الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
استيقظ عبدالله في صبيحة ذلك اليوم الجميل من أيام اغسطس الحارة قبل عدة سنوات، وكان استيقاظه على جرس هاتف متكرر فتفاجأ بانه اتصال من احد أقاربه يطلب منه بشكل مفاجىء تولي ادارة الفندق الضخم المطل على واحد من اهم شوارع جدة والتي بات يربو عدد سكانها على الأربعة ملايين نسمة، ويرتادها السياح من كافة أنحاء العالم لموقعها الجغرافي الهام، لم يدر بخلد عبدالله ان تصنيف هذا الطلب هل يعد تكليفاً أم تشريفاً، وذلك لكون ادارة السياحة بشكل عام امراً جديداً على مجتمعنا وثقافتنا وحتى على بيئة اعمالنا.
التفاصيل كثيرة ومملة، والشيطان في التفاصيل كما يقول المثل، فلن يتمكن عبدالله من ادارة هذا الكيان الضخم بكافة عملياته إلا عند الإلمام بالطريقة العلمية للإدارة الفندقية لأدق تفاصيل العمل، وهذا ما اجتهد فيه من اليوم الأول ولكن كما يحدث عادة في اي بيئة عمل، سيحتار القائد في تحديد أولوياته.
قرر عبدالله حينها ان يطور من نفسه فبدأ بالدورات عن بعد، وتدريجياً وصل إلى الالتحاق بدورات حضورية حتى وصل إلى الدورة الجماهيرية في ادارة المشروعات فوجد نفسه في قلب قاعة ضخمة وفي كل مقعد منها يجلس خبير او متخصص او ناشىء متحمس، احساسه بالاندماج والتداخل مع الفريق جعله قائداً بالفطرة حتى على مجموعته الصغيرة في كافة الأنشطة التدريبية فأصبح يطبق ما تعلمه، ويتعلم ما سيطبقه عندما تنتهي الدورة.
وفي غمرة حماسه هذا، اتجهت كل الأعين اليه عندما ورد على لسان المدرب موضوع هام ويعد اولويةً قصوى في القطاع السياحي، الا وهو معدل الاستخدام “اليوتليزيشن” utilisation الذي يقول عنه الخبراء انه يعد عاملاً حاسماً يحدد كفاءة استهلاك الموارد. بدءًا من إشغال غرف الفنادق وحتى سعة مقاعد المطاعم، وهو يؤدي إلى تعظيم الاستفادة مع ضمان الربحية ورضا العملاء. مما يصل بالمنشأة لتحقيق النمو المستدام من خلال تقديم الخدمات الاستثنائية لعملائها.
“اليوتليزيشن ياعبدالله” قالها المدرب (محدثكم) بلهجة مصرية بصيغة النصح ونية كسر الجليد، فأصبح عبدالله أضحوكة بين زملائه لوهلة، ولكن ذلك أثار التفكير لديه ولدى زملائه حول عمق الكلمة وما يترتب على تطبيق ادبياتها من احكام السيطرة على معدل الاستخدام، وحينها انتهت اللحظة وبدات الفكرة، فأصبح عقل عبدالله يتحرك وفقاً لتحليل بيرت PERT Analysis فلا ينتظر وقوع المصيبة بسقوط معدل الاستخدام إلى ادنى مستوياته، بل تكون هذه الاحتمالات محددة مسبقاً وحلولها وبدائلها جاهزة، فأصبح يدير المنشأة بفكر وثقافة ادارة المشروعات بلا هوادة، وهو في خضم ازدحام الأفكار في رأسه، يجد نفسه يبتسم ويتذكر صوتاً قال له موصياً وناصحاً: (اليوتليزيشن ياعبدالله).
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال