الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من المعلوم بطبيعة الحال أن تصميم المدن يتطلب مزيجا من التخطيط والتطور مع إبقاء المجال مفتوحا للحراك المجتمعي الذي يبقي المدينة حية وقادرة على التكيف مع المتغيرات. في مدينة طوكيو على سبيل المثال هناك محاولة مستمرة للتوازن بين التخطيط المتمثل في الاعتماد على نموذج تطوير المدينة من قبل الشركات الكبرى من جهة وبين “العمران الناشئ” الذي يتضمن خيارات أكثر عفوية وصغيرة الحجم تتخذها الأعمال التجارية والأفراد في المدينة وينعكس أثرها على هوية المدينة، وهذا الحراك أو التفاعل يساهم في التأثير على هوية المدينة هو ما يعنينا في هذا المقال.
هناك اليوم تحديات ناشئة عن الفجوة بين التخطيط وبين العمران الناشئ في المدينة وهو ما يخلق تباينات حضرية قد تضر بذات الهوية المتميزة للمدينة. ولكن لا يمكن أن نغفل في ذات الوقت أن هذا النموذج تقوم فيه الأعمال التجارية الصغيرة والأفراد بإنشاء مجتمعات فريدة من نوعها تعكس هويتهم الخاصة وتعزز في الوقت نفسه التنوع والحيوية الحضرية.
الحفاظ على الهوية الحضرية في المدينة مطلب لكن أيضا لابد من الاعتراف بأن بعض النظام والتخطيط يمكن أن يكون مفيدًا للمستوى العام، فلا يمكن أن نتجاهل مسألة أن الجهود الرئيسية في التخطيط المركزي التي جعلت العاصمة اليابانية واحدة من أنظف المدن وموجهة للنقل العام في العالم. حتى وإن كانت شبكتها المعقدة من الشوارع، والمطاعم المخفية والمباني الكاملة الممتلئة بمزيج من المحلات تكشف وجهًا آخر للمدينة أكثر عفوية وتفرد.
التوفيق بين النمطين في المدينة يسهم في تشكيل الهوية الحضرية الأمثل مع الاهتمام بجانب الرقابة الصارمة، وربما تجسيد رؤيتنا لما ستكون عليه المدينة إذا تحقق التوازن الأمثل والتطور وهو أمر يظهر كيفية تأثير الثقافة اليابانية الفريدة على التصميم وتطور المدينة.
الإشكالية التي تظهر في بعض المدن من خلال هذا النموذج قد تكون في طغيان أحد السمات في هوية المدينة بشكل لافت على الأخرى فلا يستوعب الجمهور الصورة الشاملة لهوية المدينة وربما تبدأ تتشكل في ذهن كل منا رؤية مختلفة لهوية المدينة.
هناك حاجة ماسة اليوم لدراسة هذه التقاطعات في هويات المدن وكيف يمكن أن يستفاد منها بشكل ممنهج بدلا من أن تكون نتيجة عشوائية لتفاعل فئات المجتمع داخل حدود المدينة.
توفير التوازن بين التخطيط المدروس والعفوية في تطور المدينة يعتبر من القضايا الرئيسية التي يجب التعامل معها. التحدي يكمن في الجمع بين القوة الدافعة للشركات الكبرى وحركة الأفراد والأعمال الصغيرة في مكان واحد، مع احترام الثقافة المحلية والهوية الحضرية. التعقيد والتنوع هما جوهر المدن وللحفاظ على ذلك يجب أن نحترم ونتبنى التوازن بين النظام والفوضى وبين القديم والجديد والهدف هو تأمين مدينة حية ومزدهرة قادرة على التكيف مع التحديات المستقبلية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال