية يتم إيجاد مسارات من أماكن السكن الى الملعب قبل بدء المباراة، وبعد انتهاء المباراة يتم إيجاد مسارات من الملعب الى اماكن السكن، وهكذا يتم إيجاد مرونة في مسارات الاتوبيسات مما يحقق أفضل النتائج.