الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أن استراتيجية إسناد الاعمال للأخرين و(إدارة الجودة الشاملة) (Outsourcing Strategy & TQM) تقوم بها المنظمات بالتعاقد مع الغير، حيث تميل بعض المنظمات إلى الغاء عملياتها الهامشية وشرائها من الغير وفقا لعدة أساليب تعاقدية، وإسناد الاعمال الهامشية إلى منظمات أخرى بهدف تحقيق غرض معين أو القيام بدور محدد أو أداء مهمة بدلا منها تؤدي الى التركيز على الاعمال والوظائف الجوهرية الرئيسية للمنظمة، وبمعنى اخر، أن تختار المنظمة بين بديلين وهما، أن تقوم العمل بذاتها والاعتماد على مواردها الذاتية (In-Sourcing)، أو أن تعهد بالقيام بأعمالها من خلال اسناد الاعمال للآخرين أو التعاقد مع الغير (Outsourcing) وتحقيق أهدافها الاستراتيجية بكفاءة وفعالية وجودة عالية.
أن التحديات العالمية المعاصرة اليوم لا شك بأنها تفرض نفسها مثل دخولنا في المرحلة الصناعية الرابعة التي يقودها الذكاء الاصطناعي، المرحلة التي تتميز بالتكنولوجيا الرقمية والاتصالات المتقدمة، وعولمة الاقتصاد، وانتشار تقنية المعلومات، والتجارة الالكترونية، ومنضمات المواصفات العالمية، واتفاقيات التجارة العالمية وغيره من تحديات عالمية تحتم على المنظمات الاقتصادية العالمية انتهاج الأسلوب العلمي الواعي في مواجهة هذه التحديات واستثمار الطاقات الإنسانية الفاعلة في ترصين الأداء التشغيلي والبيعي بمرونة أكثر كفاءة وفاعلية، ومن أكثر الجوانب الإدارية الهادفة (إدارة الجودة الشاملة) بتكاملها مع ( التنمية المستدامة الشاملة)؛التي ترفع من القدرة التنافسية في الاسواق العالمية، أيضا التشغيل في ظل التعاقد مع الغير بهدف مخرجات ذات جودة عالية من اجل إرضاء العملاء لا شك بانه يتطلب تطبيق مبادئ (إدارة الجودة الشاملة) والتي تعتبر من أهم مفاتيح النجاح في عصرنا الحالي وفي ظل المنافسة الشرسة عالميا، حيث هناك ارتباط بين اسناد الاعمال للآخرين وبين (إدارة الجودة الشاملة)، حيث إسناد الاعمال للآخرين اذا طبقت بالشكل السليم تؤدي الى رفع جودة الخدمات والسلع لان المنظمات تتفرغ لأعمالها ونشاطها الرئيسي وتتخلص من الاعمال الهامشية والتي في الغالب تشغل المنظمات عن أهدافها الرئيسة من تقديم خدماتها ومنتجاتها والتركيز على النشاط الرئيسي لها والتي اسست من أجله.
أن التوسع الهائل في حجم أجهزة المشروعات الحكومية والخاصة فرض علينا التهيئة في تحقيق الأهداف ولهذا انطلقت رؤية 2030 برؤية ورسالة وقيم وأهدف مع برامج ومبادرات تقود عمليات التغيير ليس فقط محليا بل على مستوى إقليمي وعالمي والمساعدة في عملية (التنمية المستدامة الشاملة) التي تشاهدها المملكة العربية السعودية في ظل الرؤية الطموحة التي ساهمت في تحقيق العديد من الإنجازات المتوالية وفي العديد من المجالات. أن استراتيجية إسناد الاعمال للأخرين والتعاقد مع الغير و(إدارة الجودة الشاملة) تعترف بأن التركيز لا يكون فقط على جانب الإنتاج ولكن أيضا على جانب الخدمات.
وهناك عدة ممارسات لاستراتيجية اسناد الاعمال للآخرين أو التعاقد مع الغير، ومن هذه الممارسات التعهدات الباطنية (التصنيع الجزئي لدى الغير)، التوريدات الخاصة، التعهدات المشتركة (المعالجة بالتعاون)، والالتزام والتلزيم، واتفاق على تراخيص، وايضا الامتياز، وهناك عدة دوافع وأسباب وعوامل يمكن أن تتداخل مع بعضها البعض، لتدفع المنظمات نحو التعاون مع المنظمات الأخرى واسناد اعمالها إليهم، ومن هذه العوامل: تخفيض التكاليف، ومردودية الاستثمارات تكون اعلى، وكذلك المرونة الخارجية، والمساهمة في تخفيض التعقيدات التنظيمية، والانفتاح على محيط المنظمة وبيئتها، وبلورة التضافر وتحقيقه حيث لا يمكن لمنظمة أن تحققها بمفردها.
الا أن هناك مخاطر في تطبيق استراتيجية إسناد الاعمال للأخرين والتعاقد مع الغير ويجب الاعتراف بها ووضع الحلول المسبقة لها، ومن أهمها عند لجوء المنظمات الى استراتيجية اسناد الاعمال للآخرين تلغي اعمالها الهامشية وشرائها بالتعاقد من الغير وقد يؤدي الى تقليل العاملين الى تجميد الهياكل التنظيمية أو تقليصها الذي بدوره يؤدي الى تجميد فرص الترقي والتحفيز، وتقليل العمالة قد يفقد المنظمة عمالة ذوي تعليم، وخبره ماهرة، قد تتسرب الى ادارات أخرى في المنظمة أو خارج المنظمة، كما أن هذه الاستراتيجية تستخدم في قطاع الخدمات بشكل أكبر، وتعزز من الشراكة مع القطاع الخاص وتطوره وتمكنه من التركيز على النشاط الأساسي والتفرغ لعمليات التطوير والابتكار والرفع من جودة الخدمات والمنتجات والقدر على التنافسية بشكل أكبر ومواجهة تحديات العصر وبشكل أكثر مرونة للمساهمة في عملية (التنمية المستدامة الشاملة)
اخيرا هناك تشابه كبيرا بين هذه الاستراتيجية وبين استراتيجية الخصخصة، استراتيجية إسناد الاعمال للأخرين غالبا تكون من القطاع الخاص إلى القطاع الخاص، ولكن الخصخصة من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص وتعتبر استراتيجية إسناد الأعمال للآخرين ترفع من جودة السلع والخدمات وتعزز الشراكة الاستراتيجية بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وتسهل على الحكومة من خلال توفير الجهود والوقت والمال وترفع من الكفاءة الإنتاجية ومن الإفصاح والشفافية من التقييم والرقابة لاستراتيجية، وبالتالي تتفرغ الحكومة إلى الأنشطة الاستراتيجية والحيوية وتدعم الشريك الاستراتيجي، وبالتالي تدعم (التنمية المستدامة الشاملة) وتنشط عمليات الاستكشافات والابتكارات وتصنع شريك يعتمد عليه من خلال الإسناد الاستراتيجي يعتمد عليه..
ومن واقع تجربة وخبرة لي في هذه الاستراتيجية التي بدأت في نهاية التسعينات الميلادية عند المنظمات المتقدمة والمتطورة، حيث انني اتوقع بأن هذه الاستراتيجية في بداية مرحلة جديدة أكثر نضجًا واوصي بأن يكون هناك مركزا متطورا لكل من استغني عن خدماته بسبب تطبيق هذه الاستراتيجية ويحتضن هؤلاء ويعمل لهم برامج تناسب خبرتهم وتجاربهم وإعادة تأهيل بما يتوافق مع مستجدات واحتياجات سوق العمل ( والاستغناء عن خدمات الموظف بسبب تطبيق هذه الاستراتيجية قرار جدا صعب خصوصا بأن الموظف لديه الالتزامات ومسؤوليات يجب الوفاء بها) ويحب أن يكون لهم الأفضلية في الوظائف الحكومية وفي القطاع الخاص، أو نقلهم الى قسام أخرى داخل المنظمة، ونتمنى أن ينال اهتماما من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بدعم من الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، وعمل مشترك تكاملي مؤسسي لجميع المنظمات في القطاع الخاص ويكون هناك تعاون تكاملي كما عهدناه وتعودنا عليه وتعزيز الرعاية المؤسسية، والأمان الوظيفي الذي يعتبر جل اهتمام حكومتنا الحكيمة والرشيدة والملحوظ والملموس في مدخلات ومخرجات رؤية 2030 ، وبرنامج تنمية القدرات البشرية أحد برنامج الرؤية التي عززت من الاعمال والانشطة بأفكار مبتكرة ومتميزة على المستوى المحلي والعالمي بأبناء وبنات الوطن الذين يعملون الان في بيئة مشجعة ومحفزة على استدامة و (تنمية القدرات البشرية الشاملة) التي سوف تستفيد منها اجيالنا القادمة.
طبعا دور الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي يكمن في المساعدة في وضع الحلول الاستباقية لان الذكاء الاصطناعي سوف يخلق فجوة كبيرة في سوق العمل ويعزز من الاستغناء عن البشر والاعتماد على الآلة التي لا تعترف بالعاطفة الايجابية والإنسانية محكومة بالبرمجة المعيارية، ونحن مطمئنين كل اطمئنان بأننا سوف نصل لحلول استباقية متقدمة سوف تخدم البشرية على مستوى العالم وليس فقط على مستوى محلي وذلك في مراكز الأبحاث المتقدمة لدينا ووضع الحلول الاستباقية لسلبيات وتهديدات الذكاء الاصطناعي، وبالتالي نخدم العالم باسره من خلال ابتكارات واستكشافات ابناءنا وبناتنا الذين صنفوا ضمن العلماء على مستوى العالم في بعض التخصصات، وثقتنا بهم كبيرة ولله الحمد والشكر وهم من سوف يقودون التغيير في العالم في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشاهدها العالم، ونأمل الربط بين (إدارة الجودة الشاملة) و (والتنمية المستدامة الشاملة) وخلق تكامل واتحاد بين الأمم ومتحدين من أجل عمارة كل كوكب الأرض وكل أمة تتميز بمواهبها ولهذا العلم يحتاج بعضهم البعض ولا غنى لاحد عن أحد..!
دمتم بخير..
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال