الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الاختناق المروري له دلالاته على التطور الاقتصادي ونمو النشاط التجاري وزيادة عدد السكان، إلا أنه مع الوقت يصبح عامل ذو تأثير سلبي على قدرة جاذبية المدن للاستثمار، فهو يلعب دورا مهما في التنافسية الاقتصادية لأي لمدينة، ليصبح من الصعب على الشركات المتواجدة فيها على المنافسة ومن ثم الاستمرارية، واليوم ربما يكون لهذه المسألة تأثيرا سلبيا محتملا على جاذبية العاصمة الجميلة الرياض للاستثمار مستقبلا، فالاختناق المروري فيها يكاد يكون على مدار الساعة لا سيما في شوارعها الرئيسية والتي تعتبر شريان المدينة.
التأثيرات السلبية للتكدس المروري عديدة، من أهمها؛ زيادة تكاليف النقل والوقت، فالمشاوير اليومية للعاملين والتنفيذيين والمستثمرين ستكون أكثر صعوبة وتعبًا، وضياع الكثير من الوقت في الازدحام المروري يؤدي – على سبيل المثال – إلى تأخير الاجتماعات والمواعيد، وارتفاع تكاليف النقل، وهذا يؤثر بشكل سلبي على الإنتاجية والكفاءة العامة للأعمال التجارية والصناعية الموجودة في مدينة الرياض التي تتسع رقعتها وتزداد أنشطتها بوتيرة ضاغطة.
كما يمكن أن يؤدي الاختناق المروري إلى تدهور جودة الهواء، فعندما تكون المركبات متوقفة بشكل متكرر في حالات الازدحام المروري، فإنها تنتج كميات كبيرة من الانبعاثات الضارة، والتي تصب في خانة التلوث البيئي المؤثر على صحة السكان، خاصة مع طبيعة أجواء المدينة القاسية، مما ينعكس على جودة الحياة، فعندما يعيش الأفراد في مدينة مكتظة مرورياً، فإنهم يواجهون ضغوطًا نفسية وجسدية قد تتسبب في تصاعد مستويات التوتر والإجهاد لديهم، مما يقلل من مستوى راحتهم وجودة حياتهم العامة.
هذا بالطبع يمكن أن يؤثر على جاذبية المدينة للأفراد والعائلات التي تبحث عن بيئة حياة مريحة وملائمة، مما يعتبر تحديًا مستقبليا أمام الشركات المستقرة في الرياض في استقطاب موظفين مواطنين ذوي تأهيل عالي وخبرة مكتسبة مطلوبة، خاصة مع تواجد المشاريع الضخمة في كافة أنحاء المملكة والتي ستكون أكثر جذبا للكفاءات، ومن المعروف أن الشركات – خاصة العالمية متعددة الجنسيات الكبرى – تتأثر قراراتها الاستثمارية بعدة عوامل، من بينها توفر بيئة صحية ونظيفة.
احتمالية أن تواجه الرياض مستقبلا منافسة شرسة في جذب الاستثمار قائمة، خاصة مع وجود مدن أخرى تتمتع بميزة السلاسة المرورية ضمن حزمة من السمات التنافسية النوعية الأخرى مثل الموانئ التي تتيح التصدير والاستيراد بسهولة، وقصر الممرات التجارية سواءً البرية أو البحرية للأسواق الإقليمية المجاورة التي تنخفض معها تكاليف التجارة والتصنيع والتشغيل اللوجستي، بالرغم من أن كل هذه السمات للمدن الأخرى تتحداها الرياض بكل سهولة، كونها المحور الوسطي لكل اللوجستيات التجارية والصناعية سواءً داخل المملكة أو المنطقة.
الحاجة ملحة لمعالجة هذا التحدي بشكل جذري من خلال الاستعانة بأصحاب المعرفة العلمية والتجربة العملية والممارسة الميدانية، لتطبيق التخطيط الحضري الذكي في فصل أو تنسيق المناطق السكنية مع المناطق التجارية والصناعية، وتشجيع الأفراد وعوائلهم للسكن في المدن والبلدات المجاورة للعاصمة مع توفير شبكة مواصلات حديثة لهم للوصول إلى أعمالهم وجامعاتهم في العاصمة، ووضع برامج توعوية اجتماعية لتشجيع الأفراد وعمالة الشركات لاستخدام وسائل النقل العام.
لا شك في أن الجهات ذات العلاقة الحالية تدرك خطورة الاختناق المروري المتزايد في مدينة الرياض، وتعمل جاهدة على مواجهته، لا سيما أن هذه المدينة الكبيرة والمتطورة في طريقها لكي تكون عاصمة الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط، وجاذبيتها للاستثمار موضوع غير قابل للنقاش.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال