الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لفت نظري قيام بعض أصحاب المؤسسات الفردية، بتحويل مؤسساتهم من مؤسسات فردية إلى أن تتخذ شكلًا من أشكال الشركات والواردة في المادة الرابعة من نظام الشركات الصادر بالمرسوم ملكي رقم (م/132) وتاريخ 1/12/1443هـ،والذي جاء مغيرًا لسلفه وأستحدث أشكالًا معاصرة لتلبي احتياجات ومتطلبات ريادة الأعمال ونمو رأس المال الجريء، ولا شكَّ أن ما يقومون به أصحاب المؤسسات بهذا التحول هي خطوة موفَّقه في نظري، حيث أن أصاحبها يدخلون شركاء معهم في رأس مالها مما يعزز قدرتها على تحقيق الغاية المرجوَّة منها سواء كانت ربحية او غير ربحية، لا سيما أن صَفَّات هذا الكيان ستتغير و سيكتسب القوة والاستقلالية ويكون لهُ صلاحية اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، إزاء اكتسابه للشخصية المعنوية وفق المادة التاسعة من نظام الشركات.
ومع دخول الشريك الجديد أو أكثر في علاقة تجارية سواء كانت تحول المؤسسة الفرديه إلى شركة أو تأسيس شركة لتصبح كيان قانوني يمارس نشاطاته المختلفة، يترتب عليهم القيام بعدة إجراءات قانونية – شكلية وموضوعية–، وأحدى هذه الإجراءات وموضوع هذه المقالة والتي تتعلق بجمع رأس مال الشركة هو تقديم الشركاء للحصص أو الأنصبة المتعهدون بها، حيث أن للشركاء تقديم حصصًا نقدية أو عينية أو كلاهما، كما أجاز النظام بتقديم العمل كحصة، ويلتزم الشريك بتقديم حصته في الأجل المحدد لها ولا يتأخر بتقديمها ، كما أن هذه الحصص هي التي تحدد نسبة اقتسام الربح والخسارة من الرأس المال المحدد للشركة، ولما سبق ذكره قد يرى البعض أنها مسألة يشوبها جانب التعقيد، وسنبين – بإذن الله – للقارئ الكريم الفروقات بين هذه الانصبة وسُّبل التعامل معها.
فيما يتعلق بتقديم الحصة النقدية، فيكون بأي وسيلة يدفع بها الشريك حصته للمساهمة في جمع رأس مال الشركة، شريطة أن يكون هذا المبلغ تحت حيازة الشريك وتصرفه وأن يدفعه بالأجل المحدد كاملًا أو جزءً منه بحسب الاتفاق مع بقية الشركاء، ولهم الخيار بتأسيس الشركة قبل الحصول على هذه الحصص، ولكن هذا الخيار غير مطروح لهم عند تأسيس شركة المساهمة؛ إذ إن تقديم طلب تأسيس شركة المساهمة لدى المركز السعودي للأعمال، يجب فيه إرفاق شهادة إيداع مبلغ من قيمة رأس المال في حساب بنكي( حساب بنكي تحت التأسيس) ولا يقل قيمة المدفوع من رأس المال المصدر عن الربع، ولشركة المساهمة المبسطة عند تأسيسها لها نفس الشرط أيضًا لكن لا يسري متطلب الحد الأدنى لرأس المال المقرر لشركة المساهمة على شركة المساهمة المبسطة، وتفسيرًا لذلك أن مرحلة جمع رأس مال شركة المساهمة والمساهمة المبسطة تمَيَّزَ بأن لها الأولوية من بقية إجراءات القانونية لتأسيس الشركات نظرًا لكون حصصها قابلة للتداول وقائمة على صلاحية إصدار الأسهم وأدوات الدين والصكوك التمويلية، ونتيجة ذلك قام النظام بحماية المكتتبين بهذه الخطوة، حيث إذا لم تقيد الشركة لدى السجل التجاري، فللمكتتبين أن يستردو المبالغ التي دفعوها، وعلى البنوك التي اكتتب فيها أن ترد –بصورة عاجلة– لكل مكتتب المبلغ الذي دفعه، ويكون المؤسسون مسؤولين بالتضامن عن الوفاء بهذا الالتزام وعن التعويض عند الاقتضاء في مواجهة المكتتبين، ويتحمل المؤسسون جميع المصروفات التي أنفقت في سبيل تأسيس الشركة.
