الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قد يبدو العنوان غريبا، وسبب الغرابة يعود الى ان “المؤشرات الحيوية” مصطلح طبي يشير الى عدد من العلامات الأساسية الدالة على حالة المريض الصحية.
هل يمكن ان يكون للمنشآت العامة والخاصة مؤشرات حيوية دالة على مستوى أداء الموظفين وانتاجيتهم، وعلى نجاح المنشاة وجاذبية بيئة العمل؟ التطورات المعاصرة في نظريات المنشأة وإدارة الأفراد أفرزت عددا من المقاييس ” المؤشرات الحيوية ” الدالة على إنتاجية العاملين، وعلى حيوية المنشأة ونجاحها في تنفيذ برامجها وتحقيق أهدافها. تبني هذه المؤشرات يتيح للإدارة العليا أيضا قياس مدى ارتباط بالمنشأة والتزامهم في تحقيق أهدافها الى جانب قياس معدل انتاجيتهم.
وفقا لدراسات المؤشرات الحيوية المنشورة مؤخرا ، ينقسم العاملين في المنشآت الى ثلاثة أصناف تبعا لدرجة ارتباطهم المؤسسي:
الأول: موظف شغوف وملتزم، يركز على أداء مهامه، ويسعى الى تطوير قدراته وامكانياته الوظيفية، والوصول الى مستويات أداء وانتاجية اعلى. نسبة هذا النمط من العاملين لا يتجاوز 25٪ من اجمالي العاملين وفقا لنتائج دراسات أجريت لتقييم أداء العاملين في عدد من المنشآت. لذلك توصي الدراسات في ضرورة اهتمام إدارة المنشآت في رفع نسبة هذا الصنف من الموظفين من خلال تبني برامج التطوير المؤسسي والتحفيز الوظيفي.
الثاني: الموظف المحايد، الذي يؤدي مهامه الوظيفية كوسيلة لقضاء الوقت. يتميز هذا الصنف في تنفيذ الأنظمة، واتباع قواعد العمل بشكل روتيني، ولا يسعى للتطوير الكمي والنوعي، ولا يبادر الى تقديم حلول للتحديات الإدارية والفنية ومعوقات الأداء، كما لا يهتم في رفع معدل الإنتاجية، بل يعتمد على الحلول الجاهزة. من المؤشرات الحيوية الأخرى لهذا الصنف من الموظفين، أنهم لا يمتلكون قدرا مقبولا من الانتماء الوظيفي، بل تجدهم حريصين على الأخذ من الوظيفة أكثر مما يمنحونها. نسبة هذا الصنف من الموظفين ” المحايد” تتجاوز 50٪ من اجمالي عدد الموظفين في المنشآت التي شملتها الدراسات.
لا شك في ان هذا الصنف من الموظفين، يشكل خطرا على المنشأة وتطورها، وعلى نجاح خططها وبرامجها، لما يبثونه من مشاعر وممارسات سلبية تؤدي إلى تراجع أداء الموظفين الاخرين.
الثالث: الموظفين غير المرتبطين. أعضاء هذا الصنف غير مبالين بالعمل والإنتاج والإنتاجية وغير ملتزمين بأهداف المنشاة ومصالحها، ويترتب على إدارة المنشأة التخلص منهم.
تحديد معايير علمية للتمييز بين الأصناف الثلاثة من الموظفين، وإيجاد آليات رفع مستوى الإنتاجية والارتباط الوظيفي، تعد من التحديات المهمة التي تواجه الباحثين في مضمار العلوم الإدارية. احدى الدراسات المهمة عزت ارتفاع معدل الإنتاجية ومستوى الارتباط الوظيفي الى فعالية الإدارة العليا. فكلما سعت الإدارة العليا الى ابتكار الوسائل، والأساليب، التي تحفز الرضا الوظيفي وتعزز التزامهم بالقيم المؤسسية، والسياسات والإجراءات، والسلوكيات المطبقة، في المنشأة، كلما ارتفعت الإنتاجية وتعزز الارتباط الوظيفي و تحسنت بيئة العمل و ازدادت جاذبيتها.
لقد صممت دراسات المؤشرات الحيوية، مجموعة من المقاييس التي تتيح للمنشآت الحكومية والخاصة تحديد المؤشر الأكثر فاعلية في المحافظة على كوادرها الوظيفية المتميزة وشديدة الانتماء، وتقليل التسرب الوظيفي والتخلص من العناصر غير الملتزمة.
ثمة سؤال مهم يستحق التوقف والاجابة. كيف تتجنب المنشآت معضلة تواجد الموظفين المحايدين وعديمي الولاء في إداراتها وأقسامها؟ لا غبار في ان الوسيلة الأكثر فعالية تكمن في ضرورة اعتماد المنشأة أسس ومبادئ علمية في اختيار الموظفين الجدد واهمها مبدأ القيمة المضافة، وتجنب المعايير العشوائية. الى جانب ضرورة اعتماد الأسس والبرامج الصائبة في تهيئة وإعداد الموظفين المستجدين.
لقد حددت رؤية المملكة 2030، الاستثمار في راس المال البشري ورفع معدلات الإنتاجية كأهم مستهدفاتها. هذه الأهمية تفرض على إدارات المنشآت العامة والخاصة ضرورة اعتماد مفهوم المؤشرات الحيوية للموظفين لتطور الأداء المؤسسي وزياد الناتج المحلي الإجمالي، تحقيقا لتطلعات القيادة الرشيدة – حفظها الله – ولتظل بلادنا الغالية، في مصاف الدول المتقدمة، في العناية بالعنصر البشري.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال