الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كنت سأكتب عن هذا الموضوع بشكل مفصل منذ سنة، لكنني ترددت كثيرا لأسباب ربما أذكرها في ثنايا هذه الكتابة. ما أراه بشكل يومي يزيد قناعتي أن العمالة الوافدة تسيطر بشكل مفصلي ومؤثر على بعض تفاصيل حياتنا اليومية لا سيما في مجال يؤثر على الكل بلا استثناء ألا هو: مجال الغذاء والأكل، ناهيك عن نشاطات أخرى. سأتعرض أيضا بالأدلة على بعض الممارسات التي تقوم بها العمالة الوافدة وإن كانت تحايلا بالدرجة الأولى فهي تواطؤ وتستر من بعض المواطنين تحت شعار (اللهم ارزقنا وارزق منا)، وغالبيتهم لا يعلمون بالآثار الاقتصادية الكارثية عليهم وعلى الوطن.
–كنت أقف لأدفع قيمة مشترياتى في هايبر ماركت وكان أمامي رجل في العقد الخامس من عمره من جنسية عربية. كانت مشترياته قليلة وضعها في كيس واحد وأخذ بعض الأكياس الفارغة ليضعها في الكيس فمنعه المحاسب بحجة أنه لا يحق له أخذ هذه الأكياس. سألت المحاسب عن السبب لمنعه فأجاب أنه يستطيع الدخول للمحل مرة أخرى والسرقة ووضع مواد غذائية والخروج بالأكياس دون أن يثير الشبهة أو يلاحظه أحد. (المحل غير مراقب بالكاميرات.)
– هذا الهايبر ماركت يقوم بعمل عروض أسبوعية وشهرية وأرى بأم عيني العمالة الوافدة تملأ العربات بكميات هائلة من المواد الغذائية المستهلكة بشكل يومي ولا تقوم الإدارة بمنعهم أو محاولة تقنين شرائهم لهذه المواد التموينية ويشكلون تكتلات (مافيات) في السوق، وهم على نوعين:
-عمالة تتجه إلى الزيوت والأرز وهي التي تدير وتملك (بشكل خفي/تستر) مطاعم ومطابخ المندي والرز البخاري والسليق والمظبي.
-عمالة (من القارة الهندية) تملأ العربات بالزيوت وكراتين البطاطس(الشبز) وكراتين الحليب والمنظفات ومساحيق الغسيل ومنتجات أخرى للاستهلاك اليومي للمواطن والمقيم، وتباع للمواطن والمقيم بأسعار أعلى من العرض في هذا السوبر/هايبر ماركت، وتعيد الكرّة أكثر من مرة في الساعة الواحدة وعلى مدار اليوم والأسبوع والشهر الذي يكون به عروض التخفيضات. شكوت إلى المدير المسؤول عن الهايبر ماركت واقترحت وضع كاميرات في المحل وعند المحاسبين/الكاشير للتحكم فيما يقوم به هؤلاء من عمليات استغلال وتخزين وكسب خيالي (ومراقبة من يسمون (shop lifters وأخبرني بأنهم في صدد التقنين ولكن…
-ما يحدث ليس من شهر أو شهرين ولكن على مدى الخمس سنوات الماضية.
-أرسلت (إيميل) من 4 شهور للعناية بالعملاء في هذا الكيان التجاري الغذائي الكبير وشرحت ما سبق، ولم أتلق أي رد إلى الآن.
هل يصنف ما سبق على أنه تواطؤ وتستر من هذه المؤسسة الغذائية مع هذه الجنسيات بشكل غير مباشر؟ أم أنها حرية التجارة؟
-تقوم بعض المؤسسات الغذائية الكبرى الأخرى بعمل عروض مختلفة، ويكون هناك تنوع في العروض بحيث تتوافق أو تختلف عن بعض في المنتج والسعر، ولدي شك قوي أن هناك اتفاقات مسبقة بين هذه الكيانات التجارية.
-عندما قامت إحدى شركات الألبان برفع سعر منتجاتها تعاطفت معها الشركات الأخرى ورفعت الأسعار وتم تثبيته للمنتجات كافة، أليس هذا تواطؤا؟ السؤال هنا لهيئة المنافسة؟.
-تقوم تلك الشركات بعروض تخفيض على كراتين الحليب (أعرف هذه المعلومة جيدا) ويكون الاتفاق أن يكون العرض بسعر مخفض وعلى سبيل المثال:
-سعر الكرتون(ليتر) 10+2 =72 ريال.
تقوم الشركة A بعمل عرض لمدة أسبوع على منتجها من كراتين الحليب ويكون السعر 54.95 ريالا، بينما الشركات الأخرى تثبت السعر عند 64.95، وثانية يكون السعر المعتاد 72 ريالا. تقوم بعد أسبوعين شركة B بعمل عرض على منتجها بسعر 53.95 الذي يظنه المستهلك أنه تخفيضا، والشركات الأخرى إحداهن 64.95 والباقون السعر 72 ريالا.
أليس هذا تواطؤا؟ والسؤال مع التحية مرة أخرى لهيئة المنافسة.
-كانت أسعار هذه المنتجات تتراوح بين 28-34 ريالا، ثم قفزت إلى أكثر من الضعف وثبت السعر عند 72 ريالا.
السؤال الذي يشغل بالي (كمستـهْـلـَـك) ولست من الاقتصاديين الذين ربما يجدون مخارج ومبررات لتلك الشركات: عندما تبيع هذه الشركات هذا المنتج بسعر أقل يصل إلى 25% من السعر المعتاد هل لديها هامش ربح أم أنها تتكبد خسائر بنسبة 25%؟
أجيب: لديهم هامش ربح وعملا بالشعار التجاري القديم (القليل في الكثير كثير) فهم لا يعرضون منتجاتهم للخسارة مهما كانت الأسباب.