أما بالنسبة لتقديم الحصص العينية، فمجالها مُتَّسع ومتنوع، نظرًا لكونها عقارات، منقولات مادية، منقولات معنوية أو أنها قد تكون حقوقًا عينية، والأصل أنها تقدم من شريك واحد، لكن لم يمنع النظام من تقديمها إذا كانت ملكًا مشاع، بخلاف الحصة النقدية والتي تكون من شريك واحد.
كما أنه لتقديم الحصص العينية وجْهَان، إما على وجه الملكيّة أو على وجه الانِتفاع، حيث أن الملكيّة تنقلُ ملكيتها من الشريك إلى مُلك الشركة، والانِتفاع بأن تبقى على ذمة الشريك ويُكريها على الشركة المراد تأسيسها. ويتم تقييم هذه الحصص العينية بناءً على قيمة العين المُقدمة إذا كانت على وجه الملكيّة، أو على أساس قيمة الانِتفاع من هذه العين طوال مدة الشركة والأصل أنها تقييم عرفًا مالم يتفق الشركاء على الحصول على تقييم من مقيم معتمد، ولكن في حال أن كانت شركة مساهمة أو مساهمة المبسطة أو ذات مسؤولية محدودة فأن الإجراء يختلف قليلًا، حيث أن نظام الشركات أوجب على من أراد تأسيس شركة مساهمة بأن يقدم تقريرًا من مقيم معتمد أو أكثر يُبين فيه القيمة العادلة للحصص العينية المقدمة من الشريك، ولمن أراد تأسيس شركة مساهمة مبسطة أو شركة ذات مسؤولية محدودة وتقديم حصة عينية لا تتجاوز نصف رأس مال الشركة فلا يطلبُ منه تقييم هذه الحصة إلا إذا تجاوزت ذلك، وإذا لم تقييم بتقييم معتمد سيكون المساهمون أو الشركاء مسؤولين شخصيًا عن ما ينتج عن ذلك.
وبإجازة نظام الشركات للشريك بأن يقدم عملاً كحصة في الشركة، فهذا الأمر يختلف كثيرًا عما سبق ذكره، حيث أن هذه الحصة تنظر في مدى الكفاءة والخبرة المكتسبة التي سيقدمها الشريك، وعليه أن يقدم هذه الحصة للشركة من خلال القيام بالعمل الذي تعهد به، ويكون كل كسب ينتج من هذا العمل من حق الشركة ولا يجوز له أن يماس هذا العمل لحسابة الخاص، والأصل في آليه تحديد نسبة المشاركة في رأس مال الشركة يكون بحسب الفائدة المرجوة من هذا الشريك ومدى أهميته للنشاط القائمة عليه الشركة إما بالاتفاق بين الشركاء أو من قبل محاسب قانوني مختص، وبعد تحديد هذه الحصة يكون شريك الحصة بالعمل مشاركًا في الربح والخسارة، وأجاز النظام الاتفاق على إعفاءه من الخسارة بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله، والمقصود هنا أن قد يكون لشريك الحصة بعمل أن يتقاضى أجرًا (راتب) حتى وأن قدم عمله كحصة في الشركة، نظراً لكونها قائمة على الاعتبار الشخصي للشريك ولا تُورث مثل بقية الحصص، وفي حال عدم الاتفاق على إعفاءه من الخسارة كان نصيبةُ في الربح والخسارة فيهما مماثلًا لحصة أقل شريك في رأس مال الشركة، وهذه المسألة محل نظر فيما يظهر؛ لأن عدم كتابة هذا الاتفاق أو تحديد نصيبة من رأس المال قد يتولد عنها أثار تترتب على الشريك سواء كانت فوات منفعة من قيمة الأرباح التي تكسبها الشركة أو عند تصفيتها، وهنا يجب الحرص على تدوين نصيب شريك الحصة بعمل أما بالكتابة في متن عقد التأسيس أو في عقد لاحق.
ولكل من قام بتحويل مؤسسته الفردية إلى إحدى أشكال الشركات، سواء كانت لشريك واحد أو أكثر، ينبغي عليهم التحوَّط في إجراءات التأسيس وهذا الإجراء على وجه الخُصوص، وكتابة جميع الحصص المقدمة للشركة وأي اتفاق بين الشركاء فيما يتعلق بهذه الحصص؛ لأنها قد تؤدي الى خسائر مادية و معنوية، وفقدان الحقوق التي كانت الغاية منها الكسب والربح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال