الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في أكتوبر عام 2018م أقام صندوق الاستثمارات العامة مؤتمرا لتدشين مبادرة “مستقبل الاستثمار وإعادة تشكيل مستقبل الاستثمار العالمي”، شهدت مداخلة في غاية الأهمية لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود جاء فيها: “إن الدول العربية شهدت تطورا كبيرا على مستوى اقتصادها في السنوات الماضية، والشرق الأوسط سيكون أوروبا الجديدة خلال خمس سنوات قادمة”، وأضاف سموه: “هذه حربي التي أقودها ولا أريد أن أفارق الحياة إلا وأنا أرى الشرق الأوسط مثل أوروبا”.
ولا شك في أن المتابع المتبصر بتاريخ وجغرافية الشرق يدرك أن الله حباه ثروات طبيعية بوفرة لا تدانيه فيها جغرافية الغرب، وهو أيضاً أرض الحكمة والأنبياء والرسل، مع تمتعه بكثافة سكانية شابة حيوية متطلعة للحياة والعمل، وأيقونة الأسرة المتماسكة المتحابة بتكوينها الطبيعي من ذكر وأنثى في منظومة تحترم الأديان والأنبياء، وتضحي لأجل الأطفال، وتحترم الكبار مهما بلغ بهم السن عتيا، وترى أن عدم احترام الأديان والمقدسات خطاب كراهية مغلف بزيف الحريات المؤذية للآخرين.
أما الغرب فلا ينكر أحد أنه هو المتنفذ بالعلم المادي والقوى العسكرية التي تخلف عنها الشرق لأسباب ليس هذا موطن سردها، ولكنه بدأ يفقد روحه وأخلاقه وبريقه ما يشكل خطرا على الغرب نفسه وعلى العالم أجمع، ولذلك أعتقد أن هذه فرصة الشرق المواتية بتحالف المملكة العربية السعودية ودول الخليج والقوى العظمى الشرقية كالصين والهند، وروسيا (الآسيوية الأوربية) لخلق حضارة ومدنية جديدة (أوروبا الجديدة) تحترم الإنسان بالمطلق، وتبعدنا عن نموذج الرجل الأوروبي الأبيض مزدوج المعايير والمتوهم أنه هو وحده مصدر الحضارات؛ إذ ساعدته قوته وهيمنته الإعلامية على ترويج معاييره المزدوجة، وتتجسد تلك الهيمنة بعالم الفن وصناعة السينما في (هوليود) وأوروبا الغربية.
فعلى سبيل المثال لم تلق الدول الشرقية قنابل نووية على أحد، ولم تحتل دولا أو تساهم في ذلك؛ ورغم ذلك تمكنت آلة الإعلام الغربي من ترويج انطباع عالمي بأن الجيوش الغربية مسالمة وذات حس إنساني ولا تقاتل إلا من أجل الدفاع ضد المعتدين وأن الجيوش الشرقية متطرفة إلى حد دمغها بصفة الإرهاب والتوحش أحيانا، وأن الشرق فقير رغم كونه مصدر ثراء الغرب لما يحظى به من ثروات طبيعية وفيرة وطاقات بشرية شابة مستعدة ومتحمسة للإنتاج والعطاء ساعدت الغرب في الحفاظ على تقدمه؛ وكل ذلك بسبب الوحش الإعلامي الذي يملكه الغرب ويصعب تجاهله وإنكار تأثيره في تشكيل العقل الباطن الفردي والعالمي على حد سواء، والتسويق للقوى والمفاهيم الغربية ونشرها، وبما أن طموحات سمو سيدي ولي العهد عنان السماء وأن رؤية 2030 تحقق مستهدفاتها في التنمية والاستثمار والصناعة والزراعة والطاقة البديلة والحفاظ على البيئة والمناخ في الشرق الجديد؛ فلقد كان من المهم وجود آلة إعلامية تنافس هوليود لتطرح رؤى الشرق النبيلة والأخلاقية بتأسيس مدينة إعلامية في الطائف غرب السعودية لتكون استوديو دائم، ومحل سكن لكبار الفنانين والمخرجين السعوديين والخليجيين والعرب والعالميين، لما تمتاز به الطائف من مناخ معتدل وجمال ساحر وأخّاذ على مدار العام، ويكون هدفها استقطاب صناعة السينما العالمية بمفهوم شرقي يظهر أمجاد وتاريخ الشرق باحترافية وجودة عالية تبرز للعالم فضائل الأنبياء والمرسلين الذين كانوا أول من حمل مشاعل الرحمة والعدل في تاريخ البشرية، وعظمة تاريخ فرسان وأمراء وشعراء ومخترعي الشرق، وعدالة قضايا الشرق الأوسط وأهمية احترام الآخر والتسامح، وتعزيز أخلاق الفرسان ذات الأصول الشرقية في التاريخ البشري، ومدى مرونة وشفافية البيئة التشريعية الخادمة لقيم الرفاهية والنزاهة والعدالة؛ لتعكس صورة الشرق الأوسط موطن الأمان والوفر والاستدامة للاستثمارات العالمية.
أعتقد أن ذلك سيكون موطن أساس حضاري يليق بتاريخ المملكة العربية السعودية وتاريخ وجغرافية الشرق الأوسط، ورافداً جباراً لقوى الحق الناعمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال