السياحة الريفية استثمار وتنمية و ثقافة وفن 

تزخر بلادنا الغالية بمساحات شاسعة تتنوع فيها التضاريس والمناخ والطبيعة بين جبلية وبحرية وسهلية ومرتفعات شاهقة وجميعها تحظى باهتمام دائم من لدن القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين والتي تأتي انسجاما مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 المباركة.

ولأن بلادنا الغالية تحظى بكل تلك الإمكانيات ولله الحمد والفضل والمنة والتي يمكن ان تشكل مستهدفا جديدا يستحق الاهتمام والدعم والمساندة ونقصد السياحة الريفية حيث نجد انه في كافة مناطق المملكة المترامية الأطراف يوجد مدن وقرى صغيرة تتميز بالمناظر الخلابة والساحرة والهدوء الذي يرنو إليه الكثيرون من محبي استقطاع أوقات للراحة بعيدا عن صخب التقنية وضجيج المدن الكبرى ومن ملاحظة شخصية اجد ان هناك حاجة إلى تعزيز الاهتمام لدى المستثمرين السياحيين في هذا المجال الحيوي الخصب والذي يمكن ان يشكل رافدا هاما من روافد دعم الاقتصاد الوطني لاسيما مع اطلاق المبادرة الكريمة من سمو ولي العهد المعروفة باسم السعودية الخضراء ولذا تعزيز السياحة البيئية والريفية يعزز ذلك الاستثمار الواعد بما يحتويه من فرص بكر إذ يشير المختصون إلى أن  أن حجم صناعة السياحة البيئية في جميع أنحاء العالم قُدِّر بنحو 181.1 مليار دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن يصل إلى 333.8 مليار دولار في عام 2027، مسجلًا معدل نمو سنوي مركب نسبته 14.3%، وذلك وفقًا لما ذكرته منصة بيانات الأعمال العالمية statista.

ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030 في عام 2016، بذلت المملكة جهودًا كبيرة لحماية البيئة وتقليل آثار التغير المناخي، وستساهم مبادرة السعودية الخضراء اليوم بتعزيز هذه الجهود من خلال توحيد جميع الخطط الرامية إلى تحقيق الاستدامة، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتخفيض انبعاثات الكربون ومكافحة التغير المناخي.

وتجمع مبادرة السعودية الخضراء بين حماية البيئة، وتحويل الطاقة، وبرامج الاستدامة لتحقيق ثلاثة أهداف شاملة ترمي إلى بناء مستقبل مستدام للجميع من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وزراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة وإعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي، ورفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من إجمالي المساحات البرية والبحرية.

حيث يعد الاهتمام بالسياحة الريفية نهجًا استراتيجيًا لقطاع السياحة المستدامة، خاصة ان من مزايا السياحية الريفية انها تنجح وبشكل كبير في الحد من الاستهلاك المفرط للطاقة وأيضا حجم الفاقد من الاستهلاك البشري مثل النفايات وغيرها ، كما ترسخ الاعتماد على الطاقة النظيفة والمستدامة وهنا أشير إلى جهود طيبة تبذلها جمعية ريفنا التي تبنت مبادرة السياحة الخضراء والتي تعمل على تفعيل عدد من النشاطات والبرامج السياحية صديقة البيئة وهو في تصوري مفهوم جديد في لمجال السياحي من خلال تقديم خدمات سياحية صديقة للبيئة 

حيث يمكن تنفيذ عدد من الفعاليات السياحية صديقة البيئة في الوجهات السياحية البيئية البديلة في المناطق الريفية بالسعودية لتكون صديقة للبيئة و بدرجة عالية من التنافسية، ليس فقط فيما يتعلق بفرص التميز وتنويع مصادر الدخل للمناطق الريفية، فقط بل وايضا لتوافقها من الكثير من مستهدفات رؤية 2030م للمحافظة على البيئة وتنويع مصادر الدخل في إحداث وتطوير الوجهات السياحية البديلة المستدامة، مما ينعكس على توفير الرفاهية لسكان المناطق الريفية وإحداث تنمية مستدامة من خلال خلق فرص وظيفية جديدة وتطوير فرص استثمارية صغيرة ومتوسطة يمتلكها السكان المحليون، وبالتالي تعمل السياحة الريفية على إيجاد ترابط بين البيئة والمجتمع والثقافة والنشاط السياحي، ضمن سلسلة من القيم المضافة.

فمن خلال السياحة الريفية تتحقق التنمية البيئية والريفية المستدامة عبر الكثير من الممارسات التي تعزز الاستفادة الاقتصادية من الوجهة البيئية مع المحافظة على مقوماتها الطبيعية، والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

كما ان تشجيع السكان في المناطق الريفية على تفعيل البيئة النظيفة من خلال إعادة التدوير للنفايات يمكن ان يوفر مصادر دخل جديدة لهم تحد من الهجرة التقليدية من الريف الى المدينة من خلال جعل السياح من أنحاء العالم تأتي إلى الريف السعودي والذي يمكن ان يحظى بالشهرة والمكانة والتسويق السياحي الاحترافي الذي يمكن ان يكون متربعا على صدارة السياحة الريفية عالميا اسوة بالريف الفرنسي والإنجليزي وغيره من الأرياف العالمية وحتى على مستوى الأرياف المجاورة في دول الإقليم وهنا اعتقد ان لوزارة السياحة والاعلام والثقافة دور مهم اذ ما المانع في ان تتبنى الوزارات الثلاث مبادرة إنتاج أعمال فنية تلفزيونية وسينمائية وروائية في داخل الريف السعودي فهو حافل بالعديد من القصص والروايات التي يمكن ان تلهب حماس المبدعين من الكتاب والمؤلفين والمخرجين لإنتاج اعمال إبداعية من الريف السعودي يمكن من خلالها تسويق الريف السعودي عالميا بوصفه وجهة سياحية عالمية 

وبذلك نكون قد فعلنا الدور الحقيقي للريف السعودي اقتصاديا من خلال الجذب السياحي كما نكون شجعنا الصناعات الريفية التي يمكن ان تبهر السائح لاقتنائها وبذلك ندعم الصناعة الريفية، واستثمرنا الريف السعودي في تسليط الضوء على ثقافة المجتمع السعودي من خلال الريف وحفزنا السياحة الداخلية للمواطن ليقوم بالسياحة الريفية داخل المملكة ولتكون سياحتنا الريفية وجهة عالمية .