الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُعرّف الميزان التجاري Balance Of Trade ( BOT ) على أنَّهُ الفرق بين نسبة الصادرات ونسبة الواردات في دولة مُعينَّة خلال فترة مُعيَّنة وتتمثّل هذه الصادرات والواردات على هيئة سلع أو خدمات يتّم تصديرها للدول أو استيرادها من الدّول كما يُعرّف أيضا باسم الصادرات الصافية ، أي الفرق بين الصادرات والواردات للدولة خلال فترة زمنية معينة، مما يوصلنا الى معرفة ما إذا كانت الدولة لديها فائض في الصادرات أكبر من الواردات أو عجزاً في الواردات أكبر من الصادرات في تجارتها الخارجية مما يشكل بدوره جزءًا أساسيًا في هيكل الاقتصاد الكلي .
لطالما ارتبطت السياسات الحكومية ودورها الهام كأحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على توازن الميزان التجاري ، ويُعتبر فهم هذا التأثير أمرًا حاسمًا لتحقيق النمو الاقتصادي في عدة جوانب :
أولا .. تعزيز التصدير من خلال الدعم والتشجيع
حيث تسعى تلك السياسات الى العمل المتواصل من اجل تحقيق فائضاً في الميزان التجاري وصولا الى تعزيز صادراتها كأحد الأهداف الرئيسية كما يتضمن ذلك دعم القطاعات التصديرية من خلال تقديم مزايا ضريبية ، تسهيلات للشحن والنقل ، وبرامج تشجيعية لتطوير منتجات تنافسية على المستوى العالمي.
ثانياً .. تنظيم الواردات وتشديد الرقابة
ويهدف هذا التنظيم الى تنظيم الواردات للحفاظ على توازن الميزان التجاري كما يمكن أن تشمل هذه السياسات فرض رسوم جمركية أو قيود كمية على واردات معينة لحماية الصناعات المحلية وتحفيز الاعتماد على المنتجات المحلية.
ثالثا .. تحفيز الابتكار وتطوير الصناعات الرئيسية
وتلعب السياسات الحكومية الموجهة نحو تحفيز الابتكار وتطوير الصناعات الرئيسية دورًا هامًا في تحسين توازن الميزان التجاري ، بتعزيز البحث والتطوير وتوفير التمويل للشركات الناشئة، يمكن تعزيز القدرة التنافسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
رابعا.. سياسات تحفيزية للصادرات الغير نفطية
في الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط ، يمكن أن تتخذ الحكومة سياسات تحفيزية لتنويع مصادر الإيرادات وتشجيع الصادرات الغير نفطية، مثل الخدمات والصناعات الثقيلة والمنتجات المختلفة المرتبطة بالصناعات النفطية مما سيسهم في توازن الميزان التجاري.
وبالنظر الى الميزان التجاري السعودي يمكن القول بأنه قد شهد تحولات هامة في السنوات الأخيرة حيث أسهمت السياسات الحكومية الفاعلة بتحقيق كفاءة عالية وأداء ناجح ، حيث يعتمد بشكل كبير على استراتيجية التنويع الاقتصادي ضمن رؤية المملكة 2030 ، وتسعى المملكة إلى تقليل التبعية على النفط وتعزيز قطاعات أخرى مثل الصناعة والخدمات وتشير الجهود المستمرة لتحسين قدرة التصدير السعودية إلى التفاعل الإيجابي مع التحولات في الهيكل الاقتصادي. تطوير الصناعات التحويلية وتعزيز القدرات التصديرية تعكس التزامًا بتعزيز التوازن في الميزان التجاري. كما ان الخطط الحكومية تسهم بتعزيز التنمية المستدامة، وصولا الى تحقيق التوازن في الميزان التجاري عبر تحفيز الصادرات غير النفطية وتعزيز التنويع الاقتصادي ويأتي هذا في إطار تطوير الصناعات الوطنية وتحسين بيئة الاستثمار والتوسع في الاستثمارات بآفاق واعدة للفرص المستقبلية كما ان الشراكات الدولية وتبادل التكنولوجيا ستلعب دورًا مهمًا في تعزيز القدرة التنافسية وتحسين أداء الميزان التجاري.
وتشير البيانات التي أعلنتها الهيئة العامة للإحصاء هذا الأسبوع الى ان الميزان التجاري السعودي قد حقق فائضًا للشهر الـ39 على التوالي وبلغ حجم التجارة الدولية للمملكة 164 مليار ريال في شهر سبتمبر 2023، كما انخفضت الصادرات السلعية في شهر سبتمبر 2023 بنسبة 17.1% عن شهر سبتمبر 2022م، حيث بلغت قيمتها 103.8 مليارات ريال في شهر سبتمبر 2023، منخفضة عن 125.3 مليار ريال في شهر سبتمبر 2022، وذلك نتيجة انخفاض الصادرات البترولية بمقدار 17.2 مليار ريال بنسبة 17.1%، حيث بلغت قيمتها 83.1 مليار ريال مقابل 100.3 مليار ريال في سبتمبر 2022.
مجمل القول .. تظهر هذه السياسات الحكومية أن تحقيق توازن في الميزان التجاري يتطلب استراتيجيات شاملة ومتكاملة ، ويتعين على الحكومات التحلي بالحكمة والرؤية لضمان تحقيق التوازن بين الاستدامة الاقتصادية وحماية الصناعات المحلية ، مما يسهم في تعزيز النمو المستدام والاستقرار الاقتصادي ، وتظل المملكة العربية السعودية تعمل بشكل حثيث على تحقيق تحول اقتصادي ناجح، مع التركيز على التنويع وتعزيز الصادرات غير النفطية. وفي هذا السياق، يظل تحقيق توازن مستدام في الميزان التجاري هدفًا حيويًا يسهم في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي المستدام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال