التحول الرقمي وأهمية البلوك تشين كتقنية صاعدة

سلسلة الكتل (Blockchain) هي واحدة من أهم التقنيات الحديثة في عصرنا الحالي، ويعود تاريخ بداية البلوك تشين إلى عام 1991م حيث بدأت بقيام الباحثان ستيوارت هابر وسكوت ستورنيتا باقتراح حل بإنشاء نظام رقمي بسلسلة من تكتل مشفر أمن من أجل عمل ختم للمستندات الرقمية لتحظى بحماية عالية وجعلها مخزنة داخل نطاق وقتي بأمان. وتطورت تقنية البلوك تشين لتصبح أكثر كفاءة بدمج شجرة ميركل (Merkle tree) عام 1992م. ومع نهاية العقد الأول للقرن الواحد والعشرين بالتحديد عام 2008م بدأت ظهور العملات الرقمية حيث طبقت تقنية البلوك تشين أول عملة رقمية لها وأطلق عليها البيتكوين (Bitcoin) وهذه طريقة من طرق عمل وتطبيق نظام النقد الالكتروني. وتتمتع تقنية البلوك تشين بمزايا وعيوب علينا الاخذ بمزاياها لجني النجاح والتطور ومعرفة العيوب من أجل تجنبها أو إيجاد حلول لها ومحاولة جعلها مزايا بدلاً من عدم الاستفادة منها على الاطلاق.

ولكن ما معنى وتفسير البلوك تشين؟ سلاسل الكتل أو البلوك تشين هي تقنية تعتمد على قاعدة معلومات وبيانات كبيرة تسمح بتعامل طرفين فقط وهم المرسل والمستلم بدون وسيط بينهم، يمكن للأفراد والمؤسسات والشركات استخدامها من أجل القيام بتعاملات وإرسال الأموال من خلالها وتتمتع تقنية البلوك تشين بالدقة والحماية والسرية التامة لبيانات العمليات والمستخدمين بها من أجل الخصوصية، ولا تقع تحت تحكم أو سيطرة أي جهة أو سلطة محددة بسبب اللامركزية التي تتمتع بها البلوك تشين والتي لا تقبل أي تعديل بها حرصاً على الأمان. ونتيجة لذلك نجد أنَّ تقنية البلوك تشين تشجع رواد الأعمال والمستثمرين على بداية تطبيق أفكارهم المتميزة والمبتكرة وتشجع على بيئة عمل تقوم على الحداثة والابتكار وألا تكون بيئة عمل روتينية تسبب الملل. وعلاوة على ذلك نشهد أن معظم دول العالم تتجه نحو التحول الرقمي لأنظمتها وللبلوك تشين تأثير كبير في هذا التحول.

من المتوقع أن ينمو حجم سوق تقنية البلوك تشين ليصل النمو التراكمي إلى 84% عالمياً حيث حققت الدول 5.92 مليار دولار أمريكي في عام 2021م من البلوك تشين. وعليه فإنَّ المملكة العربية السعودية تسعى بجهود وابحاث ورؤى كثيرة وحديثة مبتكرة من أجل تحولها الرقمي في الأنظمة القائمة بها. وتتوقع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات (Communications and Information Technology Commission) أن سوق تقنية البلوك تشين سينمو على نحو محلي بوتيرة سريعة بنسبة 41% من عام 2021م لعام 2025م. ليبلغ حجم سوق خدمات البلوك تشين إلى 65 مليار ريال بعام 2020م وليتم التوقع بزيادة ونمو حجم سوق البلوك تشين إلى معدل سنوي مركب يصل إلى 10% ليتعدى فاصل الـ 100 مليار ريال بحلول عام 2025م. إن اهتمام الهيئة بتنسيق التقنيات الناشئة خاصة والمعلوماتية بصفة عامة مستمر، ونجد أن البلوك تشين تعتبر من التقنيات الناشئة الحديثة وتحاول المملكة استغلال تأثيرها في التحول الرقمي للأنظمة والاقتصاد الرقمي التابع لها. هناك تصريح لنائب المحافظ لقطاع تقنية المعلومات والتقنيات الناشئة في الهيئة رائد الفايز بأن تقنية البلوك تشين المتقدمة أصبحت في مركز متميز بين نظائرها. وتتطلع المملكة في استراتيجياتها أن تصبح مركز عالمي ودولي للتقنيات الناشئة ليس هذا فقط، بل تقوم الهيئة بتطوير استراتيجياتها لتصبح أكثر كفاءة وتشجع المستثمرين على الاستثمار بالمملكة. لذلك تحاول المملكة تطبيق تقنية البلوك تشين من خلال إنشاء بنية تحتية قوية ومتطورة لتساعد في تطبيق تقنية البلوك تشين، ونشر الوعي الكافي بأهمية التقنية وتطبيقها عملياً وتوفير خبراء، وتقنيين محليين وطنيين لتطبيق تقنية البلوك تشين بأحدث وأفضل الطرق.

وأخيراً نجد أن تقنية البلوك تشين تلعب دوراً مهماً في تطوير معظم القطاعات لذلك يجب نشر الوعي بأهمية تبني البلوك تشين في ريادة الأعمال أو الاستثمار ونرى زيادة طلب واحتياج السوق لتقنية البلوك تشين أيضا في قطاع الخدمات اللوجستية وإدارة البيانات والمعلومات وتعتبر التقنية خدمة مقدمة لاحتياجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة. حالياً لا تخلو أي جهة أو مؤسسة من البيانات والمعلومات الرقمية عالمياً وتعتمد معظم القطاعات على التقنيات الرقمية. ومن أهم الصعوبات التي يمكن أن تواجه تلك الجهات أو المؤسسات هي تتبع المعلومات والبيانات وترتيبها وجمعها بنظام مرن يسهل التعامل معه من قبل المستخدمين في العمل وهنا تأتي أهمية تقنية البلوك تشين حيث تقوم بجمع وإدخال سلسلة البيانات والمعلومات الخاصة بطرفي العملية بطريقة سهلة ليسهل التعقب والوصول للمعلومات من خلال تدفق البيانات بين المرسل والمستلم.