هناك مشكلة كبيرة وهي أن تاريخ صلاحية بعض هذه المنتجات (خاصة الكراتين الصغيرة 100-125 ملليتر) يكون قارب على الانتهاء وتقوم الشركات بعرضها، وغالبية المسـتـهْلَـكين لا ينظرون للتاريخ أما لكبر سنهم وعدم إلمامهم بالقراءة، أو للألفة والعادة والثقة المتناهية أن كل ما يعرض صالح للاستهلاك على المدى الطويل.
أنتقل إلى حالة ووجه آخر من أوجه التستر والتواطؤ وهو المنشآت المتوسطة والصغيرة والتي تحمل أسماء سيدات.
(لا يوجد إحصائيات رسمية دقيقة عن حجم التستر التجاري ولا يمكن الوصول إلى الأرقام الفعلية، ولكن بالتأكيد حجمه كبير ونموه متواصل، وخصوصا في المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر، وكثير من الأنشطة التجارية يسيطر عليها الأجانب بالكامل، ولو دققنا في أرقام السجلات التجارية التي صدرت للنساء في السنوات الأخيرة نجد أن النمو كبير بل أحيانا تتجاوز معدلاته نمو السجلات المُصدرة للرجال حتى وصلت نسبة السجلات التجارية النسائية إلى 40 % من إجمالي السجلات المُصدرة للمؤسسات، ولو دققنا أكثر نجد أن كثيرا من الأجانب الذين يمارسون الأنشطة التجارية يعملون تحت مظلة مؤسسات لسيدات، لأن المتستر عليهم يفضلون ممارسة نشاطهم التجاري تحت مظلة سيدات لأنهن أكثر أمانا لهم وأقل تدقيقا عليهم، وقليل من النساء اللواتي يمارسن النشاط التجاري فعليا، ويجب أن لا نسلم بأن التستر التجاري قد تراجع، ولا ننخدع بمقولة أن برامج تمكين المرأة وتفعيل مشاركتها في الأنشطة الاقتصادية هي السبب في زيادة نسبة نمو إصدار السجلات التجارية لسيدات الأعمال.)
حسين بن حمد الرقيب/ جريدة الرياض الأحد 4 جمادى الآخرة 1445هـ 17 ديسمبر 2023م.
-أشاهد بقالات كثيرة في الطائف وعليها لوحات بأسماء سيدات ومن يدير تلك البقالات عمالة وافدة من دولة عربية بنسبة 10% وعمالة من القارة الهندية بنسبة 90%.
-أذهب لسوق الأعلاف لشراء برسيم للماعز التي أملكها ومن يدير المحلات الموجودة عمالة وافدة من دولة عربية بنسبة 10% والباقون أفغانستان وباكستان وهناك لوحة على جدار باسم (سيدة سعودية) وهنا لا نؤكد أن المحل يقع تحت التستر ولكن تبرز الاسئلة في ظل ان من يدير المحل عمالة وافدة من باكستان/أفغانستان.
وكيف يتم التعرف على أن هناك تسترا؟
(قيام الوافد بمباشرة العمل والتعامل مع الزبائن في كافة عمليات الشراء والبيع وسداد الديون والفواتير.
عدم تواجد السعودي صاحب العمل أو الاستثمار ضمن مقر المؤسسة أو الشركة أو حتى الغياب الطويل عن تلك المنشأة التجارية.)
وكيف يتم التستر؟
-تسليم الوافد منشأة تجارية مقابل حفنة من الريالات تتسلمها أو يتسلمها (المتستر/ة) شهرياً من دون التدخل بنوع النشاط أو الإدارة، والعامل يكسب آلاف الريالات. (حجم التستر التجاري في المملكة يقدر بما بين 300-400 مليار ريال، وأن 94% من المنشآت المتسترة تعتبر صغيرة ومتناهية الصغر حسب ما نشرته الصحف في 2021).
– دخلت قبل عدة أشهر إلى محل لبيع الدجاج المبرد وكان هناك أحد الوافدين من جنسية عربية يقول للمسؤول عن المحل (وافد من نفس الجنسية: أنا دخلي يوميا ألف ريال.)
-غالبية العمالة عاشت معنا لعقود وتعرف الثغرات الموجودة سواء على مستوى النظام أو التعاملات اليومية وتنفذ منها سالمة.
-هناك أوجه كثيرة وطرق متعددة للتحايل والتستر وعندما يتم اكتشاف إحداها يكون هناك بدائل أخرى.
(ذكر الأستاذ محمد الوهيبي في برنامج الراصد أن كثيرًا من إعلانات المشاهير مخالفة، وأن التستر التجاري انتقل من البقالات ومحطات البنزين وغيرها إلى العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي.)
– (كشف رئيس اللجنة الوطنية التجارية باتحاد الغرف السعودية هاني العفالق، أن حجم التستر في القطاع التجاري ضخم ومتنوع، إذ يوجد جزء منه صعب إزالته؛ لاحتياجه لوقت أطول للعمل على إحلاله، وذلك عبر إجراء عمليات التصحيح وتوفير البديل.
وقال حسبما أوردت صحيفة “اليوم”، إن بعض القطاعات التجارية يصل بها التستر التجاري إلى نسبة 100%، وعلى رأسها صالونات الحلاقة والبقالات الصغيرة ومحطات البنزين على الطرق السريعة.) أضيف محلات بيع الخضار والفواكه.
رقم حجم التستر هائل يعادل ميزانيات دول، فهل تغير بعد المهلة التصحيحية؟
الإجابة بحجم الرقم والتستر والتواطؤ.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال